شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 06 اكتوبر 2025م10:20 بتوقيت القدس

الممرض إلياس أشقر: آخر المقتولين أبي

24 فبراير 2023 - 20:16
من جنازة الشهيد عبد الهادي أشقر
من جنازة الشهيد عبد الهادي أشقر

نابلس:

الحزن هنا قاطن في القلوب، مهما حاول الإنسان رفع مستوى الأمان، فكر أحدهم أنه سيمارس الرياضة يوم إجازته، سيسمع الموسيقى ويخرج بنزهة مع صديق له، لكن في الحقيقة انقلبت حياته رأساً على عقب، إنها قصة الشاب إلياس عبد الهادي أشقر.

أنهى إلياس دوامه كممرض بمستشفى النجاح في نابلس، أعلنت حالة الطوارئ بسبب عدوان إسرائيلي باغت المدينة، عشرات الفلسطينيين وقعوا بين جرحى وشهداء، "أبوي، هذا أبوي" دوّي صراخه اخترق القلوب، وبدت الفاجعة أوضح، حين أدرك الشاب أن محاولاته إنعاش إحدى الإصابات كانت لوالده.

أحمد الأسود ممرض بالمشفى ذاته، تحدث عن تفاصيل الصدمة: "استدعينا لغرفة الطوارئ، ركضت أنا وإلياس لإسعاف جرحى دون النظر إلى وجوههم، أتى جراح قلب وفتح صدر أحدهم قبل أن يعلن وفاته ليلمح أبيه وحينها صرخ أبوي!"

وقصة الفقد هذه دارت على  11منزلاً استشهد أحد أبنائه، ، وأصيب أكثر من 100 آخرين بجروح، بينهم 7 بحالة خطيرة، إثر استهدافهم برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في نابلس.

وأعلنت الصحة أن الشهداء هم: المسن عدنان سبع بعارة (72 عاماً)، والشاب محمد خالد عنبوسي (25 عاماً)، والشاب تامر نمر ميناوي (33 عاماً)، ومصعب منير عويس (26 عاماً)، وحسام بسام إسليم (24 عاماً)، ومحمد عمر أبو بكر (23 عاماً)، والشاب وليد دخيل (23 عاماً)، والمسن عبد الهادي أشقر (61 عاماً)، ومحمد فريد شعبان (16 عاماً)، وجاسر جميل قنعير (23 عاماً)، إضافة المسن عنان شوكت عناب (66 عاماً)، الذي استشهد متأثراً بإصابته جراء الاختناق بالغاز المسيل للدموع.

في فلسطين تسقط الأعمار وكأنها صنعت من ورق، لا يعرف الناس من ينجو منهم، هل من يموت هو الميت حقاً أم الأحياء الذين يعيشون حزناً عميقاً؟ صدمات متتالية وفواجع مستمرة. لا يحتاج المرء إلى موسيقى حزينة للبكاء، يكفي أن يمر شريط ذكرياته منذ طفولته بين زخات الرصاص وصواريخ الاحتلال التي تمثّل بأجساد الفلسطينيين. 

يداري إلياس دموعه بأكمامه لكن صوته يتفجّر وهو ينادي على أبيه لعله يحيى من موته المريع، تغلغل الفقد فيه حتى وصلت إلى العمق، أكل روحه وتفشى كأنه داء لا شفاء منه، لكنه طبيعي، كيف؟ بالعيش تحت الاحتلال. جيش لا يملّ من انتزاع أكباد الناس الذين يحاولون إقناع أنفسهم بقليل من الحياة، هناك أمل وهناك فرصة، فهل تكتمل؟

يتفنن الجنود بصنع أشكال الموت ويتسابقون على إراقة الدماء وسفكها، تسير الجنازات كالأعراس بمشاركة الصغار والكبار، تطلق فيها الزغاريد وتُرش الورود على الشهداء كأنهم "عرسان" يزفّون إلى دار جديدة، بفارق أنها الأخيرة، وحيدون إلا من دعاء أحبائهم.

كاريكاتـــــير