غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
"خاتمة مشرفة لمسيرتي المهنية، وتكريم لي ولأطباء غزة ونحن نخوض تجربة الحرب القاسية"، بهذه الكلمات عبر الدكتور يونس عوض الله عن مشاعره إزاء اختيار مجلة "تايم" الأمريكية له، ضمن قائمتها السنوية العالمية (TIME100 Health) لعام 2025م، التي تضم شخصيات بارزة هي الأكثر تأثيرًا في مجال الصحة حول العالم.
وجاء اختيار أخصائي الصحة والتغذية في منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، الدكتور عوض الله، تقديرًا لجهوده الطبية والإنسانية خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023م، حيث آثر البقاء في القطاع وعدم المغادرة والسفر للخارج.
"أعدُّ هذا الاختيار خاتمة ممتازة، وتتويجًا لمسيرتي المهنية، وتقديرًا لكل شيء قدمتُه للإنسانية، وما زلت على استعداد للعمل حتى آخر لحظة في حياتي".
ويقول لـ"نوى": "على المستوى الشخصي وكطبيب فلسطيني، أعدُّ هذا الاختيار خاتمة ممتازة، وتتويجًا لمسيرتي المهنية، واعترافًا بجهودي، وتقديرًا لكل شيء قدمتُه للإنسانية، وما زلت على استعداد للعمل حتى آخر لحظة في حياتي".
وعلى المستوى المهني، يضيف: "لا أدعي النجاح وحدي، وهذا الإنجاز ليس شخصيًا، فقد عملت مع فريق من الزملاء والشركاء في هيئات دولية ومحلية، كان لهم دور فيما حققناه من إنجازات".
عندما نشبت الحرب، كان الدكتور عوض الله (69 عامًا) متقاعدًا من عمله مع "يونيسيف"، لكنه قرر العودة والمساهمة في عمليات منقذة للحياة، وكانت له إسهامات مؤثرة من خلال قيادته حملات تطعيم وإنقاذ وسط ظروف معقدة، وفي ظل المخاطر والاحتياجات الهائلة وقلة الإمدادات الطبية.
"التهديد الصامت لغزة"، فيلم أنجزته "يونيسيف"، ويرصد الحياة الإنسانية والمهنية اليومية للدكتور عوض الله خلال الحرب، وقد فاز بجائزة في مهرجان بالولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت هذه التجربة الملهمة للدكتور عوض الله محور فيلم وثائقي بعنوان: "التهديد الصامت لغزة"، أنجزته "يونيسيف"، ويرصد معايشة واقعية للحياة الإنسانية والمهنية اليومية له خلال الحرب، وقد فاز هذا الفيلم بجائزة في مهرجان بالولايات المتحدة الأمريكية، والمنظمة الأممية بصدد توزيعه على كل مكاتبها في 159 دولة حول العالم.
ويضيف الدكتور عوض الله: "الفيلم يوثق تجربتي كطبيب عائد من التقاعد، وهو عبارة عن قصة إنسانية، وتوثيق ومعايشة حقيقية خلال العمل وحتى خلال فترات الراحة القصيرة، وتضمن مواقف إنسانية لم أتمالك فيها نفسي وبكيت".

ولد الدكتور عوض الله في العام 1956م، لأسرة لاجئة من بلدة "المسمية الكبيرة" إبان نكبة العام 1948م، وأنهى دراسة المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس "أونروا"، وبعد حصوله على شهادة المرحلة الثانوية، سافر لدراسة الطب في جامعة الأزهر بمصر، وتخرّج منها في العام 1981م، وعمِل في المستشفى الجامعي كمقيم جراحة أطفال لنحو عام ونصف العام.
وفي العام 1982م انتقل الدكتور عوض الله للعمل بالسعودية، وأقام فيها 20 عامًا، ثم عاد إلى غزة وعمل مديرًا لدائرة صحة الطفل في وزارة الصحة في العام 2002م، وبعد 8 سنوات استقال من عمله الحكومي، والتحق بالعمل مع "يونيسيف" كأخصائي صحة وتغذية لنحو 12 عامًا حتى تقاعده في العام 2021م.
إثر اندلاع الحرب، ساعد الدكتور عوض الله زملاءه في "يونيسيف" بتجهيز قائمة مشتريات من المستلزمات الطبية الخاصة بالطوارئ، في فترة قياسية.. خلال 3 أيام فقط.
وإثر اندلاع الحرب، ساعد الدكتور عوض الله زملاءه في "يونيسيف" بتجهيز قائمة مشتريات من المستلزمات الطبية الخاصة بالطوارئ، ويقول: "استطعنا إنجازها في فترة قياسية خلال 3 أيام فقط، وتقديرًا لهذا العمل، وقعوا معي عقدًا جديدًا كأخصائي صحة وتغذية، وهو ما وجدته تكريمًا من المؤسسة، وفرصة للمساهمة في إنقاذ الأرواح، خاصة في أوساط الأطفال والنساء وهم شريحة الضحايا الأكبر للحرب".
ولم يتردد الدكتور عوض الله في العودة من تقاعده، وآثر البقاء في غزة وعدم مغادرتها، ويفسر ذلك: "عملت في المجال الطبي لعقود طويلة، وعائلتي كلها أطباء، وقد نشأنا وتعلمنا من والدنا وأخوتي الأكبر قيمة العطاء، وتقديم حاجة الناس على أي حسابات ومصالح شخصية وذاتية، وأنا من المؤمنين بالعطاء والتضحية، والانتماء لهذه الأرض"، مردفًا بعنفوان: "عملُنا في القطاع الصحي، رسالة إنسانية سامية".
"نعمل هنا وسط خطر شديد، ولا ضمانة لحياتنا، وأرواحنا على أكفنا (..) تجربة الحرب الحالية، الأصعب، في مسيرتي المهنية الطويلة، ليس فقط كطبيب وإنما كإنسان"
خلال الحرب نزح الدكتور عوض الله من بيته في مدينة غزة، وتنقل من منطقة القرارة إلى مدينة دير البلح، يخبرنا: "أعيش هنا وحيدًا، فيما زوجتي المريضة بالسرطان وبناتي الأربع بعيدات عني في الخارج".
ويكمل: "نعمل هنا وسط خطر شديد، ولا ضمانة لحياتنا، وأرواحنا على أكفنا"، عادًا تجربة الحرب الحالية، الأصعب، في مسيرته المهنية الطويلة، ليس فقط كطبيب وإنما كإنسان، "وخلالها عايشت الكثير من المواقف الصعبة والمؤثرة، من حيث التدمير والقتل ومشاهد كثيرة مؤذية لأي إنسان، خاصة الأعداد الكبيرة من الضحايا في أوساط الأطفال والنساء" يقول.
ويضيف: "هذه الحرب أنتجت حروبًا أخرى موازية لها تتعلق بانتشار الأمراض والأوبئة، وحروب أخرى يكابد فيها الجميع خصوصًا النساء والأطفال من أجل البقاء على قيد الحياة، وذلك زاد من صعوبة المهمة. لقد بذلنا جهودًا أكبر من أجل السيطرة واستمرارية العمل".
                
            
                                                                    
                                                    




















