شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م13:06 بتوقيت القدس

رغم مرارة الفقر والحصار..

حلوة و"زي العسل" يا بطاطا

11 سبتمبر 2022 - 10:58

قطاع غزة:

عبر مكبر الصوت الذي يحمله، تجتمع البساطة والدقة في نداءات العم أبو منذر بائع البطاطا، الذي يسير بعربته على امتداد شارع الكورنيش شمال قطاع غزة.

"قرّب العسل.. عسل يا بطاطا. البطاطا الحلوة، يلا الشوي" يكررها مرارًا بينما تنتزع رائحة البطاطا المشوية المنبعثة من عربته حواس المارة هناك، لا سيما الأطفال الذين يجتمعون حوله ويشاركونه الغناء والنداء.

يبيع أبو منذر البطاطا الحلوة مع بدايات الشتاء، بعد صيفٍ طويلٍ يقضيه في بيع الذرة. هذا حاله منذ نحو 15 عامًا، بعد أن تعثر عمله السابق في الداخل الفلسطيني المحتل بسبب الإغلاقات الإسرائيلية للمعابر مع تاريخ بدء الحصار على غزة.

"وهذه ليست قصتي وحدي" يخبرنا أبو منذر الأب لتسعة أولاد وبنات، والجد لسبعة أطفال بعد تنهيدةٍ طويلة، ويردف بحسرة: "كان الدخل الذي كنتُ أحصله يكفيني ويفيض، لكن اليوم بالكاد أجمع قوت يومي وما يكفي لاحتياجات عيالي الأساسية".

بعيدًا عن قصته الحزينة ضحِك، وأحب أن يرسل"شكرًا خاصًا" عبر "نوى" لزوجته الطيبة التي قال إنها "وقفت معه وسندت ظهره في الحلوة والمرة". صمتَ قليلًا ثم شدّد علينا بالطلب: "اكتبيها هادي".

وعن زوجته أسهبَ وأشعر، وقال: "فكرة البطاطا الحلوة هي بالأصل فكرة زوجتي التي تتقن صنعها بشكل مميز. نكَشَتني في لحظة ضعف سيطَرت عليَّ بسبب سوء الأوضاع، فسألتني: ما رأيك أن أعطيك وصفتي، ونبدأ مشروعًا نعيش من دخله؟ لم تنتظر ردّي بل قالت "يلا نجرّب، أنا سوف أساعدك".

يبتسم أبو منذر، ويكمل: "هذا يجعلنها أكبر في نظري، فهي الشريكة والسند بكل ما تعنيه الكلمة من معنى".

توفر عربة البطاطا مدخولًا شهريًا يصل إلى 800 شيكل. يراه منطقيًا بالنسبة لأسرة ليس لديها مصدر آخر وإن كانت لا تلبي مستلزمات أفرادها الأساسية بشكلٍ كامل، وهذا ما دفع اثنين من أبنائه لمشاركته العمل في مناطق أخرى منذ ثلاث سنوات، "وهذا حسّن الحال نوعًا ما" يعقب.

في موسم البطاطا الحلوة التي تزرع في قطاع غزة خلال شهر مايو/أيار وتحصد مع حلول الخريف في بدايات سبتمبر/أكتوبر، يباع الصندوق الواحد (سعة 15 كيلو) بـ8 شواكل، وهو مبلغٌ قليلٌ نوعًا ما بالنسبة للمزارعين الذين يقولون إن إنتاجهم لهذا العام جاء "وفيرًا" مقارنةً بالأعوام السابقة.

عماد الشاعر، صاحب مزرعة للبطاطا الحلوة، يخبرنا أن عملية زراعتها مكلفة نسبيًا بسبب احتياجها المنتظم للأسمدة، حيث يكلف زراعة الدونم الواحد 3500 شيكلًا، ويساعده فيه نحو 15 عاملًا.

أما أكبر المعيقات التي تواجه المزارعين في القطاع -وفق الشاعر- فعدم السماح بتصديرها إلى الضفة الغربية، والدول المجاورة، ما يتسبب ببيعها محليًا بأسعار مخفضة.

وعن فوائدها، يكمل: "تُعزز صحة القلب، وتمد الجسم بالطاقة، كما أنها تقوي الجهاز المناعي، وتعالج فقر الدم، مشيرًا إلى أن زراعتها تحتاج إلى متابعة يومية وعناية فائقة.

يؤكد الشاعر أن الإقبال على شراء البطاطا الحلوة كبير جدًا، حيث ينتظر الأغلب موعد توفرها في الأسواق المحلية لفوائدها المتعددة، وطعمها اللذيذ.

وتختلف طرق تحضير البطاطا الحلوة، بين مشوية على الفحم أو فرن الغاز، أو تستخدم بعد سلقها وطحنها بـ "صوص" ومشهيات طعام، كما أن البعض يفضلها كمُربى.

كاريكاتـــــير