شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الخميس 09 اكتوبر 2025م12:15 بتوقيت القدس

شباب غزّة المغتربون

عينٌ على الوطن وأخرى على المستقبل

17 يونيو 2017 - 00:55
شبكة نوى، فلسطينيات:

غزّة- نوى:

 لم تكن فكرة السفر والهجرة خارج قطاع غزّة، ضمن الأفكار التي جالت في خاطر المدوّن والناشط السياسيّ عامر العروقي (24) عامًا، حين كان طالبًا جامعيًا في قسمِ الإعلام بجامعةِ فلسطين، لكن سوء الأوضاع المعيشيّة وانعدام الأفق، جعلت السفر الخيار الوحيد المطروح أمامه، للبحث عن حياةٍ أفضل ومستقبلٍ أجمل من ذاك الذي يبدو سوداويًا في غزّة.

 في حديثٍ ل "نوى" يقول العروقي: "حالي مثل الكثير من الخرّيجين والشباب في غزة، فأنا خرّيجٌ منذ عامين تقريبًا ولم أحظَ بفرصةِ عملٍ ولو مؤقتة حتى وقت سفري إلى أوكرانيا نهاية عام 2016، والّذي واجهت في سبيل تحقيقه صعوباتٍ جمة".

ويؤكّد أنّ المعاناة التي عاشها لم تقتصر على تردي الوضع المعيشيّ فقط؛ بل امتدت لجانبٍ آخر خطير جدًا، حيث تلقى أكثرَ من رسالةِ تهديد بالاعتقال والخطف، مستكملًا "تم إيقافي مرّات عديدة في الشارع من قِبل جهاتٍ مجهولة"، ويوضح أنّ السبب كان باختصار مطالبته بحياةٍ كريمة عادلة، وانتقاده عمل حركة حماس الحاكم الفعليّ لقطاع غزّة في كتاباته المختلفة.

 ورغم ذلك لم تتوقف كتابات عامر التي يعالج فيها بعض القضايا الوطنيّة والمجتمعيّة ويطرح من خلالها رأيه وتعليقه على مجملِ ما يحدث في وطنه فلسطين، وحسب ما يبيّن فإن ما يكتبه يتنوع بين المقالات السياسيّة والمدونات المختلفة، عدا عن المنشورات والتغريدات القصيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ المختلفة.

يكمل: "لا شيء يهمني في هذه الحياة أكثر من أزمات القطاع على وجهٍ خاص والقضية الفلسطينيّة بشكلٍ عام". ويردد على الدوام قول "أصبحت لا أعيش في غزّة ولكن غزّة تعيش في داخلي".

ويعاني الشباب الفلسطينيّ من أوضاعٍ معيشيّة صعبةً للغاية، فقد بلغت نسبة البِطَالة بين الخرّيجين الشباب 51%، بحسب بيان نشره الجهاز المركزيّ للإحصاء الفلسطينيّ في 12 أغسطس الماضي في يوم الشباب العالمي، وبحسب النتائج الظاهرة فإن 63% من الشباب بين عمر 15 و29 عاماً يرغبون في الهجرة، لكنّهم لا يفكّرون بالهجرة الدائمة، بواقع 73% في الضفّة الغربيّة و56% في قطاع غزّة.

أما الصحافيّة نجوى إقطيفان فتقول إنّها غادرت قطاع غزة متجهةً لجمهوريّة مصر العربيّة عام 2016 للبحث عن فرصةٍ جديدةٍ وحياةٍ أكثر استقرارًا، مضيفةً "الجميع يعلم أنّه لا مستقبل واضح في غزّة، فالحياة هناك كالجسد الذّي يحيا بلا روحه".

