الضفة الغربية:
"لا أنكر أن تجربة الأسر جعلتني أتخذ قرارًا بعدم الاستمرار، لكن إحدى الأسيرات قالت لي: نجاحك فقط، سوف يكسر زيف انتصارهم".. هي باختصار حكاية الأسيرة المحررة زمزم القواسمي، طالبة التوجيهي، ابنة مدينة الخليل.
في أكتوبر من العام 2022م، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي "زمزم" لدى مرورها عبر حاجز عسكري على مدخل شارع الشهداء وسط مدينتها؛ لتتنقل بعدها بين مراكز التحقيق، التي كان آخرها "سجن الدامون"، قبل توجيه لائحة اتهام ضدها، من بين ما تضمنته محاولتها تنفيذ عملية طعن!
سُجنت الطالبة لمدّة ستة أشهر، كما أُجبرت على دفع غرامة مالية قدرها 2500 شيكل، وأفرج عنها في أبريل عام 2023م، حيث لم يتبق على موعد امتحانات الثانوية العامة أكثر من شهرين. "ومن هنا انطلقت معركتي" تقول.
كان التوجيهي وفكرة التقدم له كالحلم بالنسبة لفتاةٍ خرجت للتو من تجربةٍ صعبة. أسرٌ وتحقيقٌ وهمجية إسرائيلية، "كيف ستستطيع تخطي كل هذه الذكريات؟" ظلّت تسأل نفسها مرارًا، حتى تذكرت ما قالته لها الأسيرات يومًا: "اهزميهم بنجاحك".
تضيف: "في التعليم فرغت قهري ومأساتي، ومارست حريتي (..) صحيحٌ أنه لم يكن لدي الكثير من الوقت لدراسة المنهاج كله، لكن المأساة التي عشتها في السجون دفعتني لتفريغ طاقتي بالدراسة، قررتُ أن لا أسمح للتجربة بكسري، فنويت التقدم للامتحانات، وتفوقت بمعدل 82%".
حاولت زمزم التغلب على كل الظروف والمعيقات التي وقفت أمامها. وضعت جدولًا يبدأ من ساعات الفجر الأولى حتى الثانية عشر صباحًا، وضغطت نفسها لتحصد التفوق. تعلق واصفةً الأمر: "انتصارٌ عظيمٌ وكيدٌ للاحتلال الذي حاول كسر إرادتي في سجونه".
تتابع: "تجربة الأسر لم تكن هيّنة، ولن تكون كذلك يومًا. تحديدًا لفتاةٍ ما زالت طالبة في المدرسة لم تنه تعليمها"، وتكمل: "أكثر ما دعم قراري هو مساندة الأسيرات لي فيه، فلسن جميعًا حظين بمثل هذه الفرصة، وهذا ما جعلني أهدي لهن نجاحي عبر الإذاعات التي يصل صوتها للسجون الإسرائيلية".
يعدّ السجن فرصةً "لتحطيم المعنويات"، هكذا تفكر "إسرائيل"، فتذيق الأسرى والأسيرات كل درجات العذاب، وتحاول كسرهم وبتر أحلامهم، لكنهم بقوّة بعضهم يسعون! تمامًا كما قالت "زمزم"، وفعلت.
من الجدير ذكره، أن 17 طالب وطالبة في سجون الاحتلال، حرموا من التقدم لامتحانات الثانوية العامة أسوةً بزملائهم، فيما قتل 6 غيرهم برصاصه الذي طالهم في الشوارع وداخل بيوتهم، بينما كانوا يحلمون بالالتحاق بالجامعة، وتحقيق ما عاشوا يطمحون إليه.