شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 06 اكتوبر 2025م06:41 بتوقيت القدس

نظمتها "فلسطينيات".. 

جلسات للدعم النفسي.. صحفيون يبحثون عن "سلامِهم"

22 يونيو 2023 - 12:31

الضفة الغربية:

قصفٌ إسرائيلي هنا، واجتياحٌ هناك. أمام عدوانات "إسرائيل" يقف عشرات الصحفيين والصحفيات على رجلٍ واحدة يترقبون الحدَث. تنقبض قلوبهم أمام مشاهد الموت ودمعات الوداع، ورغم ذلك عليهم أن "يدعسوا على مشاعرهم لمواصلة التغطية" قالتها صحفية ذات يوم.

هذه رسالتهم، وهذا هو عملهم! لا مجال للحزن وتفريغ المشاعر.. هكذا يظهرون أمام الكاميرات، فكيف حالهم خلفها؟ 

"تراكمات. هواجس. ثقل نفسي وأعباء، تحوّلت لدى البعض إلى عوارض جسدية"، تجيب الصحفية المستقلة ومراسلة الجزيرة نت، عزيزة نوفل، وتقول: "الكثير من الصحفيين هنا لا ينتبهون لضرورة التخلص من تراكمات العمل التي تحولت بداخلهم لهواجس وأعباء. يعملون بشكلٍ مستمر تمتد فيه التغطية أحيانًا لأيام دون التقاط نفس. ولعلّ هول الآثار الجانبية ينكشف بعد سنوات، تمامًا كما اكتشفنا عندما شاركنا في جلسات التفريغ النفسي التي تنظمها فلسطينيات".

في السياق، جمعت مؤسسة فلسطينيات ما يقارب 30 صحفيًا وصحفية بفندقٍ في مدينة بيت لحم، في محاولة للتخفيف من وطأة الضغوط النفسية، ضمن سلسلة التدخلات التي تقوم بها للتفريغ النفسي والرعاية الذاتية بالضفة الغربية وقطاع غزة، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو".

تدخلٌ تقول عزيزة إنه "أتى في وقته"، حيث أثبت لجميع المشاركين بأن الثقل النفسي الذي يعيشونه هو حالة عامة يعيشونها جميعًا، عادةً ذلك فرصة مهمة لاستكشاف الضرر النفسي من التغطيات اليومية والمتلاحقة.

وتضيف: "نحن بحاجة إلى متابعة مستمرة، أو على الأقل تأسيس عيادات نفسية دائمة لدعم الصحفيين والصحفيات في فلسطين".

يتفق معها الصحفي أحمد نزال الذي يعمل منذ 12 عامًا، فيقول: "اعتدتُ نقل كافة المشاهد التي تطلبها مهنتي، والتواجد خارج المنزل أكثر للتغطية. اعتدتُ الجلوس مع الناس لسماع قصصهم، وإهمال نفسي حتى اكتشفتُ أنني فقدتُ ذاتي، وأصبحت غير قادر عن التعبير عنها، وهنا بدا الأثر النفسي واضحًا"!

يتصفح أحمد صفحته الشخصية في "فيسبوك". لا يعرف متى كانت آخر مرة شارك الناس فيها قصة شخصية! بخلاف سنواتٍ انقضت، مضيفًا: "أذكر قبل سنوات أنني كنت أتفاعل وأكتب، وأهنئ فلان، وأتحدث مع الناس بمنشورات شخصية أو مواقف طريفة، أما اليوم فأعترف أنني فقدتُ ذاتي. لا أعرف ما الذي يحدث معي؟ فقط أعرف ما الذي يحدث مع الناس في التغطيات".

ويتابع حول جلسات الدعم التي شارك بها مع فلسطينيات: "تفاجأتُ بأن هناك من يسمع للصحفيين ويقدّر حاجتهم النفسية"، واصفًا الحالة بالقول: "شعرت أنني إنسان! فمنذ زمن لم أسمع عن رحلة، أو تفريغ، أو ترفيه، أو لقاء ودّي منظم من أجل الاطمئنان عليَّ كشخص عاش تحت ضغوطات عمله". 

لكن هنا، مع عشرات الصحفيين، كانت كل مداخلة تجري بمثابة قصة مشتركة عاشها معظمهم، بعضهم استرجعوا شريط ذكريات عمره 20 عامًا.

يزيد أحمد: "شعرتُ بأنني طفل، وتعاملت مع نفسي على هذا الأساس. أحببت الشعور، ثم أدركت أنني بدأت ألملم نفسي، وآمنت أنه برغم كل الآثار النفسية، فلدي رسالة عظيمة بالحياة عبر عملي هذا".

من جهتها، تعلق الصحفية ديانا خويلد مصورة الوكالة الألمانية دي بي إيه (DPA) في الضفة الغربية، بأن التغطيات المستمرة في منطقة تعتبر ساخنة جدًا بالأحداث، تجعل العاملين في الإعلام يعانون من آثار نفسية طاحنة، بسبب مرورهم في ظروف قاسية، ودخولهم صراعًا مع النفس في الميدان بطريقةٍ أو بأخرى.

وتزيد: "نحنُ هنا ندفع ضريبَتين، من صحتنا النفسية والجسدية، ومع مرور الوقت قد نفقد ذواتنا دون أن ندرك، لذلك فإن أكثر ما نحتاجه هو العلاج النفسي الدائم".

وكانت مؤسسة فلسطينيات نظمت خلال الشهر الجاري أيضًا، رحلة ترفيهية لمجموعة من الصحفيين والصحفيات من محافظات جنين ونابلس ورام الله، في منطقة وادي الباذان بنابلس، ضمن الجهود التي تهدف لتحسين الصحة النفسية لهم/ــن تحت الضغط الذي يعيشونه باستمرار.

كاريكاتـــــير