نابلس:
"شباب ما بخلوا على البلد بدمهم، بدك نبخل على عائلاتهم بشوية مصاري؟" هكذا ردّت المسنة صفية عواد من مدينة نابلس باستهجان، على صحفيٍ سألها بعفوية: "ما الذي دفعك للمساهمة في حملة التبرع للمدينة؟". هنا لا مكان للافتراض، فالقلب واحد والوجع واحد، والهدف واحد "إعمار ما يهدمه المحتل في كل مرة مهما كلف الثمن" تقول.
حملة "نابلس عزها بناسها" انطلقت هذه المرة لإعادة إعمار منزلَي أسيرين هدمهما الاحتلال، بدعمٍ من "الحملة الشعبية لإعادة بناء منازل الأحرار" ومؤسسات المدينة.
لم تكتفِ المسنة بفكرة التبرع، بل أصرّت على الوصول إلى مكان الصندوق لتؤكد وقوفها بجانب أصحاب المنازل المهدمة ليس ماديًا فحسب، بل معنويًا، مضيفة بعاميةٍ بسيطة: "هدول أولادنا، عزنا وعزتنا. مهما تحاول إسرائيل تعمل لن تنال من عزيمتنا ولن تكسر آمالنا بإنهاء مقاومتهم".
وضع القائمون على الحملة صندوق جمع التبرعات في ميدان الشهداء وسط نابلس، بحضور والدي الأسيرين كمال جوري وأسامة الطويل، اللذان هدم الاحتلال منزليهما الشهر الماضي.
ويقول مازن الدنبك منسق الحملة: "إن المدينة بأكملها لم تتردد حين أُعلن عن انطلاقها. بادر الناس من كل حدب وصوب للتبرع، فالجميع هنا لا يرون المقاومين إلا أبناءً لهم"، متابعًا: "نابلس ستقف إلى جانب عائلاتهم، وخلف عنوان حملتنا الكبير: ليهدم الاحتلال، ونحن نبنيها مجددًا".
مع الساعات الأولى لانطلاق الحملة، هبّ الناس إلى التبرع بمختلف أعمارهم. أمرٌ أثّر بوالدَي الأسيرين الجوري والطويل، اللذان أكدا أن ما يحدث من هبة جماهيرية للنصرة والمساعدة، ما هي إلا "جزء من أصالة شعبٍ وفيٍ لأبنائه، يحاول لجم حزنٍ يعصر قلوب أفراد عائلات المقاومين، ويقدم الدعم لهم".
وبحسب الدنبك فمن المقرر أن تستمر الحملة حتى الخامس من أغسطس الجاري، حيث وزعت الصناديق بين عددٍ من البلديات والجامعات والنقاط، التي أعلن عنها عبر الإذاعات المحلية.
يتابع المنسق: "هذه المبادرة ليست الأولى من نوعها، إذ كانت الأولى عام 2015م، بعد هدم منازل منفذي عملية إيتمار"، مؤكدًا أهميتها لإسناد العائلات الفاقدة، تحت الإجراءات القاسية التي يمارسها الاحتلال ضدهم.
أما بالنسبة للأسيرين اللذين دُمر منزليهما، فهما كمال جوري (22 عامًا)، وأسامة الطويل (22 عامًا)، منفذا عملية إطلاق نار قرب مستوطنة "شافي شمرون" غربي نابلس، وأسفرت حينها عن مقتل جنديٍ إسرائيليٍ في 11 أكتوبر الماضي.
وانتشرت عبر مواقع التواصل، مقاطع فيديو توثِّق مشاركة العشرات من الأهالي في الحملة وجمع التبرعات، في صورةٍ تعكسُ التكاتف الشعبي الذي يتمتع به الفلسطينيون تجاه بعضهم البعض.
ووصلت المبالغ التي جمعت وفقًا لمصادر محلية، إلى 24 ألفًا و500 شيكل إسرائيلي (6600 دولار أمريكي) في اليوم الأول من انطلاقها.