شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم السبت 27 ديسمبر 2025م06:56 بتوقيت القدس

حزام باطون سقط على ظَهر أُم..

مأساةٌ في لحظة "لعب".. شلل نصفي سبّبه المطر!

23 ديسمبر 2025 - 09:52

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

في ساحة ضيقة مقابل غرفتها المتهالكة غربي دير البلح، وسط قطاع غزة، أمسكت إخلاص الطويل يد ابنها سهم، البالغ من العمر ثلاث سنوات، ودعته للعب "البنانير".

كانت تحاول أن تمنحه لحظة طفولة بسيطة، وسط واقع النزوح والفقدان الذي يعيشه سكان قطاع غزة منذ عامين على حرب الإبادة. ابتسامته الصغيرة كانت كافية لتنسيها القلق الذي يثقل قلبها منذ أن تركت بيتها في غزة بسبب الحرب، لكن فرحة الأمومة سرعان ما تحوّلت إلى مأساة.

تروي الأم ما حدث: الغرفة التي كانت تسكنها، التي كانت مقصوفة ومتضررة سابقًا، انهارت فجأة تحت وطأة المنخفض الجوي الذي اجتاح القطاع بالأمطار الغزيرة والرياح العاتية. تقول: "سقط حزام من الباطون على ظهري، وجثم فوق عامودي الفقري. تركني مشلولة نصفيًا، عاجزة عن الحركة أمام عينَي طفلي الصغير".

تعيش إخلاص حاليًا في غرفة داخل المستشفى، تفتقر إلى أبسط مقومات العلاج والتأهيل الطبيعي. تنادي من أجل كرسي متحرك ولو مؤقت، لتتمكن من الخروج ولو للحظة، وتناشد فتح باب السفر خارج غزة لتلقي العلاج الضروري وتأهيلها الطبيعي. وتضيف: "ظننا أن الحرب انتهت، لكنها في كل حدث تعود لتذكرنا أنها مستمرة. لم يتوقف الموت، بل اتخذ أشكالًا وأساليب أخرى. استسلمت لذلك، لكن كل ما أرجوه اليوم أن أستعيد جزءًا من حياتي مع أطفالي الأربعة الذين يعتمدون عليّ".

ما تعرضت له إخلاص ليس حالة فردية، وفق بيانات الدفاع المدني الفلسطيني ووزارة الصحة في غزة، فقد سجل ما لا يقل عن 13 حالة وفاة جراء المنخفض الجوي حتى 18 ديسمبر 2025م، بينهم رضيع توفي بسبب البرد القارس.

قصة إخلاص الطويل تمثل صرخة آلاف النازحين في غزة الذين يعانون ليس فقط آثار الحرب، بل هشاشة المأوى أمام الطقس القاسي، وانهياره على أم تحاول منح طفلها فرصة حياة.

أما عن انهيار المنازل، فقد بلغ عددها 13 منزلًا بالكامل، إضافة إلى غرق نحو 27 ألف خيمة للنازحين نتيجة الأمطار الغزيرة، فيما تعرضت عشرات المباني الأخرى لانهيار جزئي، ما يهدد حياة آلاف السكان الذين يعيشون في مناطق متضررة من الحرب.

قصة إخلاص الطويل تمثل صرخة آلاف النازحين في غزة الذين يعانون ليس فقط آثار الحرب، بل هشاشة المأوى أمام الطقس القاسي، وانهياره على أم تحاول منح طفلها فرصة حياة، لكن الواقع حولها انقلب على لحظة الفرح وحوّلها إلى خطر داهم.

تناشد الأم، كعشرات الآلاف غيرها، فرصة للعلاج وكرسيًا متحركًا، لتتمكن من العودة إلى حياة مقبولة مع أطفالها ولو للحظات من الأمان والراحة النفسية، لكن الغزي لا يكف عن الصراخ والتساؤل: "هل من أحد يسمعنا؟" تمامًا كما فعلت إخلاص.

كاريكاتـــــير