شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م09:54 بتوقيت القدس

في فلسطين.. "كادَ المعلمُ أن يموتَ فقيرًا"

26 فبراير 2023 - 23:51

الضفة الغربية:

"هل هكذا تكون مكافأة المعلم؟" تتساءل معلمة فلسطينية أمام كاميرات الصحافة التي جاءت تغطّي اعتصام المعلمين في الضفة الغربية، احتجاجًا على تنصل الحكومة الفلسطينية من التزاماتها تجاههم.

الإضراب بدأ منذ نحو شهر بنسبة 90% من مدارس الضفة الغربية، رغم محاولات وزارة التربية والتعليم كسره بخصم أيام عمل من رواتب المعلمين، والتهديد بالنقل والفصل، وإدخال معلمين بدلاء.

ويطالب المعلمون بصرف راتبٍ كامل، وعلاوة بنسبة 15% بحسب الاتفاق الموقع، وتشكيل نقابة معلمين تُنتخب ديمقراطيًا، "وهذه أبسط حقوقنا، وليست منةً من أحد" تصرخ المعلمة نفسها بانفعال.  

ويشكو المعلمون والمعلمات سوء أوضاعهم الاقتصادية، فـ"هيام" التي اكتفت بذكر اسمها الأول، تؤكد أنها بالكاد تتدبر أمور حياتها، "ولولا الجمعيات التي أشترك بها، لما تمكنتُ من توفير أدنى احتياجات بيتي وعائلتي. أقرب مثال ثلاجتي المهترئة التي صبرت عليها سنين طويلة، لم أستطع تغييرها إلا بعد أن اشتركت في جمعية مع زملاء لي في العمل، وأسدد أقساطها حتى اليوم" تزيد.

وتضيف هيام الأم لأربعة أولاد: "نحن نعلم ونربي أجيالًا، كيف لا تستطيع الحكومة تلبية حقوقنا؟ نعيش على أقل القليل، ونتفانى بعملنا في الوقت ذاته"، مؤكدةً أن ما يحدث يؤثر بشكل سلبي جدًا على أبنائها وصحتها النفسية أيضًا. ترى ذلك عندما تريد على سبيل المثال لا الحصر شراء "الدجاج المسحب" بقيمة 36 شيكل للكيلو الواحد، نتيجة الغلاء المعيشي الذي تصفه بـ "القاتل".

وتعقب: "الحكومة لا تحل مسألة الغلاء، فقط تفلح باقتطاع رواتبنا وحقوقنا، وقمع أي حراك للمطالبة بها"!

"لا تكسرونا، دعونا نعمل بسلام"، كانت هذه رسالة المعلم عماد أمين للحكومة، إذ يقول: "خرجتُ للاعتصام، وقلبي يعتصر ألمًا لأجل الطلبة. أراهم في كفة، وعائلتي أيضًا في الكفة الأخرى. الكفّتان بنفس الوزن، ونفس الأهمية بالنسبة لي".

ويكمل: "أنا أتمم عملي على أكمل وجه بتدريس الطلبة، لكن الحكومة لا تقف عند مسؤولياتها فيما يتعلق بقوت أبنائي. مرغمٌ على الإضراب، وأتألم لتبعاته على الطلبة، لكن الضغط الذي نعيشه نحن في بيوتنا أيضًا مؤلم، وحتى في فترات التعويض سنعيش ضغطًا عاليًا نحن والطلبة في آنٍ معًا".

الضغط ذاته يثقل كاهل عماد في منزله منذ أكثر من عام. لقد صار لاسمه صفحة بدفتر الدين الخاص بإحدى الدكاكين القريبة، فهو يخجل حين يطلب أبناؤه شيئًا منه ألا يستطيع تلبيته، يسألونه: "ألا تعمل مدرسًا، وين راتبك يا بابا؟" 

كذلك الحال بالنسبة للمعلم ياسين حسين، الذي اكتفى بقوله "لا نطلب سوى لقمة العيش! على الجميع تحمل مسؤولياته، وكما يُقدّرُ المهندس والدكتور، فللمعلم مكانةٌ أيضًا".

وبدأت القصة قبل أكثر من عام، عندما صرفت الحكومة الفلسطينية ما نسبته 85% من رواتب المعلمين بسبب أزمة مالية تعود لاقتطاعات الاحتلال من أموال الضرائب، التي تجبيها في المعابر نيابة عن السلطة.

وفي مايو/أيار الماضي، وافق اتحاد المعلمين والحكومة على مبادرة للمؤسسات الأهلية المختصة بالشأن التربوي، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ومجالس أولياء الأمور، ومن بنودها: صرف علاوة 15% مع مطلع 2023م، والعمل على دمقرطة اتحاد المعلمين، لكن شيئًا لم يطبق حتى اليوم!

ووفق معطيات وزارة التربية والتعليم الفلسطينية للعام الدراسي 2022 – 2023، يبلغ عدد طلبة مدارس فلسطين مليونًا و358 ألفًا، منهم قرابة مليون في المدارس الحكومية، وأغلبهم من الضفة الغربية. بينما يبلغ عدد المعلمين الإجمالي قرابة 74 ألف معلم ومعلمة، منهم 52 ألفًا في المدارس الحكومية.

كاريكاتـــــير