شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 06 اكتوبر 2025م05:12 بتوقيت القدس

مستنقعات في طريق العمل والمدرسة

عن سكان الشوارع الترابية.. تحت مطر "المنخفض"

08 فبراير 2023 - 04:29

شبكة نوى، فلسطينيات: جاء صوتُها غاضبًا، عاصفًا، كالجوّ في الخارج، ولولا أن الساعة لم تتجاوز السابعة والنصف صباحًا، لكانت زارت بلدية مدينة خان يونس "بزعابيب أمشير" كما يقولون، لتعلن احتجاجها على ما أصابها هناك.

"الأمر يستحق الغضب" وفق رأي وسام عبد الحميد، الموظفة في إحدى مستشفيات المدينة المذكورة جنوب قطاع غزة، فهي تسكن في شارع من المفترض أنه مرسوم ضمن خرائط البلدية، "لكنه لم يمهّد حتى اللحظة. ترابيٌّ أوحل، لا تعرف من طين الشتاء فيه أول من آخر" تقول.

وتضيف: "كل عام يتحدثون عن اقتراب تمهيده، لكننا لا نرى شيئًا على أرض الواقع. على الأقل لو يفتحونه بشكل كاملٍ ليصبح موصولًا بشارع جمال عبد الناصر ليسهل تنقلنا من وإلى المنطقة".

وتتابع: "لكم أن تتخيلوا المعاناة من أجل الوصول إلى مقر عملي بسبب رفض السائقين الدخول إلى الشارع في مثل هذه المنخفضات"، متسائلةً بغضب: "إحنا وين من اهتمامات البلدية؟ كيف يمكن أن نذهب إلى عملنا بينما الوصول إلى الشارع العام يعد مخاطرة كبيرة؟! ولو تغاضينا عن الأمطار المنهمرة فوق رؤوسنا، كيف يمكن أن نسير في الشارع الذي لا يمكن أن تجد فيه مكان لموطئ قدم بعد أن تحول لتجمعٍ من المستنقعات".

تحاول السيدة الأربعينية، خلال المنخفضان، السير على أطراف الشارع، لعلها تبتعد عن برك الماء والوحل، لكنها تجد ساقها وقد انزلقت في الوحل فجأة، وهكذا يحدث مع كل من يفكر بإيجابية من سكان المنطقة، ليصل إلى عمله أو جامعته أو مدرسته.

وتتحدث وسام عن معضلةٍ كبيرة يعانيها طلبة المدارس بعد انحسار المنخفض، حيث يضطرون للسير عبر الشوارع الترابية التي تبقى غارقةً بمياه المطر لأيام، من أجل الوصول إلى مدارسهم، "وبالطبع ليس كل السكان قادرين على توفير تكاليف النقل الخاصة مثل الباصات، والسيارات لأبنائهم" تعقب.

تضيف بذات الغضب: "ألا يفكرون بأن الكثير من الأهالي لا يجدون المال لتوفير أحذية مناسبة يمكنها أن تمنع مرور الماء إلى أقدامهم؟"، متابعةً بقهر: "والله هيك كتير".

في ذات الشارع تقطن يسرى المجايدة، التي تعاني من ذات المشكلة طوال العام، "فالأمر غير مرتبط بالشتاء، وإن كانت المعاناة تتفاقم كلما أمطرت".

وتقول لـ "نوى": "لدي ابنة تعاني شللًا نصفيًا، ولديها فشل كلوي، وتحتاج لغسيل كلى ثلاثة أيام بالأسبوع، وكونها لا تستطيع الحركة، يحضر إسعاف لنقلها إلى المستشفى كل موعد غسيل، لكن الأمر لا يخلو من امتعاض، وشيء من العصبية من قبل السائقين، كننا نسكن في شارع ترابي".

يمتد الشارع الذي تتحدث عنه يسرى لما يزيد على 600 متر حتى يصل إلى الشارع العام، الذي رُصف بعد سنوات طويلة من المطالبات على حد تأكيدها.

وتكمل: "أحدهم (وتقصد سائقي الإسعاف) طلب مني ذات مرة أن أخرج بابنتي إلى الشارع العام، كونهم لا يستطيعون المرور في الشارع بسبب كثرة الحفر على طوله، ورغم أنني رفضت ذلك، إلا أنني أعي جيدًا أن معه حق"، متابعةً بأسف: "هم يحضرون ثلاثة أيام أسبوعيًا، ومن المؤكد أن سيارة الإسعاف لا يمكنها أن تحتمل كل هذه المطبات، التي تسببها الحفر الكثيرة التي يزيد عددها بعد كل شتاء".

وتزيد: "صبيحة كل موعد للغسيل، أكثر ما يشغلني هو: كيف سأتلقى غضب السائق بسبب مروره في شارعنا هذا. موعد الغسيل القادم في الغد، ولا أعرف إن كان سيقبل الدخول إلى المنطقة أم لا، فالوضع متردٍ جدًا. الشارع يشبه المستنقع، والتنقل عبره مشيًا على الأقدام شبه مستحيل".

كل ما تحلم به أم محمد المجايدة، تسوية الشارع وفتحه بالشكل الذي يحفظ كرامة المواطن وإنسانيته، "لا سيما وأن البلدية لا تتوقف عن المطالبة بالرسوم المستحقة على السكان، بمبرر الحصول على خدمات، نسمع عنها ولا نراها" تعلق.

الشارع الذي تسكن فيه عبد الحميد، والمجايدة، ليس سوى مثال على شوارع كثيرة، فرعية، وترابية، لا يسمع صوت سكانها أحد.. سكانها الذين يمكن اختصار حلم أحدهم هنا بشارعٍ يمكن أن يسيروا فيه دون أن يلحق بهم أذى!

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير