شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م06:26 بتوقيت القدس

في ميزان "إسرائيل".. الفلسطينيات لا تشملهنَّ المعادلة!

حملات "مناهضة العنف ضد المرأة" لم تَحْمِ عين "مي"

11 ديسمبر 2019 - 15:06

غزة:

"راحت عيني" كانَ وقع العبارة ثقيلًا جداً على لسان مي أبو رويضة وشكلها أيضاً. في لحظةٍ واحدة، اقتلع جنود الاحتلال الإسرائيلي عينَها وسقطت الشابة العشرينية أرضاً، بينما كانت تشارك في مسيرات العودة وكسر الحصار يوم السّادس من ديسمبر/ كانون الأوّل للعام ٢٠١٩م، قرب السياج الفاصل شرق مخيّم البريج وسط قطاع غزّة.

الشابة مي، الخريجة من قسم السكرتارية الطبية، أصيبت برصاصةٍ مطاطية في العين اليمنى، وتم إسعافها بشكل مبدئي من قبل رفيقاتها في الميدان ومسعفي الهلال الأحمر الفلسطيني، حتى تم نقلها إلى مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع.

تقول: "كنتُ أقفُ على مسافة بعيدة من السلك الفاصل إلى جانب المتظاهرين، أتأمل نقاط تمركز الجنود، وما بعدهم من أراض فلسطينية محتلّة، وأتخيلُ ماذا يمكن أن أُبصر لو وصلتُ يوماً ما إلى هناك، مساحات خضراء؟" ربّما يبدو الأمر غريبًا، لكن حتى المشي في مساحةٍ خضراء، يعُد في غزة التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة حلمًا بعيد المنال.

بدأ الجنود بإطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع نحو المتظاهرين ومن بينهم مي، لم تتوقع أنها ستُصاب بواحدةٍ بشكلٍ مباشر، وفي عينها أيضًا! لقد فاتَها أن الجنود المتربصين بالمتظاهرين هم في الأصل قنّاصة.

ظنّت مي أنها في مأمن ولن يتم استهدافها لبُعد المسافة، حتّى أفاقت بعد لحظاتٍ لتجد نفسها ملقاةً على الأرض، والدّم ينزف من عينها ومن فمها أيضاً -حسب وصفها-.

وتضيف الشابة: "كنت في مسيرة سلمية، لم أحمل سلاحاً ليتذرع الاحتلال باستهدافي لأجله، أشارك في المسيرات السلمية الأسبوعية منذ آخر أيام أغسطس عام 2018م".

تحوّلت حياة مي رأساً على عقب، لطالما حَلُمت بوظيفةٍ وعيشٍ آمنٍ مستقرٍ داخل قطاع غزّة المحاصر منذ 13 عاماً، بعد الإصابة صار الحلم الأكبر أن تعود عينها كما كانت، أن تجد علاجًا يسعف ما تبقى من نظرها الذي فقدته جزئيًا بسبب الإصابة.

إنه "احتلال"

صدفةٌ قدرية أن تتزامن إصاب مي، مع حملات المناهضة العالمية للعنف ضد المرأة، في الوقت الذي لا ينفكُّ فيه الاحتلال عن التبجّح باستهداف النساء الفلسطينيات وأبنائهن وأزواجهنّ أيضًا، دون أن يلقي بالًا لأي حملة ضدّ أي فئة،  فهو احتلال ومجرّد لفظ الكلمة تدل على فعل أصحابها.

والد مي، سليمان أبو رويضة يقول: "تشارك ابنتي في المسيرات السلمية منذ العام الماضي، كانت متحمسة جداً في آخر مرةٍ للذهاب والهتاف من أجل فلسطين، ودّعتنا وطلبت الدعاء، لأفاجأ بعد وقتٍ قصير باتصال من المستشفى يخبرني بأن ابنتي استهدفها الاحتلال، أصابها كسر في الفك والجفن والعين قد اقتلعت بنسبة 99%".

وبحسب الأب، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تصاب فيها ابنته خلال مسيرات العودة، بل إنّها أصيبت قبل ذلك أربع مرات وكانت إحداها بالرصاص الحي، مطالبًا بضرورة توفير المساعدة العاجلة والعلاج لها سيما وأن أسرتها تمرّ بظروف اقتصادية صعبة.

وتضامن العشرات من النشطاء الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة "فيسبوك" مع الفتاة الجريحة، بعد حملة التضامن الكبيرة التي طغت على صفحات الأشخاص والمؤسسات وحتى المسئولين الفلسطينيين مع الصحفي معاذ عمارنة، الذي فقد عينه اليمنى إثر إصابته برصاصة مطاطية أطلقها جيش الاحتلال صوبه أثناء تصويره للمواجهات في بلدة "صوريف" بالخليل المحتلة قبل ثلاثة أسابيع، ناهيك عن حملات تضامن سبقتها مع المصورين الصحفيين عطية درويش وسامي مصران بعد استهدافهما خلال عملهما في تصوير أحداث مسيرات العودة.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة في بيانٍ أصدرته الجمعة الماضية، أنّ طواقمها تعاملت مع 37 إصابة بجراح مختلفة، منها 4 بالرصاص الحي و10 بأعيرة معدنية مغلفة بالمطاط، جراء قمع قوات الاحتلال للمشاركين في فعاليات الجمعة الـ 38 لمسيرة العودة شرق قطاع غزة.

كاريكاتـــــير