شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاحد 28 ابريل 2024م06:43 بتوقيت القدس

رحلة البحث عن "ماءٍ" للشرب.. قهرٌ في كلِّ خطوة!

21 نوفمبر 2023 - 18:19

شبكة نوى، فلسطينيات: رفح- رشا أبو جلال

تستيقظ هناء اسليم (22 عامًا) في تمام السادسة صباحًا، لتبدأ رحلة البحث الطويلة عن ماءٍ صالحةٍ للشرب في حي السلام بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

ونزحت اسليم برفقة عائلتها قبل نحو أسبوعين من بيتها في حي النصر بمدينة غزة، هربًا من القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي.

وقطعت "إسرائيل" منذ بدء عدوانها، الماء والكهرباء والوقود عن قطاع غزة بشكلٍ كامل، وأغلقت معبر كرم أبو سالم التجاري المخصص لدخول الغذاء للقطاع، الأمر الذي خلق مأساةً إنسانيةً كبيرة في صفوف الفلسطينيين.

تستذكر اسليم، وهي طالبةٌ جامعية، مشهد الصواريخ التي انهمرت على رأس بيتها فدمّرته، وتقول: "لقد حولت طائرات الاحتلال بيتنا إلى ركام، ودمرت مستقبلنا، وجعلت حياتنا جحيمًا لا يُطاق، وبتنا نبحث عن الغذاء والماء بشكل يومي".

وتتجول اسليم في طرقات مدينة رفح بشكلٍ يوميٍ مصطحبةً معها جالونين بلاستيكيين، بحثًا عن أي مصدرٍ لتعبئة مياه الشرب.

وتضيف: "لا يوجد مكانٌ محدد يمكن الحصول منه على مياه الشرب، وهناك بعض العربات التي تجرها الحيوانات التي تبيع المياه متجولةً في الطرقات. قبل أسابيع كانت هناك مركبات تنقل المياه إلى منازل السكان، لكنها توقفت عن العمل بسبب نفاد الوقود".

تسير اسليم مسافاتٍ طويلة تصل إلى نحو كيلو متر يوميًا، بحثًا عن هذه العربات من أجل تعبئة جالونين تحملهما، وتقول: "يبلغ سعر تعبئة الجالون الواحد (١٦ لتر) ثلاثة شواكل، هذا ثمن غير معتاد لسعر المياه الصالحة للشرب".

ويحصل سكان المدينة على مياه الشرب من بعض محطات التحلية التي تعمل بالطاقة الشمسية، ولكنها لا تكفي على الإطلاق لسد حاجة المدينة، خاصةً بعد أن نزح إليها مئات الآلاف من سكان شمال وادي غزة.

مثل الفتاة اسليم الآلاف من السكان الذين يبحثون يوميًا عن مياه الشرب في طرقات وأزقة المدن والمخيمات الفلسطينية، الواقعة جنوبي وادي غزة.

وطلب جيش الاحتلال من جميع سكان شمال وادي غزة، النزوح إلى جنوبه بعد نحو أسبوع من بدء عدوانه على القطاع، مسببًا كارثة إنسانية لم يعرف مثلها الفلسطينيون منذ النكبة الفلسطينية عام ١٩٤٨م.

أما الفتاة حليمة أبو شمالة فتقضي عدة ساعات يوميًا بحثًا عن مياه الشرب في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.

وتقول لـ"نوى": "أقضي يوميًا نحو ساعتين بحثًا عن باعةٍ متجولين يبيعون مياه الشرب، وفي عدة مرات لا أعثر عليهم، الأمر الذي يجبرني في النهاية على الذهاب إلى أحد المساجد التي تعبئ مياهًا مخصصةً للشرب".

تستدرك: "لكن هذا الخيار يجبرني على قضاء المزيد من الوقت، يمتد لساعتين إضافيتين، وربما لثلاث ساعات وقوفًا في طابورٍ طويلٍ أمام المسجد من أجل الحصول على المياه".

وتابعت: "لم نعد نحتمل هذا الوضع المخيف، نشعر أننا في ضياعٍ حقيقي، لقد دُمر ماضينا، وضاع حاضرنا، ولا نعلم مستقبلنا كيف سيكون شكله".

وتشكل معضلة البحث عن المياه الصالحة للشرب أعباءً إضافيةً يومية، ألقت بها الحرب على كاهل النساء النازحات، خاصةً لمن استشهد أزواجهن، مثل السيدة فريدة أحمد من شمال قطاع غزة.

واستشهد زوج فريدة في مجزرة جباليا الأولى، التي راح ضحيتها عشرات المواطنين بعد أن قصفت طائرات الاحتلال مربعًا سكنيًا كاملًا على رؤوس ساكنيه في معسكر جباليا.

نزحت أحمد مع عائلة زوجها إلى مدينة رفح عقب هذه المجزرة، وباتت المعيل الرئيسي لأطفالها الذين يبلغ عددهم ٦ أطفال.

وتقول أحمد لـ"نوى": "بعدما استشهد زوجي أصبحت مسؤوليتي تجاه الأطفال أكبر. يوميًا أتجول في طرقات المدينة بحثًا عن المياه، وفي أحيان عديدة أعود إلى البيت بخفي حنين، بسبب عدم وجود مياه صالحة للشرب".

وأوضحت أحمد أنه في بعض الأحيان يتطوع جيرانها لتوفير المياه وبعض الغذاء لأطفالها بلا مقابل، رأفة بحالها، وتتساءل بحرقة: "ما الذي جرى لنا؟ لماذا كل هذا؟ يا ترى هل سنعود إلى منزلنا؟ كيف سيكون حالنا بعد هذه الحرب؟".

حتى موعد نشر هذا التقرير، قتلت "إسرائيل" في حربها ضد قطاع غزة نحو ١٢٥٠٠ فلسطيني، بينهم أكثر من ٣٥٠٠ سيدة، و٥٠٠٠ طفلًا.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير