شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م08:46 بتوقيت القدس

ضعف الرقابة على سماسرة تأجير المركبات يضاعف وقوع الحوادث

21 اعسطس 2017 - 14:57
شبكة نوى، فلسطينيات:

غزة-نوى:

يستطيع من يرغب بقيادة سيارة في قطاع غزة، الحصول عليها مباشرة عبر سماسرة تأجير السيارات أو عبر الشركات المنتشرة في مختلف أنحاء القطاع، دون الحصول على أي إجراءات قانونية أو اشتراط حمل رخصة القيادة.
هذا التساهل في التعامل مع مستأجري السيارات، يشكّل خطراً كبيراً على أرواح المواطنين، إذ أن سبعة مكاتب تأجير سيارات مرخّصة فقط، بيد أن العشرات منها تزاول العمل دون وجود رقابة حقيقية.
خلال الأشهر الماضية تعرّض الطفل مصطفي قديح 16 عامًا لحادث دهس بينما كانت والدته قابضة على يده في انتظار أن يقطعا الطريق، وإذ بسيارة مسرعة من نوع "كيا" جاءت بطريقة معاكسة، فاصطدمت بالطفل وأطاحته أرضاً، صراخ الأم من هول الحادث لم يوقفه سوى سيارة الإسعاف التي جاءت لاصطحاب الضحية إلى المستشفى، وحاول الشاب الذي كان يقود المركبة الهرب لكن المارّة أمسكوا به. 
تتحدث المواطنة أم مصطفى عن باقي التفاصيل قائلة: "بينما كنت ذاهبة إلى السوق برفقة ابني، تعرض لحادث دهس من قبل سيارة كان يقودها شاب مراهق لم يتجاوز عمره التاسعة عشر ولا يحمل رخصة قيادة".
تضيف أن الشاب بعدما دهس ابنها شعر بالخوف وبدأ يتوسل إليها كي لا تخبر الشرطة، باعتبار المركبة مستأجرة عبر إحدى مكاتب التأجير.
وأفاد التقرير الطبي أن الطفل قديح تعرّض لكسرٍ في يده اليسرى وقدمه، ولهذا أصرّت والدته إبلاغ الشرطة بالحادثة من أجل معاقبة الشاب المتسبب بالحادث.
ويقوم سماسرة تأجير المركبات، وأصحاب الشركات الوهمية بتأجيرها لزبائنهم من خلال التواصل عبر الهواتف، حيث لا يوجد مقرّات خاصة ولا عناوين ثابتة يمكن التواصل عبرها، ويفضّل أولئك السماسرة أن يجري الاتفاق على مكان معين لتسليم السيارة لعدد من الساعات مقابل الحصول على قيمة الأجرة مسبقاً.
مراسلة "نوى" حاورت أحد هؤلاء السماسرة عبر الهاتف للتعرف على طبيعة عملهم، ولكن المدخل للحديث هو طلب استئجار سيارة لقضاء مناسبة حفل زفاف، وكانت ردة فعل السمسار، أنه لا شروط لديه باستثناء دفع المبلغ مقدمًا.
ويتعارض هذا الإجراء مع ما نص عليه قانون المرور الفلسطيني، حيث ورد في مادته الثانية على أنه "لا يجوز تسيير أية مركبة على الطريق، إلا بعد تسجيلها لدى سلطة الترخيص والحصول على رخصة بتسييرها".
ساءلت "نوى" وزارة النقل والمواصلات، حول طبيعة عمل هؤلاء السماسرة وكذلك الشركات الوهمية، فجاء الرد على لسان الناطق الاعلامي باسم الوزارة محمود ياسين، الذي أقرّ بأن المراقبة على شركات تأجير السيارات غير المرخصة والسماسرة ضعيف وصعب في نفس الوقت؛ لما أسماه "حساسية" الموضوع.
وقال ياسين لـ"نوى": "إن الوزارة لا تمتلك كادرٍ كافي يقوم بالمراقبة بشكل دوري، لكن بين فترة وأخرى من خلال قسم المرور نجري مراقبة على المفترقات العامة وتقوم بالتفتيش على رخص القيادة"، مبيناً أنه مؤخرًا تم تفعيل قانون المرور رقم خمسة لعام 2000 الذي يقضي بتغريم المخالفين من سائقي السيارات المستأجرة 180 دينار كطريقة رادعة إذا لم يحملوا رخصة قيادة.
حول الإجراء الوقائي للحيلولة دون وقوع حوادث، اعتبر ياسين أنه لا يمكن التنبؤ بوقوع الحادث، لكن الجهات المختلفة "تقوم باتخاذ الإجراءات بعد وقوعه وتحاول ملاحقة السماسرة قدر المستطاع" كما قال.
وأوضح أن هناك ملك عام وملك خاص، متعلق بالإجراءات المتخذة حسب وقوع الضرر، ويتم معاقبة المخالف عبر عدة مراحل: أولاً توقيع تعهد، ثم تحرير مخالفة، العقوبة الثالثة حال تكرر فعل المخالفة تقوم وزارته بحجز السيارة لمدة 24 ساعة للتعرف على صاحب الشركة الذي قام بعملية الإيجار لأجل تحويله للشرطة لأجل متابعة الأمور القانونية.
بلغ عدد الحوادث التي نجمت عن إستئجار مركبات دون قوانين بشكل عشوائي خلال العام الماضي، 42 حادث، فيما بلغ عدد الوفيات نتيجة تلك الحوادث 3 وفيات، في حين كان هناك 14 إصابة، في المقابل وقع منذ مطلع العام الحالي، إلى الآن 18 حادث، فيما جرى تسجيل حالتي وفاة، حسب ما أقرت به دائرة الحوادث على الطرق.
"نوى"، التقت بالمسؤول عن دائرة المرور في جهاز الشرطة، المقدم فهد حرب، الذي أقر بأن أحد أهم أسباب انتشار الحوادث المرورية في القطاع، هو انتشار مكاتب التأجير غير المرخصة، معبّرًا عن أسفه حيال هذا الأمر.
وأشار حرب، إلي أن دائرته سعت مؤخرًا لكبح جماح هذه الظاهرة، من خلال تشديد الإجراءت بحق المخالفين، إذ قامت مؤخرا بالقبض على أحد السائقين وهو يقود سيارة مستأجرة، ومن ثم جرى احتجاز المركبة واستدعاء مالكها وتوقيفه لإشراكه في المسؤولية، وعمل ملف قضائي لهما وعرضهما على المحكمة لاستكمال الإجراءات القانونية.
وأوضح في الوقت ذاته، أن تلك المركبات التي تعمل بشكل عشوائي معظمها غير حاصلة على تأمين، وغالبًا ما يتم استخدامها لأغراض مخلة بالآداب، بالإضافة إلى جراءم السرقة، والسطو، ذلك وفق محاضر الضبط التي جرى تحريرها مؤخرًا.
يبدو أن الإجراءات التي تتخذها الجهات المختصة ما زال دورها محدود في القضاء على ظاهرة تأجير المركبات غير القانونية، وتبقي حياة المواطنين رهن تلك العشوائية التي قد تودي بحياة أي منهم في أي لحظة، ولكن السؤال: إذا لم تكن حياة المواطنين محرّكاً وراء ضبط هذه العشوائية القائمة على استئجار السيارة، فما هو الدافع الذي قد يردع السماسرة وأصحاب الشركات الوهمية؟.

كاريكاتـــــير