سلفيت:
هذه الحرب لا تهدأ. هذه النكبة لم تنته يوماً. مأساة التهجير مستمرة. من يرمم قلوبنا المكسورة؟ تدور الجدّة أم سامي صوف وتحدث نفسها أمام ركام منزلها الذي فجره الاحتلال بسلفيت في غضون دقائق.
مسلسل الهدم لا يتوقف، يسير وفق مزاج "إسرائيل"، في اليوم المحدد وفي الزمن الذي يريدون، يباغتون الناس في منازلهم، أخرجوا سوف نهدم المنزل وإلا سنقوم بهدمه فوق رؤوسكم! بهذه الدباجة، يهددون الفلسطينيين ويفعلون!
ونصيب عائلة "صوف" كان في صباح الرابع من مايو/أيار للعام الجاري، حيث اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال بلدة حارس غربي سلفيت، لتصل إلى منزل العائلة وتقرر تفجيره كإجراء عقابي لابنها محمد الذي نفذ عملية "أرائيل" وأدت إلى مقتل مستوطنين.
في التفاصيل، حاصر الجنود المدججين بالأسلحة منزل العائلة المكون من ثلاثة طوابق بمساحة 300م وسط تنكيل بالأهالي والجيران وقمع لأي أحد يتدخل، ثم شرعوا بتنفيذ عملية التفجير والهدم، تخللها اعتداء على المواطنين بالضرب المبرح، والصراخ عليهم وتهديدهم بإطلاق الرصاص تجاههم.
تقول الجدة أم سامي وهي تتأمل ركام المنزل "راحت الدار، فجروها. أنا رحت عند بنتي طلعوني الشباب من البيت وخافوا الجيش يهدها فوق راسي".
وتتساءل "مش بكفي راح الولد وقتلوه؟ كمان فجروا الدار وهدوها، إيش بدنا نعمل احنا؟".
أمضت ليلتها الأولى في منزل ابنتها، لكنها لا تعرف ماذا بعدها، أين ستذهب وكيف تحول مصير عائلتها الذين جلسوا فوق ركام المنزل ينظرون بحسرة إلى حجارته ويتبادلون ذكرياتهم فيه.
تزيد الجدة "من يوم النكبة في 1948، ما شبعت إسرائيل تدمير وما شبعت من دمنا. أنا ولدت من 90 سنة وما كانوا موجودين، ما كان إلهم بلد. أنا عمري أطول من عمر دولتهم".
وعملية الهدم وفق العائلة، حدثت دون أي إشعار بذلك، اقتحم الجنود المنطقة وأعطوهم مهلة بسيطة للخروج ثم فجروها وقاموا بعدها بالهدم بالجرافات، أمر اعتبره محافظ سلفيت عبدالله كميل أن هدم منازل الشهداء عقاب جماعي يمثل خرقاً للأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.