شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 06 اكتوبر 2025م10:25 بتوقيت القدس

الطبيب "الإنسان" وزوجته وابنه..

جمال وميرفت ويوسف.. "هؤلاء نبكي عليهم العمر كله"

11 مايو 2023 - 00:27

"هؤلاء نبكي عليهم العمر كله والله" قالتها سيدةٌ لوسائل الإعلام وهي تبكي. ولكن أيمكن أن يبكي إنسانٌ على أحد العمر كله؟ "نعم" تقول، "إذا كان مثل طبيب الأسنان الإنسان جمال خصوان".

 حسنًا، صار اسمه الشهيد جمال، وعمره 53 عامًا، ارتقى برفقة زوجته الشهيدة ميرفت بنات (45 عامًا)، وابنهما طالب الطب يوسف (20 عامًا)، تاركًا من بعده منّة، ويامن، ويزن، وميرال.. أو وفق وصف الناس "يتامى العيلة"، و"رائحة الغوالي" الذين رحلوا بشكلٍ مؤلمٍ ومفجع.

في التاسع من أيار/مايو، كان العشاء الأخير، كان اللقاء الأخير للفاقدين مع أفراد عائلاتهم. فجرٌ مضرج بالدم راح فيه 13 فلسطينيًا مرةً واحدة بسلسلة غاراتٍ شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على مناطق مختلفة من القطاع، من رفح جنوبًا إلى بيت حانون شمالًا.

من نار القصف إلى "نيران" الفقد، شيّع الأحبّاء الشهداء. صفوفٌ طويلةٌ من الناس التفّت حول الأكفان الثلاثة للطبيب وزوجته وابنه. عيونٌ دامعةٌ وأحضانٌ مواساة، وذهولٌ أصاب ملامح البعض من الذين رفضوا تصديق المشهد. 

وبين هذا كله، كان يامن ويزن يقفان لاستقبال المعزين. ربما لا يدركون هول الفاجعة بعد، فهما مصابان ضمدت جراحهما على عجل لاصطحاب والدهما وشقيقهما إلى مثواهما الأخير.

عن "جمال" بلسان صديقه الطبيب حسن خلف:

من أين أبدأ؟ يسأل نفسه ويقول: "موته كسر قلوبنا. كسر ظهورنا. كيف يموت إنسانٌ كهذا؟ هذا الطبيب حبيب المرضى وحبيب كل الناس".

لم يقبل الطبيب جمال يومًا بأن يخرج أحدهم من عيادته "زعلانًا" مهما كلفه الأمر. لم يشكُ منه أحد يومًا. لم يقبل بظلم أحد يومًا. فهو اللطيف والمحبوب، صاحب القلب الرقيق مع المرضى.

كان يضغط علي كثيرًا من أجل التنازل عن أنظمة المستشفى لنرضي الناس. كان حبيبًا لكل الناس. افتقدناه، لكنه ذهب، راح أبو يوسف.

وهنا ختم بدموعٍ انفجرت وسط كل محاولات لجمها: "مع السلامة يا أبو يوسف، مع السلامة يا حبيبي يا جمال". 

ميرفت بنات، بلسان صديقتها خالدة عايش:

هي صديقة طفولتي، لم أتخيل أن أرثيها شهيدة. خبرٌ وقع على قلبي كالصاعقة. الفراق صعب. والفقد قاسٍ جدًا، يا ليتها لم تمت، يا ليت لو لم يكن في العالم "احتلال". يا ليتني رافقتها حتى بشهادتها! لا أريد أن أصدق أنها ماتت. ميرفت لم تمت، هي حية بقلوبنا. 

تذكر لها موقفًا فتقول: "ذات يوم، احترقت غرفة بمنزلي، فأتت إلي برفقة صديقةٍ أخرى، وقدمت لي مبلغًا من المال لم يكن بسيطًا، منها ومن الدكتور وصديقتنا". هي معطاءة. تدعمني معنويًا باستمرار. موقفها هذا كان أكثر ما يؤثر بحياتي. كيف كانت سندًا وعونًا، وكيف شعرت بي دون أن أتكلم".

يلتف الفلسطينيون حول بعضهم في الجنازات، رغم استمرار القصف والعدوان الإسرائيلي. يتناقشون حول طرق موتهم، بالصواريخ أو القذائف أو حتى بانتظار رفع الحصار المطبق على القطاع منذ 17 عامًا. يحاولون العبور إلى الحياة، لكن أي حياة هذه التي يعثرون عليها ولو صدفة تحت احتلال؟ سماءٌ ملغمةٌ بالطائرات الحربية، وليلٌ يُضاء بنيران القصف المستمرة. راح جمال وميرفت ويوسف، ثلاثة أقمار أنارت قلوب محبيهم، وانطفأت بموتهم المفجع. إنها واحدةٌ من قصص غزة، ويا ليتها الأخيرة المفجعة. هل يمكن؟ 

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير