شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 06 اكتوبر 2025م10:24 بتوقيت القدس

عمال الداخل المحل أحد الأسباب.. 

انتعاش كبير في قطاع الإنشاءات بغزة

18 ابريل 2023 - 00:23
صورة تعبيرية للعمال
صورة تعبيرية للعمال

غزة:

حتى وقت غير بعيد، لم يكن لدى المواطن فتحي العشي (52 عامًا) من مدينة غزة، أي تصوّر لبناء شقق جديدة لأبنائه، لكنه يستعد قريبًا لتملّك ستة شقق سكنية دفعة واحدة!

المواطن العشي، هو صاحب قطعة أرض تبلغ مساحتها دونمًا ونصف في حي الرمال وسط مدينة غزة، ورثها عن والده قبل نحو 6 سنوات، تعاقد مع أحد المستثمرين لبناء عمارة سكنية على أرضه تحتوي 24 شقة وعدة حواصل تجارية، كشكل من أشكال الاستثمار في قطاع العقارات.

وأوضح العشي في حديثه لـ "نوى" أنه اتفق مع المستثمر على أن يكون نصيبه ست شقق وحاصلين من العمارة السكنية، وسيعمل على بيعها أو تأجيرها الأمر الذي سيساعده في توفير المال لتزويج ابنيه، وفتح مشروع تجاري في أحد الحاصلين.

وبيّن أن ثمن الشقة في العمارة السكنية التي يجري العمل عليها يبلغ نحو 80 ألف دولار، مشيرًا إلى أن الأسعار تنخفض في الأحياء السكنية الشعبية، إذ تصل إلى 30 و40 ألف دولار.

العشي، هو واحد من المواطنين الفلسطينيين الذين شهدوا انتعاش قطاع الإنشاءات في قطاع غزة خلال العامين الأخيرين، بسبب دخول مواد البناء التي كان يمنعها الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاصر قطاع غزة منذ 16 عامًا، ومن ناحية ثانية بسبب عمل الكثير من العمال في الداخل الفلسطيني المحتل، الذي بات يدّر عليهم دخلًا كبيرًا.

تمامًا كما حدث مع المواطن محمد خليل (اسم مستعار)، الذي لم يكن يمتلك حتى قبل ثمانية أشهر ثمن وجبة طعام، ويعلّق آماله على ما يرزقه الله به من مساعدات غذائية ومالية، بسبب حالة الفقر المنتشرة في قطاع غزة، إلا أن خليل يبحث اليوم عن قطعة أرض لادخار أمواله!

التغير الذي طرأ على حياة خليل البائس وأسرته الفقيرة، هو حصوله على تصريح للعمل في الداخل المحتل، الذي جعل دخله ينتقل من صفر إلى ما يقارب 750 شيكلًا يوميًا، وهو ما يقارب أجرة شهر كامل لعامل في غزة.

يقول خليل الذي يعمل في مجال التبليط في الداخل المحتل لـ"نوى": "أنفق جزءًا من المال الذي أجنيه على أسرتي وأوفر احتياجاتهم، والجزء الأكبر أوفره حتى استطعت مؤخرًا دفع قسطٍ أولي لشراء قطعة أرض كنوع من الادخار". 

ومثل خليل الكثير من العمال الفلسطينيين الذين يعملون في الداخل المحتل، والبالغ عددهم 15 ألفًا، باتوا يدخرون أموالهم لشراء العقارات مثل الشقق السكنية والأراضي، ما جعلهم أحد أسباب انتعاش هذا القطاع مؤخرًا في قطاع غزة.

ويؤكد سند أبو الروس (38 عامًا) وهو صاحب مكتب للعقارات في مدينة غزة، ويعمل كوسيط بين أصحاب المباني السكنية والباحثين عن التملك، أن قطاع العقارات والإنشاءات بات منذ نحو عامين يشهد حركة نشطة في القطاع، في ظل وجود وفرة جيدة في المواد الإنشائية داخل السوق المحلي، مع أسعار مستقرة، الأمر الذي يشجع على الاستثمار في قطاع الإنشاءات والبناء.

وأوضح أبو الروس لـ "نوى" أن زيادة أعداد العمال داخل "إسرائيل" زاد من نشاط هذا القطاع الحيوي، إذ يذهب البعض لشراء العقارات كملاذ آمن للحفاظ على أموالهم، مشيرًا إلى أن أصحاب الأراضي في الأحياء السكنية باتوا يتجهون إلى المستثمرين وأصحاب الأموال للتعاقد معهم على الاستثمار في هذه الأراضي وبناء مبان عليها، ثمّ بيع وحداتها السكنيّة وتقاسم الأرباح فيما بينهم.

وبيّن أبو الروس أن الانتعاش في قطاع العقارات والإنشاءات أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات، الأمر الذي يزيد من طلب شراء العقارات بنظام التقسيط لأمد طويل يصل إلى 15 عامًا.

وقال الخبير الاقتصادي ومدير تحرير صحيفة الاقتصادية المحلية محمد أبو جياب: "إن الكثافة السكانية المتصاعدة ونقص الأراضي والدمار الذي خلفته الحروب الإسرائيلية المتكررة على القطاع، شجع المستثمرين على استثمار أموالهم في مجال البناء الإسكاني الرأسي، من خلال شراء الأراضي أو مشاركة أصحابها وبناء العمارات السكنية عليها".

وأضاف: "قديمًا كان المتزوجون الشباب يذهبون إلى خيار شراء قطعة أرض وبناء منزل عليها، لكن اليوم، ومع تصاعد الكثافة السكانية ونقصان الأراضي بشكل مستمر، أصبحت الأزواج الشابة تبحث عن شراء الشقق في العمارات السكنية، ولذلك هناك انتعاشٌ كبيرٌ في بناء هذه العمارات".

ووصل عدد سكان قطاع غزّة البالغة مساحته 365 كلم2 مع نهاية عام 2022م، إلى مليونين و375 ألفًا، فيما بلغت الكثافة السكانيّة في القطاع 5,453 فردًا/ كلم2، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وهناك أكثر من 90 ألف وحدة سكنية تضرّرت خلال الاعتداءات الإسرائيلية المتعدّدة على قطاع غزة، في حاجة إلى إعادة إعمار، بحسب الباحث بمركز الميزان لحقوق الإنسان باسم أبو جراي، في كلمة ألقاها في مؤتمر صحافي بمدينة غزة بتاريخ 15 مارس 2023م.

وهناك عجز كبير في الوحدات السكنيّة في قطاع غزة يبلغ 120 ألف وحدة سكنيّة، فيما يحتاج القطاع سنويًا إلى 14 ألف وحدة سكنيّة جديدة؛ لتتناسب مع الزيادة السكانية الحاصلة في قطاع غزة، بحسب تصريحات صادرة عن وكيل وزارة الأشغال العامّة والإسكان ناجي سرحان في ديسمبر الماضي.

بالعودة إلى أبو جياب فيرى أن الاستثمارات العقارية تعد الأكثر أمانًا بالنسبة إلى المستثمرين، لأن أسعار الشقق السكنية تزداد غلاءً مع مرور الزمن بسبب تزايد أعداد السكان وذوبان الأراضي الخضراء.

وأشار إلى انخفاض توجه رؤوس الأموال نحو القطاع الصناعي الإنتاجي؛ بسبب وقوعه فريسة للضرائب، ولانقطاع التيار الكهربائي الذي يزيد من عبء الإنتاج، فضلًا عن الأضرار الواقعة على المصانع بسبب الحصار الإسرائيلي.

كاريكاتـــــير