شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م06:11 بتوقيت القدس

قبل يومين من عيد الأضحى..

حزنٌ يلفّ غزة.. شابٌ أحرق نفسه على باب بنك!

07 يوليو 2022 - 13:25

شبكة نوى، فلسطينيات: هذه ليست غزة. فهي على ما تكابده من "همٍ" لم يسبق لوجهها أن يبدو بهذا البؤس على أعتاب عيد!

أحدهم ليلة الأمس ظنَّ أن حرق النفس، سبيلٌ للنجاة من ألسنة الفقر الممتدة على صدور البائسين هنا!" فأشعل النار في جسده أمام أحد البنوك بمدينة غزة احتجاجًا على عدم تلقيه مخصصات الشؤون الاجتماعية، وفق شهود.

الشاب الذي أصيب في مسيرات العودة عام 2018م، فقدَ بصره، وفقد معه كل فرص العمل الضيقة التي كان يتحصل عليها لأيامٍ معدودة في الشهر، فيلبي بعضًا من احتياجاته الأساسية وزوجته.

بعد الإصابة لم يعد قادرًا على العمل، وغدا مطاردًا في بيوت الأجرة وفقًا لمقطع فيديو تداوله ناشطون له، كان قد صوره سابقًا، وناشد فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقيادات أخرى في حركة "حماس" بينهم إسماعيل هنية ويحيى السنوار، للنظر إلى وضعه، بعدما فقد زوجته أيضًا مع كثرة التنقل في منازل الإيجار، والوضع الاقتصادي السيء.

في المقطع حمل عكازًا، وطفق يقول بانفعال: "أعاني ضمورًا في العصب. ليس لدي مال للأكل. يقولون إنني لست كفيفًا ويتهمونني بالكذب (..) تخيلوا أنني مع كل الفقد الذي أصابني لا أحد يكترث لوضعي".

في قطاع غزّة، تعاني عشرات آلاف الأسر من توقف مخصصات الشؤون الاجتماعية التي تصرفها وزارة التنمية ضمن برنامج الحماية منذ قرابة 17 شهرًا.

ويبلغ عدد الأسر المستفيدة من البرنامج (116) ألف أسرة، منها نحو 80 ألفًا في قطاع غزة.

وكانت وزارة التنمية الاجتماعية، أصدرت توضيحًا للمواطنين في غزة حول المساعدات النقدية التي يتم صرفها للمرة الأولى بعد توقفٍ لأكثر من عام، قالت فيه: "إنها استهدفت نحو 65 ألفًا من منتفعي برنامج التحويلات النقدية (شيكات الشؤون) بقيمة مالية ما بين (350 – 400) شيكل لكل أسرة، تمت باستثناء المستفيدين من الدفعة الرابعة من منحة البنك الدولي في يناير/2022م، والمستفيدين من الدفعة الخامسة من منحة البنك الدولي في يوليو/2022م، والمستفيدين من المساعدة النقدية الحساسة للأطفال، المقدمة من (يونيسيف)، التي صرفت في الفترة ما بين يناير ومايو/2022م.

"مبلغٌ لا يكفي حتى لشراء مؤونة الشهر من الدقيق لأسرتنا" تقول شادية خضر بامتعاض، فبعد الانقطاع الطويل، وشهور الانتظار، والغرق في الديون، تأتي هذه الدفعة بالتزامن مع عيد الأضحى، "ويا ليتها لم تأت" تصرخ السيدة بغضب.

وتضيف: "أشعر بحسرة كبيرة، ولا أعرف بهذا المبلغ، هل سأسدد الديون؟ أم سأشتري بعض الملابس لأطفالي اللذين ينتظرون عودتي بفارغ الصبر وأنا أحمل المال؟".

ليس لعائلة شادية دخلٌ شهريٌ باستثناء مساعداتٍ غذائية من بعض الجمعيات الخيرية، ومبلغ الشؤون الذي ما أن استلمته حتى وجدت "الدائنين" وقد اصطفوا بكراسيهم في أول الشارع الذي تسكنه "البقال، والجزار وغيرهم".

وتكمل: "لا الأطفال سيتفهمون عدم قدرتي على الإيفاء بطلباتهم، ولا الدائنين الذين ينتظرون عودتي الآن بالتأكيد، ومعهم دفاترهم"، مردفةً بحنق: "وتستغربون لماذا حرق شاب نفسه؟ ولماذا انتحر آخر أمس؟ أنا أخبركم، لأننا نعيش بانتظار الموت في هذه الحياة" في إشارة لعدم توفر أدنى متطلبات الحياة للناس هنا.

ولا يختلف الحال كثيرًا في منزل المواطن هاني حسين، وهو رجلٌ عاطل عن العمل بعد إصابةٍ تعرَّض لها في التسعينيات، بينما كان يعمل لدى مُشغّلٍ إسرائيلي.

يقول: "لدي ١٢ ابنًا وابنة، بينهم متزوجون يعيلون أطفالًا، لكن لا أحد فيهم يمتلك وظيفة برغم أنهم من أصحاب الشهادات الجامعية".

ويتابع: "الشهادة هنا فعلًا للفرجة، تعزُّ عليّ نفسي كلما هممت لاستلام مستحقات الشؤون، لكنني فعلًا أحتاجها. بحاجة لمبلغ لا يزيد على ٢٠٠ دولار، ويصرف في أحسن الأحوال كل ثلاثة أشهر".

ويردف بقهر: "عندما علمتُ أن المبلغ المُستحقَّ هذه المرة، سوف لن يتعدّى المئة دولار، لم أجد ما أقوله سوى: الله المستعان".

انطلق الرجل بعد استلام المبلغ إلى سوق البالة، حيث اشترى بجزءٍ منه ملابس لإسعاد أحفاده قبل العيد، وأتم صرف الباقي بشراء الأدوية لزوجته المريضة من صيدليةٍ قريبة.

ووفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن نسبة البطالة قبل فرض الحصار – في عام 2005– كانت نحو 23.6%، في حين وصلت خلال عام 2021 إلى 50.2%، لتكون بين أعلى معدلات البطالة في العالم.

كاريكاتـــــير