شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م13:35 بتوقيت القدس

مسافر يطا.. قصّة صمود في مهبّ التهجير

17 يوليو 2022 - 13:09

مسافر يطا:

كيف لرجل عاش 82 عاماً وسبعة أشهر، أن يجبر على الرحيل من أرضه؟ ولو مرّ الاحتلال على جسده لن يحدث. هكذا ببساطة – يرد -. فالتهجير موتٌ أيضاً، لكنّه موت محبّب فداءً للأرض والذكريات، الأرض هنا هي الحياة، والحياة لا تسير سوى على هذه الأرض، إنها قناعة المسن علي الدبابسة.

علي الدبابسة، فلسطيني يسكن في تجمع خلة الضبع بمسافر يطا جنوبي مدينة الخليل، والتي تضم نحو 4000 فلسطيني وفلسطينية، يقع عليهم جميعاً خطر التهجير القسري القائم منذ عقود بسبب إقامة سلطة الاحتلال 10 مستوطنات وبؤر ومناطق "إطلاق نار (918)" للتدريب العسكري.

يقول المُسن مشيراً بإصبعه إلى جبل بتجمع خلة الضبع، "ولدتني أمي هنا قبل 82 عاماً، كيف سأنسى تفاصيل حياتي بهذا المكان؟ فهي وطني وموطني ومسقط رأسي أنا وكل أجدادي".

ويضيف بأن كل محاولات الاحتلال لطمس معالم المنطقة وانتزاع أراضيها لن تمر كما يعتقد، فهذه قصة أجيال كاملة عاشت وترعرعت، جلس كطفل صغير في دواوين الأجداد هو وأصحابه وأقربائه، تسامروا ولعبوا وكبروا وتزوجوا وأنجبوا أبناءهم وبناتهم ثم أتى الأحفاد، وكلهم يدركون معنى التشبث بهذه الأرض والانتماء لها. 

يزيد "ثابتون هنا، لن نتحرك من مسافر يطا، وإن خلعوا الأشجار نحن مزروعين فيها، لو هدموا البيوت فوق رؤوسنا نحن متجذرين. لو شو ما يعملوا، لن نتركها ولن نتخلى".

وحول الجد الذي يقاوم التهجير، يتجمع أحفاده ويقفون سنداً له، يتعلمون منه قصة بلادهم وكيف يكون الدفاع عنها لعدم السماح للاحتلال بمصادرتها وتهجيرهم، لكن ثمّة أحاديث قاسية تفوهوا بها تزامناً مع العيد.

يتمنى الأطفال لو كان العيد عندهم عيد بشكله الحقيقي، أن يكون به زيارات متبادلة بين الأهالي من دون خوف الإصابة برصاص الاحتلال في أي وقت، تمنوا لو كان الوضع أفضل واستطاعت عائلتهم شراء ملابس للعيد وبعض الألعاب. 

تقول خلود "يا ريت ما عنا جيش يطبق النار علينا"، ويرد محمد "يا ريت ما عنا جيش يهدم الدور لأنه بده يانا نرحل"، ثم تكمل أمل "يا ريت ما في جيش إسرائيلي بيهدم وبيقتلنا" لكن الأكثر قسوة حين تفوه محمود "يا ريت أموت، أموت بشكل عادي مش من الرصاص وبدون دم".

أن يتمنى طفل "موت هادئ بعيد عن زخات الرصاص وبدون دماء"، أقل ما ينتج عن العيش تحت الاحتلال، وما أبشع الكلمة بحد ذاتها "احتلال". 

وفي الرابع من الشهر الماضي، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية في القدس المحتلة، التماسا مقدما من أهالي 12 تجمعا سكنيا في مسافر يطا، ضد قرار الاحتلال إعلانها مناطق "إطلاق نار"، ما يعني هدمها وتهجير ما يقارب 4 آلاف فلسطينيّ.

ونقلت وكالة "الأناضول" للأنباء عن رئيس مجلس محلي مَسافر يطّا، خالد يونس، القول إنّ جيش الاحتلال نفذ مداهمات لتجمعات فلسطينية مهددة بالترحيل وقام بإحصاء السكان.

وأضاف أن جنود الاحتلال سألوا عن سكان تلك البيوت، وصوّروا بطاقات هوياتهم، بذريعة معرفة سكان هذه التجمعات.

وأوضح أن الإحصاء شمل تجمعات: "المجاز، والتبّان، والفَخيت، وجِنبا، وصفَيْ التحتا، وخلّة الضبع"، وجميعها ضمن منطقة مستهدفة بالترحيل، بعد رفض المحكمة العليا الإسرائيلية، التماس السكان ضد تصنيفها منطقة إطلاق نار تابعة لجيش الاحتلال.

كاريكاتـــــير