غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
لم تستطع الشابة سمر الكحلوت إقناع زوجها بالاحتفاظ بهاتفها النقال بعدما كُسر وتحطمت شاشته، فقد رفض رفضًا قاطعًا عرضه على أحد العاملين في إصلاح الهواتف؛ لما يخزنه في ذاكرته من صور وبيانات خاصة.
تقول لـ"نوى": القصص التي كان يسمع بها عن حالات الابتزاز التي تتعرض لها النساء، جعلته يخشى من تسريب بعض الصور الخاصة بي ويرفض الفكرة تمامًا. قال لي: اتركيه لعبةً لابننا ولا تعرضيه على أحد كي يصلحه".
وعلى الرغم من اهتمام الشركات العالمية بتطوير صنع الهواتف الذكية وتقوية مميزاتها، إلا أن الهواتف تتعرض بشكلٍ مستمر لخلل، أو لمشكلات في البرمجة تستدعي تدخلًا عاجلًا لحفظ البيانات والصور، وضمان عدم الخسارة اقتصاديًا، وهو الأمر الذي يستدعي عرضها على مختصين بإصلاحها بين الفينة والأخرى.
وليست سمر وحدهَا من تخلَّت عن هاتفها النقال خشية "المغامرة بتصليحه لدى أحد الشبان" وفق تعبيرها، فكثيرات قابلتهم "نوى" تحدثن عن مخاوف بهذا الخصوص، وقلق من فكرة الاختراق أو فقدان الحماية الرقمية أو التعرض للابتزاز الإلكتروني.
ولاء أبو حماد (32 عامًا) قررت أن تقود التغيير هنا. أنهت دراستها في المجال المهني، وسعت لفرصة عمل في تخصصها، وبهذا قررت: ستكون من أوائل العاملات في إصلاح الهواتف في قطاع غزة.
وبرغم عدم تقبل المجتمع لعمل النساء داخل المحال التجارية لتصليح الهواتف الذكية أو برمجتها، إلا أنها كسرت القالب، وخاضت تدريبًا يختص بصيانة الهواتف وبرمجتها في إحدى المؤسسات المدنية بالقطاع، وبمجرد انتهائها من التدريب خصصت غرفةً في منزلها لتستقبل فيها الزائرات من الفتيات اللاتي يرغبن في تصليح هواتفهن النقالة، حفاظًا على الخصوصية، ولمزيدٍ من الأمان.
تقول: "أنا وأخواتي وبنات عمومتي، كنا عندما يتعطل هاتف واحدةٍ منا نضعه على الرف ولا نغامر بتصليحه لدى أحدهم، حتى وإن كان الأمر بسيطًا، أو يتطلب دفع مبلغٍ زهيد. كنا نخشى وصول أحد المبرمجين إلى الصور والبيانات الشخصية، وحساباتنا في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما دفعني جديًا للتفكير بالأمر".
تزيد: "مجتمعنا الفلسطيني محافظ، لكن نساءه مثابرات، ويستطعن كسر القيود وتخطي العادات والتقاليد البالية، واقتحام سوق العمل في أي مجال. أشعر بفرحة الفتيات وحتى الرجال (ممن يودون تصليح هواتف زوجاتهم وأخواتهم) عندما يعرفون أن المبرمجة امرأة، فالقصص حول تسريب الصور والبيانات كثيرة، والجميع يبحث عن الأمان".
رغم ذلك، واجهت ولاء الكثير من المعيقات، أولها انقطاع التيار الكهربائي لمدة طويلة جدًا، بحيث تصل ساعات الانقطاع لأكثر من ثماني ساعات في بعض الأحيان، الأمر الذي يؤدي للتأخر في تسليم الهواتف النقالة للزبائن، ناهيكم عن عدم توافر بعض أدوات الصيانة ذات التكلفة المرتفعة.
وتتابع: "أتكبد مبالغ كبيرة للمواصلات من أجل الوصول إلى محال تجار الجملة الخاصة بالهواتف الذكية، ويا للأسف الوضع الاقتصادي محدود جدًا لدى عائلتي، الأمر الذي يُصعّب عليَّ استئجار مكانٍ خاصٍ للعمل".
اليوم، أصبحت أبو حماد قادرة على تدريب الفتيات على صيانة الهواتف الذكية والبرمجة، ضمانًا لاستدامة الفكرة والمشروع. تعقب: "سأُعلن قريبًا عن عقد دورات تدريبية خاصة بالفتيات، بالاتفاق مع أحد المراكز التدريبية، وستشمل فك وتركيب الهواتف النقالة، وتغيير شاشات جميع أنواع الهواتف سواء القديمة أو الحديثة، وفحوصات الهاتف الدورية، وتشخيص حالته، وتحديد مستوى الضرر الذي لحق به، إلى جانب فحص القطع الإلكترونية، ومعرفة مدى سلامتها"، موصيةً بضرورة تقبل المجتمع لخوض النساء كافة المجالات، تشجيعًا لدورهن في المجتمع، وضمانًا لاستمرارهن في مضمار التكنلوجيا حتى تصبح أحلامهن واقعًأ ملموسًا.