شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024م04:13 بتوقيت القدس

فلسطين تودع المناضلة عطاف يوسف

09 ديسمبر 2019 - 13:36

رام الله:

(مرحبا صالح، الي كتبته كثير مؤثر إلى درجة أني بكيت وقمت بعمل فحص سرطان الثدي حتى لا يضطر ابني ذات يوم أن يحمل مثلك ومثل إخوتك جزءًا مني ويذهب لفحصه"، هكذا قالت لي عطاف يوسف محررة مُلحق صوت النساء ذات سنة، مشجعة وداعمة لي في سنوات كتابتي الأولى قبل سنوات طويلة، طبعًا طبقة صوت عطاف الصادقة على الهاتف الأرضي آنذاك، لا يمكن تشكيلها لا بالنحو ولا حتى بالموسيقى).

كانت الفقرة السابقة مقدمة مقال كتبه الإعلامي صالح مشارقة في رثاء المناضلة الفلسطينية عطاف يوسف التي ودّعت الحياة يوم الجمعة عن عُمر (63 عامًا) -وهي من قرية الجانبية قضاء مدينة رام الله- بعد حياة حافلة بالعمل النضالي الوطني والانحياز لحقوق النساء ومساندتها والكتابة من أجلها.

عطاف يوسف ابنة قرية الجانية، واجهت في صغرها تحديًا اجتماعيًا كبيرًا كي تنال التعليم الذي تريد إذ كانت مدارس القرية تعلّم حتى المرحلة الابتدائية، وهي انتقلت للعيش وحدها في رام الله، ثم مارست العمل الفدائي واعتقلها جيش الاحتلال الإسرائيلي إثر إحدى العمليات وحكمها 25 عامًا حتى تم الإفراج عنها ضمن صفقة تبادل أسرى مع جيش الاحتلال، وسرعان ما تزوجت من الأسير المحرر خضر قطامي الذي قضى 17 عامًا في سجون الاحتلال وتم إبعادها خارج البلاد، ثم عادت مع عودة السلطة الوطنية الفلسطينية لتمتشق القلم مثلما امتشقت السلاح وتدافع عن النساء والمجتمع من خلال رئاسة تحرير صحيفة صوت النساء.

يقول مشارقة في مقاله وهو بعنوان "عطاف التي في غرفة التحرير"، :" سياستها التحريرية لا تحتاج لبكالوريوس صحافة وإعلام، بل إلى ما حملته معها من العمل الفدائي ومن زنازين الاحتلال عام 1979 إلى صفقة التحرير عام 1985، إلى الجزائر وعمان وبيروت، ثم استشهاد الزوج الأسير المحرر، إلى تربية الابنين اليتيمين، وأخيرًا العودة من المنفى وبناء البيت هنا في قرية الجانية غرب رام الله.

سياستها التحريرية لا تحتاج لبكالوريوس صحافة وإعلام، بل إلى ما حملته معها من العمل الفدائي ومن زنازين الاحتلال عام 1979 إلى صفقة التحرير عام 1985

أما الكاتبة أمل جمعة من مدينة رام الله والتي رافقت الراحلة عطاف منذ عام 1997 إبان عملهما سويًا في طاقم شؤون المرأة فتقول لنوى:"اسم عطاف كان معروفًا كمناضلة، وكان من الجميل العمل معها، هي مناضلة اعتقلت وتم هدم بيت ذويها وتهجّرت إلى الجزائر والأردن، خلال سنوات عملنا نشأت بيننا صداقة قوية".

"امرأة قوية الشكيمة"، هكذا علّقت جمعة وأضافت :"هي قادرة على اتخاذ القرار، البعد النضالي والوطني لديها شديد الوضوح، تلتقط بسرعة أي شيء أو فِكر غير مناسب، وضوح شخصيتها لافت جدًا".

"لا يمكن رؤية وطن محرر دون امرأة حر"، هكذا إذن آمنت عطاف منذ البداية كما تؤكد صديقتها أمل جمعة، وهذا ظهر في كتاباتها وطريقتها الجندرية في التحرير الصحفي، هي أضافت للعمل النسوي بعدًا نضاليًا فهي لديها أيضًا تجربة خاصة في الكفاح على مستوى التعليم إذ تحدّت الكثير من الظروف كي تتعلم، هي عاشت وحدها منذ صغرها وآمنت أن المرأة عندما تتعلم تصنع الكثير، كانت على الدوام إضافة مهمة للعمل الوطني والنسوي، سيفتقدها كل من عرفها وتأثر بفكرها.

جمعة: هي قادرة على اتخاذ القرار، البعد النضالي والوطني لديها شديد الوضوح

أما مديرة طاقم شون المرأة في قطاع غزة نادية أبو نحلة والتي عرفت السيدة عطاف بشكل شخصي من خلال عملهما في الطاقم منذ عام 1998، حين ترأست يوسف رئاسة تحرير صوت النساء، فتقول :"هي من المناضلات المميزات الملتزمات وأفخر على الدوام أنني عملت معها".

وتكمل :"لم تكن شخصية عادية، كانت هادئة صامتة ولكن التقرّب منها يكشف عوالم أخرة بشخصيتها ومعرفتها وثقافتها ووطنيتها، تركت بصمة في الحياة السياسية كما النضالية والفكرية والأدبية والنسوية، كانت مبدعة على كل المستويات".

"هي إنسانية جسّدت عظمة المرأة الفلسطينية التي تناضل على المستوى الوطني والاجتماعي، أعطت عنوان حقيقي لصوت النساء، تميزت الصحيفة حين كانت عطاف محررة لموضوعتها بالانتقاء الجيد للقضايا الاجتماعية والثقافية، لديها ارتباط وطني ونسوي وتتكلم عن كل شيء من منظور نسوي".

حملت الراحلة يوسف الفكر الشيوعي وهي تزوجت من الأسير المحرر خضر قطامي الذي توفي لاحقًا وبقيت هي تربي ابنيها، كان لديها ارتباط غير عادي بالأرض، منذ عودتها إلى فلسطين اختارت أن تعيش في قريتها قرية الجانبية قضاء رام الله، فهي تحب الأرض والطبيعة ولديها ارتباط غير عادي بأشجار الزيتون والبيئة الريفية.

وتضيف أبو نحلة :"كانت يسارية منتمية للطبقات الكادحة صاحبة رسالة لم تتراجع ولم تنجرّ إلى كل المتغيرات التي حدثت، مثلما امتشقت السلاح في صباها امتشقت القلم أيضًا وناضلت بالكلمة، وعملها المؤسساتي هو استكمال لمسيرتها في العمل الفدائي، كانت قادرة على دمج السياسي بالاجتماعي والوطني"، وادعًا عطاف.

اخبار ذات صلة
صــــــــــورة
كاريكاتـــــير