شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 16 ابريل 2024م15:42 بتوقيت القدس

أبو زكريا يبيع "الرضا": "ترمس.. وعليه لمون"

16 يناير 2023 - 14:01

قطاع غزة:

على بوابة كل حارةٍ يقفُ قليلًا وينتظر "المعجزة"! لقد أتقن عمله بما يكفي حتى يكافئه الله، وهذا ما يؤمن العم أبو زكريا بائع الفول النابت والترمس بأنه سيحدث ذات يوم.

مع إشراقة كل صباح، يمضي بعربته الصغيرة متقفيًا صوت الرزق، ويبدأ بانتزاع انتباه المارّة عبر مايكرفونه الخاص: "يلي تايه في العنوان، أبو زكريا هيو هان". هو ليس مجرّد بائع متجول، بل يمكن أن تقول إنه أحلى عازف لـ"سمفونية" الصمود فوق هذه البقعة المحاصرة، هكذا يتفق الناس.

في التفاصيل، اسمه أيمن الغزالي، في الأربعينيات من عمره، يبدأ عمله من التاسعة صباحًا حتى العاشرة منذ 18 عامًا، تحديدًا، منذ ورث مهنته من جده بعد سنوات من مساعدته له، ليصبح اليوم أشهر بائع للفول النابت في كافة أرجاء القطاع، رغم تواجده فقط في نطاق مدينة غزة.

"لكن الزوار الذين يأتون إلى كورنيش البحر، من الشمال والجنوب للاستجمام، يعرفونني جيدًا" يخبرنا شارحًا، ويضحك.

يدرك أبو زكريا بأن هذا العمل لن يتركه ثريًا، "لكنه يستر من الفقر في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من عقدٍ ونصف"، ويقول: "أعيش بمنزلٍ مؤجر، ولا يُغطي مدخولي اليومي احتياجاتي، لكنني راضٍ، وأحاول".

وبلغت نسبة الفقر خلال العام 2022م حوالي (64%)، فيما تعاني أكثر من نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي، بسبب الفقر والبطالة التي وصلت مستوياتها إلى ما نسبته (51%)، وهي واحدة من بين أعلى معدلات البطالة في العالم، وهذا ما يفسر اعتماد (80%) من الغزيين -وغالبيتهم من اللاجئين- على معوناتٍ إنسانية تقدمها منظمات محلية ودولية، وفي مقدمتها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

ما أن يطل أبو زكريا بعربته التي يجرها على دراجة هوائية حتى يلتف الزبائن حوله، يطلبون منه الترمس و"الفول المشوي أو المسلوق" مع الكثير من حبات الليمون والبقدونس، وهو لا يبخل بإكرامهم فيها، برغم تقاضيه مبلغًا بسيطًا من المال.

يشير بأن كل مواطني قطاع غزة يعرفون التسالي التي يبيعها، ولجودتها يفضلونها عن غيرها، مقابل شيكل واحد (ما يعادل ربع دولار فقط)، يحبها الغني والفقير وجميع الفئات من الصغار والكبار.

وربما كانت شعاراته التي ينادي بها سببًا في لفت انتباه الزبائن، حيث يناديهم قائلًا: "فول نابت مشوي شوي"، و"كستناء يا فول"، "تعال عنا هان، أبو زكريا هيو هان" و"يلي تايه في العنوان أبو زكريا هيو هان.. وعليه لمون".

"لماذا يحبك الناس؟" سألناه، فأجاب وقد اعتلت محيّاه ملامح "الرضا": "لأنني كريم ربما، أو لأنني أبتسم في وجه الجميع"، ثم تابع: "ربما لأنني أسير في حياتي على قاعدة "إكرم تُكرم"، خاصةً لو كان الزبون غريبًا عن البلاد، فله تحية خاصة، وإكرامية أكبر".

يعقب مبتسمًا وقد همّ بالرحيل: "هذه صورة بلادنا التي نحب أن تصل إلى العالم.. أمام الزوار، أمد يدي بالتسالي إليه كإجابة، إن استفسر عن عطاء الفلسطينيين.. المحاصرين في غزة"!

كاريكاتـــــير