شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م04:26 بتوقيت القدس

اليوم العالمي للصحة النفسية بغزة..

قصةٌ تبدأ بجملةٍ قصيرة: "أنا مكتئب"

10 اكتوبر 2022 - 13:33
صورة من كورنيش غزة
صورة من كورنيش غزة

قطاع غزة:

"أنا مكتئب" قصةٌ تبدأ بجملةٍ قصيرة، تحمل في طياتها حكاية صدمات نفسية تضرب صحة أصحابها في مقتل.

في هذه البقعة المنسيّة من العالم الواسع "غزة"، حيث قصص الموت البطيء تتسلل في ثنايا الأحاديث الجانبية. هنا حيث لا مال لإتمام التعليم، ولا فرص للعمل، ولا حتى "أمان" تحت دوي طائرات المحتل. 

قصصٌ قصيرة تخال نفسك وأنت تسمعها تدندنُ: "على وين الدرب مودينا؟"، بتصرُّف "يا غزة".

سؤال صغير وجهته "نوى" لمجموعة من الشبان والشابات، سكان قطاع غزة المحاصر منذ 16 عامًا، في اليوم العالمي للصحة النفسية: كيف الصحة؟ لكن الإجابات لم تأتنا صادمة، بقدر ما جاءت متوازنة مع طبيعة الوضع الجاري.

فقرٌ، وبطالةٌ، وعدوانات إسرائيلية، وحصار، وانقطاعٌ للكهرباء، وتلوّثٌ في المياه بما يجعلها غير صالحة للشرب بنسبة 90%. كلُّها عوامل تزيد الضغط على الناس، فماذا قال الشباب؟ 

سمر عبدو 23 عامًا

"أعمل محاسبة منذ خمس سنوات، وزوجي عامل في محل تجاري. منزلنا بالإيجار، ولدينا ثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية. دخلُنا المشترك لا يصل الحد الأدنى للأجور، ونستدين عند منتصف الشهر. متعبون من العمل والمسؤوليات وأكثر ما نفكر فيه، طريقة موتنا في غزة: كيف ستكون؟ بعدوان؟ أو بسكتة قلبية بسبب الظروف؟ هكذا الوضع من دون مبالغة".

مؤمن حميد 25 عامًا

"حياتي سوداوية، لم أكمل دراستي لأعيل أسرتي. عملتُ في السباكة، والنجارة، وأخيرًا استقرّيت بفتح بسطة للذرة على شاطئ البحر. أحلم أن أتزوج، وليس لدي أدنى مقومات لفتح بيت وتكوين أسرة. أحلم بالسفر، والطيران، والهجرة، لأهرب من ظروف غزة ومعيشتها، ولا أملك أجرة مواصلات تُقلّني للمعبر. تمنيتُ الموت كثيرًا، فأنا أكيد أنه أرحم من وضعنا هذا".

مرام مهدي 19 عامًا

"طالبة جامعة، يمر علي يوم أكون فيه ممتلئة بالطاقة الإيجابية، و10 أيام أخرى أنظر للحياة بسلبية. الوضع المادي لأسرتي متوسط، لكن الاكتئاب يأكلنا. لا أشعر بالأمان أو الاستقرار النفسي. دائمة الخوف والقلق من شيء ما سيحدث سيئًا، وإن لم يكن على صعيدي الشخصي فإنه على صعيد غزة العام، كالحرب مثلًا".

وبحسب ما جاء في تقريرٍ نشرته مؤسسة "مسلك" بعنوان "معالجين ومعالجات من غزة يتحدثون عن تداعيات الإغلاق على الصحة النفسية"، فقد شهدت السنوات الأخيرة في القطاع ارتفاعًا ملحوظًا في عدد السكان، الذين يتوجهون لطلب مساعدة نفسيّة.

ووفقًا لأبحاثٍ مختلفة، ما بين 15٪  و30٪ من الأشخاص المُعرّضين لظروف معيشية تشبه تلك التي في غزة، يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

"هذا يعني أن هناك ما لا يقل عن 300 ألف شخص في غزة يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، وربما أكثر من ذلك بكثير" يقول قصي أبو عودة، مدير دائرة العلاقات الخارجية وتنمية الموارد في برنامج غزة للصحة النفسية.

ويرى أسامة فرينة وهو أخصائي نفسي في البرنامج، أن استمرار الضغط النفسي يؤدي إلى اضطرابات قلق شديدة، وتدهور في جودة الحياة، "وفي غزة جودة الحياة بعيدة أصلًا عن المعايير المقبولة دوليًا" يقول.

ويختم: "تأخذ الضغوطات والاضطرابات النفسية شكل معاناة وألم جسدي أحيانًا، ونرى أن الإحباطات الحياتية المستمرة تؤدي الى حالات اكتئاب صعبة يمكن أن تودي بصاحبها نحو خيار الانتحار".

كاريكاتـــــير