شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 03 اكتوبر 2025م06:56 بتوقيت القدس

أحمد الهواري.. العائد من الموت "صُدفة"!

30 سبتمبر 2025 - 12:35
أحمد الهواري
أحمد الهواري

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

"حوصرت لـ23 يومًا، ظننت أنني لن أخرج إلا شهيدًا، أو طعامًا للكلاب، أو أخرج من هنا مختلًّا عقليًا. شاهدت الكلاب تنهش لحوم الشهداء، خشيت أن أُؤكل مثلهم، وأن أصير رقمًا في عداد المفقودين الذين تندلع النار في قلوب عائلاتهم."

ليست هذه صورة من فيلم، بل مشهد من مسلسل الإبادة المستمر منذ عامين في قطاع غزة. هكذا حدث تمامًا حين قرر الشاب أحمد الهواري العودة إلى منزله للاطمئنان عليه وأخذ بعض احتياجاته الضرورية لخيمة النزوح بمدينة غزة.

لم يتخيل أحمد، وهو في العشرينيات من عمره، أن تتحول عودته إلى منزله في حي الزيتون شرقي المدينة إلى حصار دام 23 يومًا. ذهب ليطمئن على بيته ويأخذ ما يلزمه، لكن الرصاص الذي تطلقه المسيرات الإسرائيلية في كل اتجاه حبسه بين الجدران، وحوّل منزله إلى فخٍّ للموت.

نفدت بقايا الطعام هناك بعد عشرة أيام فقط، عاش خلالها الجحيم ساعة بساعة، بل لحظة بلحظة، تحت نيران جيش الاحتلال وقذائف مدفعيته، فيما كانت شظايا الروبوتات المتفجرة تتطاير من حوله وأزيز الطائرات لا يهدأ، كما طلقات المسيرات التي تتخذ من المدينة مرتعًا لها.

يقول أحمد: "منذ اليوم الثالث عشر لم أجد سوى الماء ليبقيني حيًا رغم أنه غير صالح للشرب. انقطع الاتصال منذ اليوم الأول وبِتُّ معزولًا تمامًا عن العالم."

في اليوم الحادي والعشرين قصفت طائرات الاحتلال منزل جيرانه فانهار جزء منه على منزله، ثم عاودوا استهداف المنزل نفسه فأُصيب في كتفه. يروي: "أخذت أرفع الركام الذي جثم على صدري، حاولت ربط كتفي بقطعة من ملابسي. جلست مكاني ولم أعد أفكر سوى بالموت، أن أكون طعامًا لحيوانات جائعة تحت سماء ملتهبة بالصواريخ."

وفي اليوم الثالث والعشرين، بينما كان التعب ينهش جسده تحت ركام منزله، سمع أصوات أناس يسيرون في المنطقة. يقول: "ظننته حلمًا، آخر ما توقعت أن أخرج من هنا حيًا حتى رأيت رجال الدفاع المدني أتوا لانتشال شهيد من المنطقة."

اقترب أحمد منهم وهو خائف من أن يكون ما يعيشه مجرد وهم. تحسّسوه وفحصوه، ولا يزال حتى بعد شهر ونصف على إنقاذه غير مصدّق نجاته. يفكّر بكل تفصيلة مرّت عليه ويتساءل: "كيف نجوت من موت محقق بعد 23 يومًا من الحصار والعطش والرعب؟".

كاريكاتـــــير