شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الخميس 09 اكتوبر 2025م08:33 بتوقيت القدس

قريةٌ تقف وحيدة في مواجهة الاستيطان..

الطائرات الورقية "مستهدفة" في سماء "قريوت"!

15 سبتمبر 2024 - 11:40

الضفة الغربية/ شبكة نوى- فلسطينيات:

في قُرى الضفة الغربية، لا تعيشُ طفولتكَ بحق إلا إذا أطلقتَ العَنان لطائرتك الورقية كي تحلّق في السماء، لكن حتى هذا الحلم البسيط في قرية "قريوت" جنوبي مدينة نابلس، أصبح صعبَ المنال.

فكلما أطلق الأطفال طائراتهم الورقية، أسقطتها رصاصات الاحتلال أرضًا، وألحقت ذلك باقتحامٍ ومواجهاتٍ مع أبناء القرية، حتى أن شابًا لا يزال يعاني جرحًا صعبًا في قدمه، إثر اقتحامٍ للقرية قبل أسابيع، نتيجة لعب بعض الأطفال بالطائرات الورقية.

قريوت، الحبيسة لثلاث مستوطنات أقيمت فوق أراضيها فابتلعت نحو 23 ألف دونم منها، تعدُّ حلقة الوصل بين مدينتي نابلس ورام الله، وتحيط بها قرى تلفيت وجالود والساوية واللبن الشرقية وترمسعيا، في موقعٍ متوسطٍ من الضفة الغربية، على ارتفاع 750 مترًا عن سطح البحر. وتتبع إداريًا لـمحافظة نابلس.

لم يكتفِ الاحتلال بمصادرة أراضي قريوت وبناء المستوطنات عليها والسيطرة على عيون الماء فيها، بل دعم سيطرة المستوطنين على المتنزّه الوحيد الذي كان الأطفال يلعبون فيه، وضيّق الحياة على أهلها، وجعل المعيشة فيها صلفة صعبة، فباتت المواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال شبه يومية، والضحايا في كل مرةٍ، أطفال وشباب بعمر الورود، آخرهم كانت الطفلة بانا أمجد "13 عامًا".

يقول نائب رئيس مجلس قروي "قريوت"، يوسف صادق: "في اليوم الذي قُتِلت فيه بانا برصاصة "دومدوم متفجر" أطلقها عليها قناصٌ إسرائيلي، كان هناك اعتداء من قبل المستوطنين على القرية، ولما تمكّن الشبان من طردهم، عادوا بعد فترةٍ وجيزة محمّلين بحقدهم، برفقة جنود الاحتلال".

يتابع: "آنذاك أصيب شاب، وقمت بنقله إلى المستشفى بسيّارة الإسعاف؛ لتأتي بعد قليل الطفلة بانا شهيدة، برفقة عائلتها".

وأوضح صادق أن أهل القرية يحرسونها حتى الفجر من خلال لجان مراقبةٍ تم توزيعها على مختلف المناطق والحارات، كي يستطيع البقية النوم بأمان.

وينقل صادق على لسان أحد الأهالي قوله: "لا أجرُؤ على إبقاء باب بيتي مفتوحًا، أو حتى السماح لأطفالي باللعب في ساحته خوفًا عليهم من هجمات المستوطنين".

وأكد أنه رغم كون الاعتداءات الاستيطانية على القرية تاريخية، إلا أنها تفاقمت وازدادت بشكل كبير جدًا، بعد اندلاع الحرب في غزة.

"قريوت، القرية الوحيدة التي لم يستطع أهلها الوصول إلى أراضيهم المزروعة بأشجار الزيتون، فحُرمت من المشاركة في الموسم، والاستفادة من المحصول".

ويتابع: "قريوت هي القرية الوحيدة التي لم يستطع أهلها الوصول إلى أراضيهم المزروعة بأشجار الزيتون، فحُرمت من المشاركة في هذا الموسم، والاستفادة من المحصول".

وحول مدى خوف الأهالي حاليًا على أبنائهم أثناء ذهابهم وإيابهم من المدارس، بيّن صادق أنه بعد الأحداث الأخيرة، "ازداد بشكلٍ كبير، وأصبح الأهالي يوصلون أبناءهم إلى المدرسة بأيديهم، خاصة أن واحدة من بين المدارس الثلاث الموجودة في القرية، تعدُّ في منطقة حساسة ويصلها المستوطنون، لذلك يظل الأهالي على يقظة خوفًا من أي اقتحام مفاجئ للقرية".