وتبيّن إقطيفان على الدوام من خلال مقالاتها الّتي تُنشر في أكثر من وسيلة إعلاميّة الوضع الانسانيّ الكارثيّ في غزّة والّذي شمل كافّة مناحي الحياة، تردف: "أَستثمرُ كلّ الأوقات الّتي أجالس فيها أصدقاء غرباء للحديث عن معاناةِ فلسطين عامّة وغزّة خاصّة"، وتشير إلى أنّها تتواصل مع إعلاميّين عرب كُثر لتشرح لهم الوضع المتأزّم، وتنادي بضرورة رفع الوعي والاهتمام بالقضايا الفلسطينيّة في الإعلام العربي.

تتابع: "لا يُمكن العودة لغزّة في مثل هكذا وضع، خاصّةً وأني خرجت منها بصعوبة بالغة بسبب سوء حال المعابر والحصار الخانق"، موضحةً أنّها فقدت أكثر من فرصة عمل لذاتِ السبب، ولا تنكر حنينها المستمر لغزّة وأهلها الذي بدأ مع أول خطوة لها خارجها، وترى بأن عودتها لها مرهونة بالظروف والأوضاع العامّة.

الحالُ لا يختلف كثيرًا إذا ما تحدثنا عن الكاتب والصحافيّ الشاب أحمد بعلوشة (27) عامًا، الّذي غادر القطاع في أيّار/مايو ٢٠١٦ متجهًا إلى الضفّة الفلسطينيّة المحتلة بحثًا عن العلم والعمل، يبدأ أحمد حديثه "غادرتُ غزّةَ جسدًا، وبقيتُ فيها تفكيرًا وإحساسًا، فعقلي دائمًا هناك، حيث أهليّ وأصدقائي وذكريات طفولتي والتّفاصيل الجميلة"، مشيرًا إلى أنّه يقوم بالكتابة عن مشاكل القطاع اليوميّة باستمرار.

ويتابع بعلوشة كافّة الأحداث والمجريات المرتبطة به، مردفًا "إنّها في غاية الأهميّة بالنّسبة لي كصحافيّ فلسطينيّ عاش في غزّة أعوامًا كثيرة، ولديّ ارتباط وثيق بتلك المدينة الصغيرة، ويوضح بعلوشة أنّ فترةَ تواجده في غزّة كان يواجه الأحداث كمختلف المواطنين الّذين يعيشون فيها ويحاولون تجاوز صعابها، الأمر الّذي كان يدفعه إلى كتابة المزيد وتسليط الضّوء على قضاياها بشكلٍ أوسع.

ويكمل: "مع تواجدي خارج القطاع، أصبحت لديّ رؤية مقرونة بما يعيشه الآخرون في الأماكن المختلفة، وبالتالي أكتب الآن عن الأحداثِ من زاويةٍ أبعد وربّما تكون أشمل في بعض الأحيان، وكما باقي أهالي غزّة المغتربين يعمل أحمد على نقل رسالتها لمن هو خارجها، ويرى في هذا العمل مهمّة يجب أن يقوم بها على الدوام، كما أنّه لا يمكنه الانفصال عن هموم القطاع وآلامه مهما ابتعدت المسافات.

ويستدرك: "غزّة بحاجة بشكلٍ فاعل وعمليّ لنقل حالتها الواقعيّة بصورةٍ واسعة، الأمر الّذي من شأنه أن يتركَ أثرًا على من يعيشون في الخارج ويجهلون الكثير حول وضعها".

وشهد قطاع غزّة في السنواتِ الأخيرة مغادرة جماعيّة لعدد كبير من الشباب والكُتاب والمثقّفين والصحفيّين باتجاه رام الله وتركيا ودول أروبّا المختلفة، فغزّة من وجهةِ نظرّهم أصبحت مكانًا غير صالح لتطوير المواهب وتنمية الذات، ومن جانب آخر فهم يرونها غير قادرة على استيعاب ما ينتجونه من معرفة وكتابات تنتقد الأوضاع السياسيّة والحياتيّة الصعبة، التي يعاني منها القطاع منذ الانقسام الفلسطيني في يونيو سيطرة م.

كاريكاتـــــير