شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الخميس 09 اكتوبر 2025م12:05 بتوقيت القدس

عن صدر "الصحافة" المستهدف في مسيرة "كفر قدوم"

29 نوفمبر 2020 - 20:11

قلقيلية/ شبكة نوى- فلسطينيات:

بالنسبة للصحافية راية اشتيوي، فإن التغطية الإعلامية لمسيرة كفر قدوم الأسبوعية تختلف عن تغطياتها كافة في المناطق الفلسطينية الأخرى. من جهة تقف في مرمى الرصاص والقنابل الإسرائيلية كصحفية فلسطينية ترصد المشهد بالكلمة والصورة، ومن جهةٍ أخرى ترى عائلتها وأهالي بلدتها، وهم يتعرضون لأبشع أنواع القمع خلال مشاركتهم في المسيرة المُطالبة بفتح شارع البلدة المغلق منذ 15 عامًا.

راية (32 عامًا) ابنة "كفر قدوم" الواقعة شرق قلقيلية شمال الضفة الغربية، التي يخرج سكانها بالكامل كل جمعةٍ منذ نحو عشر سنوات، في مسيرةٍ سلمية احتجاجًا على إغلاق قوات الاحتلال المدخل الشرقي للبلدة، وسرقة الاستيطان لمعظم أراضيهم، تقول لـ "نوى": "أصيب والدي مرتين، أيضًا أصيب أخي أمام عيني خلال تغطيتي للمسيرة".

الصحفية راية أصيبت هي أيضًا بالاختناق أكثر من مرة، ومرةً بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، حالها حال معظم الصحافيين الذين واظبوا على تغطية المسيرة منذ انطلاقها حتى يومنا هذا، تعلق بقولها: "استهداف الصحافيين مقصود، هذا واضح من عدد الإصابات المرتفع بينهم كل أسبوع".

منذ عام 2011م، تنطلق المسيرة من وسط البلدة حتى مدخلها الشرقي الذي أغلقته قوات الاحتلال منذ 15 عامًا، بهدف فصل البلدة عن مستوطنة "قدوميم"، التي أقيمت على مساحة 2031 دونمًا مملوكة لسكان البلدة منذ عام 1975م، في المقابل يقابل جنود الاحتلال المشاركين بقمعٍ عنيف، يزيد منه ضيق الطريق ومحدوديته، ما يسهم في رفع عدد الإصابات وتركيزها في صفوف الأهالي والصحافيين أيضًا.

مثلها كان حال مصور الوكالة الصينية "نضال اشتية"، الذي ينتظم بتغطية مسيرة "كفر قدوم" منذ 10 سنوات، ما لم يكلف بتغطيةٍ أخرى.

يقول: "عندما يفشل الجنود بتفريق المسيرة، يصبون غضبهم على الصحافيين، يطلقوا الرصاص المطاطي وقنابل الغاز والصوت بشكل متعمد ومباشر".

وتبعد بلدة سالم جنوب نابلس، حيث يسكن اشتية، نصف ساعة أو أكثر عن كفر قدوم الواقعة إلى الشرق من المدينة. يحاول كما كل الصحافيين، تنسيق وصوله مع زملائه بشكلٍ جماعي، بالتزامن مع موعد صلاة الجمعة تمامًا. 

يضيف: "نرافق المسيرة، نصور ونجري المقابلات، وقبل وصولنا إلى مكان الطريق المغلق، يبدأ الجنود مباشرة بقمع المشاركين واستهدافهم".

ويراعي اشتية كما أغلب الصحافيين، التواجد في منطقة حيادية، آمنة من رصاص وقنابل جنود الاحتلال، وفي الوقت ذاته، تمكنه من تغطية ما يحدث بشكل جيد، معقبًا: "لا مبرر لاستهداف الصحافيين، فهويتهم معروفة  للجنود كونهم يرتدون الدروع التي تحمل كلمة صحافة، بالإضافة إلى معداتهم المعروفة الواضحة".

"بعض الجنود ينادون علينا بأسمائنا (..) هم يتعاملون معنا على أننا جزء من المتظاهرين، لا كصحافيين أصلًا".

"بل إن بعض الجنود ينادون علينا بأسمائنا" يستدرك، متحدثًا عن تفرقة جنود الاحتلال في التعامل بين الصحافيين الفلسطينيين، والصحافيين الأجانب بالقول: "هم يتعاملون معنا على أننا جزء من المتظاهرين، لا كصحافيين أصلًا".

أصيب نضال خلال العشر سنوات التي مضت في تغطية مسيرة البلدة، 42 مرة، بينها مرات استدعت نقله وعلاجه في المستشفى، يواصل ضاحكًا: "غالبًأ نعالج إصاباتنا ميدانيًا، لكن الإصابات الحرجة تتطلب نقلًا فوريًا بواسطة الإسعاف".

اعتداءات بالجملة

حجم الاعتداءات على الصحافيين في "كفر قدوم" تبدو جليةً في التقارير الشهرية التي تصدرها المؤسسات الإعلامية التي تعنى بتوثيق الانتهاكات ضد الصحافيين، ومنها المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى".

يقول مسؤول وحدة الرصد والتوثيق في المركز غازي بني عودة لـ "نوى": "الاعتداءات على الصحفيين خلال تغطيتهم الأسبوعية لمسيرة كفر قدوم تتواصل منذ 10 سنوات"، منبهًا إلى أن معظم الاستهدافات التي تطالهم "مباشرة" وهدفها واحد "هو إبعادهم عن التغطية". 

ما يتم توثيقه لا يعكس الاعتداءات الحقيقية على الصحافيين، الذين أصبحوا لا يتعاملون مع الإصابة بالاختناق، أو إصابة دروعهم أو معداتهم على أنها إصابات أصلًا.

وأشار إلى أن ما يتم توثيقه لا يعكس الاعتداءات الحقيقية والكاملة على الصحافيين، الذين أصبحوا لا يتعاملون مع الإصابة بالاختناق، أو مع الرصاص الذي يصيب دروعهم أو معداتهم على أنها إصابات أصلًا، مبينًا أن كل ما يتم توثيقه من اعتداءات، يتم تصديرها على هيئة تقارير للمنظمات الدولية حول العالم، لعلها تضغط في سبيل إيقاف الاعتداءات الإسرائيلية على الصحافيين الفلسطينيين خلال تغطياتهم المختلفة.

ويضيف: "في ظل العجز أمام حجم الاعتداءات الصحفية، وسكوت العالم عن ذلك، نرى أن تقديم التدريبات اللازمة للصحافيين حول السلامة المهنية في الميدان، وتوثيق الانتهاكات بحقهم، والبناء عليها في متابعات قانونية خارجية، هو السبيل للتقليل منها".

كاريكاتـــــير