شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 06 اكتوبر 2025م06:44 بتوقيت القدس

"طوابير" تحت النار.. القصة طويلة!

12 مايو 2023 - 19:30
مخابز تتجهز لاستقبال الناس بإعداد الخبز
مخابز تتجهز لاستقبال الناس بإعداد الخبز

قطاع غزة:

"الطوابير" في غزّة قصّة. يكرهُها الناس لكنهم مجبرون على أن يأخذوا مكانًا فيها منذ فرض الحصار!

طوابيرٌ أمام المخابز، والمتاجر، ومحطّات الوقود ومحطات تعبئة الغاز. طوابيرٌ عند الحواجز، وعند المعابر. طوابيرٌ في المستشفيات، وأمام صرّافات البنوك، حتى أمام محلٍ أعلن لتوّه عن فرصة عمل، لكن تبقى "طوابير الحرب" القصة الأكثر مأساويةً هنا.

بدا رصيص أسنان أحدهم مسموعًا، يرتجف تحت وقع الضربات. ليس بيده أن يُخفي خوفه! حاول، لكنه لا يستطيع حتى سمَحَ له آخر باستبدال دوره من أجل شراء الخبز لأطفاله، والعودة بأسرع ما يمكن إلى منزله الكائن في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، في منطقةٍ تُعدُّ حدوديةً نوعًا ما.

يقول الرجل لمن حوله: "سامحوني، بيتي قرب الحدود. وصلتُ إلى المخبز بصعوبة على دراجتي الهوائية وأريد العودة لأطفالي بالخبز والمعلبات التي تسد حاجتنا وقت التصعيد".

يسكتُ قليلًا ثم يضيف: "اللي بصير مش عادي، لو بده يصير إشي خليني أموت مع أولادي".

صار المشهد من "مستلزمات" الحرب. الوقوف أمام المخابز ومحلات بيع الأغذية. هو أول ما يفعله الفلسطينيون في قطاع غزة فور بدء العدوان الإسرائيلي، وإعلان تشديد الحصار.

أُغلقت المعابر إغلاقًا تامًا، ومنع دخول الغذاء والدواء والسولار اللازم لتشغيل محطات الكهرباء. تضييقٌ وخنقٌ وقتلٌ بطيء لأكثر من مليوني إنسان يعيشون داخل مساحةٍ لا تتجاوز 360 كلم مربع.

أعلن الاحتلال الإسرائيلي إغلاق المعابر التجارية "معبر كرم أبو سالم"، ومنع إدخال الشاحنات المحملة بالبضائع والمواد الأساسية والأدوية والوقود لمحطة الكهرباء، كما منَع الدخول والخروج من معبر بيت حانون "إيرز" حتى للحالات الإنسانية والعمال.

"لم نعتد على الحرب، ولن نعتاد يومًا" تقول نهى موسى، التي أخذت تتفقد ثلاجتها عند فجر التاسع من مايو/أيار لحظة الضربة الأولى.

وتضيف: "عرفت حينها أن الحرب قامت من جديد. انتظرتُ بزوغ الفجر، وخرجتُ لشراء الخبز والمعلبات وكيسٍ من الدقيق".

تعمل نهى خياطةً في "ورشةٍ" صغيرة افتتحتها بمنزلها، هي خياطة الحارة. توفر مدخول أسرتها إلى جانب زوجها عامل النظافة في البلدية.

تخبرنا أن أسرتها في العدوان تفرّغ كَبْتَها بتناول الطعام! فأولادها الستة لا يتوقفون عن التردد إلى المطبخ. "ربما يحاولون إخفاء توترهم بالأكل" تزيد، متابعةً: "عن نفسي، أشعر أن الطعام في مثل هذه الأوضاع، سمٌ يحرق داخلي، ليس له طعم، ولا يُشبِع، لكنني أحتاجه حقيقة!".

في منزل داوود يتشابه الأمر، يتحدث هشام وهو ربّ الأسرة عن القصة نفسها. "وكأن البطون لا تشبع تحت القصف؟" يتساءل.

كان أكثر ما يخشاه ارتفاع الأسعار أو انقطاع البضائع، وأهمها حليب طفله الرضيع، وبعض أصناف دوائه. "كان لا بد من النزول حتى لو في منتصف الليل، فانقلاب الأحداث في غزة أسهل من شرب الماء. أفضّل تأمين نفسي وعائلتي بكمياتٍ وافية من الغذاء والدواء حتى لو اضطررت للدين!" يختم.

كاريكاتـــــير