شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025م08:55 بتوقيت القدس

عن "حَسن" الإنسان.. قالوا "مرَّ وهذا الأثر"

10 يونيو 2025 - 16:30

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

"فقعت.. متت من جوا"، قالتها مسنّة عندما بلغها خبر استشهاد الصحافي الفلسطيني حسن اصليّح، في الثالث عشر من مايو/ أيار الماضي، وعادت تبكي.

أضافت آنذاك في مقطع فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "سيفتقده الفقراء مثلي. كانت يده ممدودة بالخير دائمًا".

أمام خيمته، قضت المسنة ساعات، تترقبها عين الكاميرا، بينما الحسرة تأكل قلبها وهي تتساءل: "من سيتفقدني في الخفاء كما كان يفعل حسن؟ من سيطبطب على قلبي الجريح كما حسن؟".

وفق وصفها، فإن حسن اصليّح الإنسان، كان قلبه أرقّ من قلب الطير. يعطي فلا يعلم أحد بما أعطى. تكمل: "كان يلح علي بالجلوس، ويطعمني من كل ما لديه، ويلحّ علي بالأكل، ويطبطب على ظهري كما لو كنت أمه".

وعقّبت بحسرة: "المنيح بس هو اللي بروح"، ثم أمسكت منديلها، وبدأت تمسح دموعها المنهمرة على وجنتيها كمطر الشتاء، وأردفت: "والله بس يرجع. ما بدي منه إشي، بيكفي طبطبته على قلبي".

هكذا، قرر أناسٌ لم يظهروا في الصورة مع حسن مسبقًا، أن يتحدثوا عنه، وأن يخبروا كل من عرفه أن الصحافة لم تكن يومًا مهنة تشريف، بس مهنةً إنسانية، تحتم عليه أن يكون أبًا للعطاء، وأيقونةً للصبر والكرم.

الشيخ محمد أبو مصطفى، أيضًأ، رصدته عيون كاميرات الصحافيين في جنازة حسن يمشي ويبكي مرددًا: "والله كان يساعدني ويقف معي، مسح دموعي وحوّل سواد قلبي رضا".

ويحكي لـ"نوى" الحكاية، من البداية: "لقد أنقذ حسن ابني (10 سنوات) من الموت عندما كان في إحدى مدارس النزوح. كان نائمًا عندما سقط على رأسه حجر، وبقي يصارع الموت في غرفة العناية المركزة".

زوجتي استشهدت، ولم يكن أحد بجانبي، لم تجد قدماي مكانًا تدوسه وهي مطمئنة إلا حيث يتواجد حسن، ولم يخب ظني به إبدًا".

يضيف: "زوجتي استشهدت، ولم يكن أحد بجانبي، لم تجد قدماي مكانًا تدوسه وهي مطمئنة إلا حيث يتواجد حسن، ولم يخب ظني به إبدًا".

يتابع: "أخبرته مرة أن ابني متعب، فلم يتركني لأكمل الكلام، إلا وقد مد يده بجيبه وقدم لي مبلغًا ماليًا لأشتري له العلاج".

بفضل الله ثم حسن، تمكن نجل أبو مصطفى من النجاة والمشي على قدميه مرةً أخرى. يقول: "في شهر رمضان الماضي، كنت جالسًا بخيمته، نادى علي من بين الجميع وأخذني خارجًا وأعطاني مبلغًا من المال لابني".

وعن أكثر المواقف التي يفتقد وجود حسن فيها الآن، "عندما انقطع الطحين عن أطفاله فبقوا جائعين". يعقب: "لو كان حسن موجودًا بيننا الآن لما تركنا لهذا الهلاك".

لم يكن خبر استشهاد اصليح هينًا على أسماع وقلوب أفراد عائلة أبو مصطفى. يصف: "كالصاعقة زلزلت قلوبنا جميعًا، بكيناه كما لم نبكِ أحدًا قبله قط".

"كان حسنًا في اسمه وفعله، صاحب يد بيضاء، مسح دمعة اليتيم وزرع الابتسامة على وجه الأرملة".

وعن حسن، فقد وصفه أبو مصطفى: "كان حسنًا في اسمه وفعله، صاحب يد بيضاء، مسح دمعة يتيم وزرع الابتسامة على وجه الأرملة"، يعقب بحسرة: "لقد فقدنا أسطورة من العطاء، وسيبقى ذكراه خالدًا فينا ما بقينا أحياء".

أما عن بداية عمله الخيري، يقول الصحافي في وكالة علم 24 أبو نداء اصليح لـ"نوى": "منذ سنوات طويلة بدأ حسن يعمل مع عدة مؤسسات خيرية محلية ودولية، كان يشعر بمسؤولية كبيرة تجاه أبناء شعبه في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها".

نجح حسن في عمله الخيري للوصول لكل فئات المجتمع، وخاصةً الأيتام والمرضى والأسر الفقيرة، يضيف أبو نداء: "كان هدفه الأسمى أن يسد جوع الناس ولو بأقل القليل، وأن تبقى بصمته الإنسانية محفورة في كل مكان".

ورغم المخاطر والتهديدات المباشرة التي واجهها خلال الحرب الإسرائيلية، لم يتوانَ حسن عن عمله الخيري، مؤمنًا بأن "الخير لا يعم إلا بالعطاء، وأن العمل الخيري جزء من الرسالة الإنسانية لأي إنسان أيًا كانت مهنته" وفق تعبيره.

كاريكاتـــــير