شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م17:56 بتوقيت القدس

قتلوا الحياة في قلب الرجل

عن حازم مهنا الذي قصف الاحتلال "متحفه"

21 مايو 2023 - 10:33

قطاع غزة:

تقبض "الحرب" أرواح الناس وممتلكاتهم. يتحولون إلى وقود يشعل نشوة "إسرائيل" بالانتصار. انتصار يحوّل الضحايا، هنا في قطاع غزة إلى "ماكينات" تجهّزت للموت، فقط للموت. يستفيقون على رائحة الدم وينامون على ركام منازلهم المدمّرة! ولكل منزل قصة، حازم مهنا نموذجًا!

صار المتحف بقلب جورة، طمّه الركام. لا أعرف من أين أواسي نفسي، من تدمير المنزل شقاء العمر الذي بنيته على مدار 40 عامًا بيدي وأيادي أبنائي؟ أم على المتحف الذي جمعت مقتنياته على مدار 50 عامًا؟ "يا الله صبرني، يا الله اربط على قلبي وخذ بيدي لأستمر بنفسي، فأنا ميت الآن" يقول الرجل.

يدور فوق الركام، يحاول النبش بين الحجارة لعله يجد شيئًا ينعش روحه. فهذه القطع حبيبات له، تذوّق طعمها وشم رائحتها كل ما عثر على واحدة منها وربما كانت من أغرب طرق الفحص إن كانت حقيقية أم مزيفة! 

من المقتنيات أحجار كريمة وساعات وعملات من الفضة، وأخرى ورقية مصرية قديمة، وبينها لوحات فنية.

ويضيف "كانت لدي حياة هنا وفقدتها، هل يبق للإنسان أغلى من حياته؟ أنا مخي راح. طار مع القصف. لا أذهب إلى أي مكان منذ لحظة الضرب، أنام فوق الحطام".

يعود ليتمتم بينه وبين نفسه وهو يتأمل وينبّش، "كان لدي عكّاز تاريخي لا مثيل له في العالم كله، أين سجادات الصلاة والأباريق المعدنية؟ على إيش بدك تعيط ولا على إيش يا حازم".

ثم يتساءل بحرقة قلب وقهر يسمع دويّه في قلوب المحيطين به "ماذا فعلت ليدمّر الاحتلال منزلي؟ ماذا وجدوا بقلب المنزل؟ بنيته حجر حجر لـ 40 عامًا". 

لم يكن يرى الرجل في منزله غير متحف قيّم. كهاوي يُقدّر الآثار، لم يجمعها بغرض البيع بل لشغفه بها وانتزاعها لقلبه. 

نكبة فلسطين مستمرة، في التهجير والتدمير والاقتلاع ومحو كل ما يدلّل على أحقية الإنسان لهذه الأرض، هكذا ينظر إلى الحدث الجلل. موضحًا "هجرونا اليوم أنا وأبنائي من منزلنا، نسفوا دار أبوي في قرية المسمية من قبل".

مقهور وموجوع، راحت الدار. راح المتحف. راحت روحي التي انطفأت بالقصف عند أول صاروخ فجّر كبدي! كانت الآثار فلذة كبدي، لم يبق بي طاقة للاحتمال. أشعر كأنني مت لحظة قصف المنزل. أشعر أن أجزاء من جسدي تطايرت في حجارته عبر الآثار، يا عالم، أنا ماذا فعلت ليصير بي هكذا؟ ليجيبه أحد أيها العالم! 

كاريكاتـــــير