وكانت وزارة التربية والتعليم افتتحت العام الدراسي قبل أيام من مدرسة قريوت الثانوية للبنات جنوبي نابلس، "المدرسة التي كانت تدرس فيها بانا"، في رسالةٍ للاحتلال "بالانتماء لهذه الأرض، والاعتزاز بالصمود فيها، حراسًا على المقدسات والتاريخ". وفق وزير التعليم.

وفي مقابلةٍ خاصة، قال المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور: "إن منطقة جنوبي نابلس عمومًا هي من أكثر المناطق التي يعاني فيها الطلبة كل عام تحديات عديدة للوصول إلى مدارسهم، وسنويًا تشهد اعتداءات من قبل جنود الاحتلال، ومواجهات أثناء تواجد الطلبة في مدارسهم أو حتى أثناء ذهابهم وإيابهم منها وإليها"، وقد اضطرت وزارة التربية مرارًا إلى تعطيل المدارس، حفاظًا على حياة الطلبة.

من جهته، تحدث والد الطالبة بانا أمجد بكر، بصوتٍ مثقلٍ بالحزن والألم عن طفلته الشهيدة، التي كانت قد جهزت مريولها المدرسي وقرطاسيتها، وكانت متحمسة جدًا للعودة إلى مدرستها واللقاء بصديقاتها، ولكن رصاص الاحتلال الغادر حرمها من كل ذلك.


استشهدت بانا متأثرة بإصابتها برصاص الاحتلال الحي في الصدر، مساء الجمعة، السادس من أيلول/ سبتمبر الجاري،  إثر هجوم للمستعمرين، بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، على القرية.

يقول: "كانت بانا فتاة ضحوكة محبة للجميع، ومتفاعلة في مدرستها، وتشارك في فرقة الكشافة، وهذا ما جعل وداع صديقاتها ومعلماتها لها خلال تشييعها مؤلمًا جدًا، وترك أثرًا كبيرًا لدينا جميعًا".

والد الشهيدة وهو أب لخمسة أبناء وأربع بنات بينهم بانا، يؤكد أن بانا استشهدت في منزلها، وبين شقيقاتها، مردفًا بالقول: "قضية بانا ليست قضية فردية بالمطلق، فـ"قريوت" تاريخيًا تعاني جرّاء اعتداءات المستوطنين، الذي استوحشوا وازدادت بشاعة أفعالهم بعد الحرب على غزة".

وناشد والد الشهيدة، كما رئيس مجلس قروي "قريوت"، عبر "نوى" كل الجهات الرسمية الحكومية للالتفات إلى معاناة هذه القرية المهمشة، التي تقف وحيدة في الدفاع عن نفسها أمام اعتداءات المستوطنين.

"هناك بعض المؤسسات التي عوّضت الأهالي عن الأضرار والحرائق التي افتعلها المستوطنون في المنطقة، ولكن لم يكن هناك أي دور لأي مؤسسات حكومية أو رسمية تجاه معاناة قريوت".

وبيّن رئيس المجلس، أن هناك بعض المؤسسات التي عوّضت الأهالي عن الأضرار والحرائق التي افتعلها المستوطنون في المنطقة، ولكن لم يكن هناك أي دور لأي مؤسسات حكومية أو رسمية تجاه معاناة قريوت، أو حتى سألت عن الأضرار التي لحقت بها.

وطالب الخضور الحكومة الفلسطينية بتعزيز صمود المواطنين في القرية، وقرى جنوبي نابلس عمومًا.

يشار إلى أن عدد سكان "قريوت" يبلغ 3 آلاف نسمة فقط، حيث تعاني من هجرة داخلية إلى نابلس ورام الله، بسبب عدم وجود أراضٍ للتوسع فيها، حيث سكنت 80 عائلة مدينة رام الله بسبب عدم وجود أماكن للبناء والتوسع داخل القرية.

إلى جانب ذلك فإن الاحتلال وفي سياق سعيه للتضييق على المواطنين، يغلق منذ بداية الحرب المدخل الرئيس للبلدة، ما يضطر الأهالي إلى أن يسلكوا طرقًا التفافية، تزيد عليهم ساعة زمنية واحدة عن المدة المعتادة.

كاريكاتـــــير