شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م07:43 بتوقيت القدس

بسكويت.. ولسان "بينقّط سكّر" في أسواق غزة

15 يناير 2023 - 10:43

شبكة نوى، فلسطينيات: على مدار 12 عامًا، يتنقّل عبد السلام هنية بين الأسواق الشعبية في مدن قطاع غزة المختلفة. يحمل بين يديه صندوق بسكويت "الويفر"، وينادي بالسجع والقافية المغنّاة على زبائنه ليجذب انتباههم، "ورسم الابتسامة على شفاه أصدقائي من الباعة البسطاء الطيبين" يقول.

"من الكرزة إلى التوت وصل بياع البسكوت"، و"من الطنة للرنة.. قرب واشتري منا"، وغيرها من العبارات اللطيفة، التي يبتدعها الرجل، صارت بمثابة دمغةٍ خاصة به. بسرعةٍ يلتفت الأطفال إلى صوت مايكريفونه المحمول المتهالك، ويقولون: "أجا بياع البسكوت".

يقول أحد الباعة في سوق الأربعاء: "إنه يخلق جوًا من الفرحة. يدفع المنزعج منا للابتسام رغمًا عن أنفه، ويغير مزاج الموجودين بكلمةٍ صغيرة يلقيها مترجلًا دون إعداد".

من بيته في مخيم البريج وسط قطاع غزة، يخرج الرجل صبيحة كل يومٍ قاصدًا أحد الأسواق الشعبية المخصصة في كل يوم من أيام الأسبوع. يحمل بين يديه علبة بسكويت لا يتعدى ثمنها ال25 شيقلًا، ويبدأ النداء "بالاسم" على زبائنه من أصحاب البسطات هناك.

والمدهش في هذا الزمان، أنه وكلما مر بالقرب من بائع، شاركه الترويج لبضاعته. يناديه أولًا ليشتري منه البسكويت، ثم يعقب بنداءٍ لطيف يشجّع المارة على الشراء منه! يمر بالقرب من بائع البهارات مثلًا فيناديه: "من الميه للفلتر أبو فلان أحسن بياع زعتر"، و"اسمع مني يا عنيا، أبو فلان أحسن بياع ميرمية". يضحك كل من حوله ويمضي كلٌ إلى عمله وقد أعاد شحن همّته، وعدّل مزاجه.

يرافق عبد السلام في عمله مكبر صوتٍ قديم، يحدث حالةً من الهرج بمجرد دخوله السوق: "هو البطل، وشريك البدايات" كما يصفه البائع صاحب اللسان الحلو، "وهو سبب البهجة التي تعم السوق لحظة مروري" على حد تعبيره.

يدرك الرجل الخمسيني، أن حلاوة لسانه هذه، وكلماته المنمقة هي سر نجاحه وحب الزبائن له، "فقد صار لي جمهور من المعجبين، وبعضهم يعرفونني مذ كانوا أطفالًا. اليوم كثيرون يلتقطون لي الصور ومقاطع الفيديو، وينشرونها مرفقة بكلمات لطيفة تشعرني بأن ما أقدمه لا يضيع هباء".

يختم هنية بابتسامة، وقد أشار إلى علبة البسكويت خاصته: "العمل ليس عيبًا. العيب أن أمد يدي للناس، أو أنتظر من يتكرم عليّ بقوت يومي"، داعيًا إلى عدم انتظار الفرصة، والبحث عنها، "والرضا بالقليل حتى يكرم الله بالكثير".

كاريكاتـــــير