شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م10:20 بتوقيت القدس

مدافئ الغاز من جديد.. أربع وفيات في أسبوع!

18 فبراير 2023 - 09:39

شبكة نوى، فلسطينيات: "ليس للأمر علاقة بالدرجة التعليمية. إنه القدر"، يحاول الطبيب محمد الذي اكتفى بذكر اسمه الأول، إقناع نفسه بهذه العبارة، بعد ما حدث مع عائلته خلال المنخفض الأخير الذي ضرب فلسطين.

في تلك الليلة، كانت عائلة الطبيب تجتمع في صالة الجلوس لتشاهد التلفاز، فلما اشتدّ البرد قرر الوالد تشغيل مدفأة الغاز لجلب بعض الدفء إلى المكان، وكان قد أضمر في قرارة نفسه أن يخرجها إلى الصالة الأوسع بعد أن تدفئة المكان، لكن ما حدث بعد ساعتين تقريبًا لم يكن في حسبانه، ولم يخطر أبدًا في باله.

يقول: "فجأةً شعرت بجسدي ثقيلًا، زوجتي بالقرب مني لا تتحرك، وتنظر نحوي، بينما وجهها أحمر مثل الدم. وأطفالي لا أدري إن كانوا قد غفلوا، وناموا، أم "ماتوا"! يا إلهي لا أرجوك، صرت أستنجد بلا صوت، وأتوهم أنني أصرخ، ولولا أن الله أمدني بالقوة لكنا كلنا في عداد الموتى".

عن أريكته نزل الرجل زاحفًا على ظهره بشق النفس، ووصل إلى الباب، وتسلقه حتى وصل إلى المقبض، فتحه وتنفّس بقوة حتى استعاد قوته، ثم هرول نحو أنبوبة المدفأة وأغلقها.

زوجته التي أغمي عليها، ووصفت حالها آنذاك بالشلل، بقيت حتى اليوم التالي في حالةٍ صعبة، بينما الله سلّم أطفالهما الأربعة من موتٍ محقق.

يضيف محمد: "أعرف تمامًا ما قد يحدث في حال تشغيل الغاز أو الفحم في مكانٍ مغلق، لكن لم أكن أتوقع أن يحدث ذلك في غضون وقتٍ قصير، أو لعلي لم أنتبه للوقت".

بعد ذلك الحادث، قرر الطبيب عدم استخدام مدفئة الغاز بتاتًا "حتى ولو متنا بردًا" يعقب.

وتبدو الأمور في بيت أم ياسر مستتبة، ولو أنها تعتمد على سخّان مياه يعمل على الغاز منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

تقول: "أعرف أنه خطر، بل إن قلبي يهبط كلما رفعت حنفية الحمام لأغسل يدي، بعد أن يصدر عن الصخان صوت يشبه صوت تشغيل بابور زمان، لكن زوجي مقتنع به وما باليد حيلة".

تضع السيدة أنبوبة الغاز في الشرفة الملاصقة لجدار الحمام، لكن الرائحة تتسرب إلى الداخل أثناء الاستحمام ولا بد، "وأحيانًا أشعر بأنني سأموت لا محالة، بعد أن يمتلأ المكان بالبخار، وتزوره رائحة الغاز أيضًا".

ويتهاون الكثيرون في قطاع غزة أيام البرد الشديدة باستخدام مدافئ الغاز وكوانين الفحم، رغم توافد الأخبار كل شتاء عن وفيات بسبب تشغيل التدفئة، وعدم ترك منفس في المكان.

"أربع وفيات خلال هذا الأسبوع فقط" يقول محمود بصل المتحدث باسم الدفاع المدني بغزة، ويضيف: "على المواطن أن يعي ويدرك أن هذه المدافئ سواء الغاز أو الفحم تشتعل وتتغذى على الأكسجين، ما يعني أن إغلاق جميع منافذ التهوية، تؤدي إلى سحب الأكسجين داخل المكان ما يؤدي إلى حدوث حالات اختناق قد تصل للوفاة، وهو ما حدث خلال الربع الأول من الشهر الحالي، إذ فجعنا في يوم واحد بوفاة طفل وإصابة جميع أفراد عائلته اختناقاً بمدفأة غاز، وفي ذات اليوم توفي رجل وأصيبت زوجته بحالة خطيرة بذات السبب.

يجدد بصل تحذيره للمواطنين بضرورة ترك تيار هواء متجدد في المكان الذي توضع به المدفأة وعدم إغلاق منافذ التهوية بالكامل، لضمان تجدد الأكسجين داخل المكان.

ويصف بصل المدافئ (الغاز والفحم) تحديداً بأنها قنابل موقوتة داخل البيوت، يجب الحذر أثناء استخدامها وضرورة اتباع الإرشادات التي تنشرها مديرية الدفاع المدني باستمرار

ويؤكد بصل أن ما يحدث للإنسان من حالة اختناق، يجعله في حالة شلل كامل، إدراكه الكامل لكل ما يحدث حوله، لكنه لا يستطيع الحركة، أو التكلم، أو حتى فعل أي شيء يمكنه من النجاة بنفسه وبعائلته، لافتاً أن الجسم في هذه الحالة يكون قد فقد الأكسجين، وأصبح أسير لهذا القاتل الصامت.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير