شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م23:32 بتوقيت القدس

إنه الحزن الذي يضرب قلوبنا كل مرة

زلزال تركيا.. مأتمٌ في قلب "غزة"!

زلزال تركيا.. مأتمٌ في قلب "غزة"!
08 فبراير 2023 - 22:16
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

تركيا:

الزلزال لا يشبه الحرب، لكنه الحزن ذاته الذي يضرب قلوبنا في كلّ مرة. الفقدُ قاتل، لكن فقدان "النفس" حيًا يقتل أكثر. تموت دون دمٍ هذه المرة، ولعل الموت بدمٍ أسهل! هكذا مرةً واحدة، دون مراحل مؤلمة. "ما زلت حية، لا أدرك الفاجعة حولي بشكلها الصحيح، ما زلت أتنفّس!" هكذا تختصر "حياة" ابنة غزة، حالها في تركيا الآن.

فرحة الشابة باختيارها لحضور مؤتمر علمي في مدينة "عينتاب" التي تقع جنوبي البلاد، تحوّلت إلى مراسم موت مستمرة. سافرت من مكان إقامتها في إسطنبول، لتجد نفسها في الليلة الأولى من وصولها في أحلك ظرفٍ تعيشه البشرية منذ عقود. زلزالٌ مدمّرٌ مركزه جنوب تركيا، وامتداده نحو شمال سوريا. "ما هذا الجحيم؟" تساءلت في اللحظة الأولى، لتحاول أن تقنع نفسها "إنها ليست الحرب!".

تقول "ظننت بأن الحياة التي عشتها في غزة، درّبتني على تجاوز الخوف. ظننتُ أن مساحته تقلّصت في قلبي بعد مغادرتي مدينة الحرب والحصار، لكنني عرفته اليوم بشكل آخر، وكأنني مررت باختبارٍ عظيمٍ عنوانه: من موت إلى موت".

عن ظروفها في هذه اللحظة، تقول: "أجلس داخل ملجأ مع مئات الأشخاص في برد قارس، تهتز الأرض بنا مع كل ارتدادٍ يحدث. لا طعام ولا شراب إلا عبر بقالة صغيرة، فيها الأسعار خيالية!.

تتابع: "تدبرت نفسي لأنني شخص واحد، لكن هناك عائلات بأكملها لا تستطيع توفير زجاجة ماء تسند أطفالها، فالوضع مأساوي، والمطارات مغلقة".

وتزيد: "لدي مكان أقيم فيه باسطنبول في حال نجوت، لكن بعض الناس لا يعرفون مكانًا آخر غير منازلهم التي انتشلوا من بين ركامها بمعجزةٍ إلهية!".

تصمتُ برهةً، وتقول بصوتٍ تخنقه العبرة: "فاجعة حطّمت الحياة في قلبي، أنا حياة" واكتفت إلى هنا.

"لم ينجُ أحد" هكذا تلقت عائلة أبو جلهوم، شماليَّ قطاع غزة خبر موت ابنها عبد الكريم، وزوجته فاطمة وأطفالهما الأربعة. وخبر موته جاء بعد نحو 12 ساعة من وقوع الزلزال، عبر صديقٍ نجا من البناية التي سكنها هو وعبد الكريم.

هاجر الشاب إلى تركيا قبل 12 عامًا، فعمل في النجارة، واستطاعت زوجته وأطفاله السفر إليه قبل خمس سنوات. انتقل إلى منزله الجديد قبل أسبوعين، وفي لحظة وقوع الزلزال يقول أصدقائه "إنه حاول الهرب مع عائلته، لكن البناية سقطت عليهم. نجا الابن الأصغر محمد وتوفي من شدة البرد لعدم قدرتهم إيصاله إلى المستشفى".

صراخ أمه كان حاضرًا، ومن يسكت ألم الفقد في قلبها؟ كيف هرب ابنها من الموت تحت العدوان الإسرائيلي، والحصار، والفقر، والبطالة، وكيف واجه الموت هنا يتيمًا مع أسرته؟ "هذا قدر الفلسطينيين، وهكذا قُدّر للسوريين والأتراك. الألم واحد، الفقد واحد. الموت واحد"، هكذا حاول أحدهم تهدئتها. 

تقول: "لم أره منذ 12 عامًا، تمنيت رؤيته. تحدثَ معي باتصال فيديو قبلها بليلة، وشاهدت أطفاله، وكأن قلبه كان يشعر بأنه يومه الأخير. طلب مني الدعاء، وهدّ جدار صبري برحيله!".

وبحسب وكالة الأنباء الرسمية وفا، فقد بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا 68، بعد انتشال ثلاث جثث لامرأة وطفليها من تحت الأنقاض بمخيم الرمل في سوريا، وهذه الحصيلة حتى تاريخ نشر هذه القصة. 

كاريكاتـــــير