شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م21:00 بتوقيت القدس

بعد إغلاقه لعقدين في الخليل القديمة..

"حمام النعيم".. الشمس تعود بألوان قوس قزح!

29 مايو 2023 - 14:24

شبكة نوى، فلسطينيات: على مصطبةٍ من الجرانيت البني القاتم، يتمدد أحد روّاد حمّام النعيم التركي بمدينة الخليل، بينما يفرك ظهره أحد عمال الحمّام بنصف ليمونة يمرّرها بقوة فوق بودرة الكربونة البيضاء.

يقول سمير القصراوي، مالك الحمام، بينما يتابع سير العمل: "ياااه، كأنه رجعت الحياة لروحي".

مشاهدٌ عديدة وثقتها كاميرات الإعلام لعودة حمام النعيم إلى العمل، بعد أن طمست معالمه، وأغلق منذ ما يزيد على عقدين بأمرٍ من الاحتلال، ناهيكم عن محاولات السيطرة المتتالية عليه كمَعْلمٍ تاريخي من قبل المستوطنين، وصولًا إلى إحراقه بعد رفض صاحبه التفريط فيه.

سنوات الإغلاق الطويلة حولت الحمام إلى ما يشبه الخرابة، لا سيما وأنه يقع في شارع الشهداء بالبلدة القديمة في مدينة الخليل، الذي أُغلق في وجه السكان بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي.

ووفقاً لـ قصراوي يعود تاريخ حمام النعيم إلى العام 1820م، ورغم ذلك ما زال يحتفظ بإرثه الثقافي والتراثي القديم، "وهذا ما جعلني أحارب لإعادة إحيائه" يضيف، مردفًا: "في عام 2019م بدأنا عملية تنظيف الحمام، وفتحنا بابًا خلفيًا له حتى نتمكن من إعادة ترميمه وفتحه أمام سكان المدينة (..) كنتُ أخشى أن أودّع الحياة دون أن أكون شاهدًا على إعادة افتتاحه، وها هو حلمي تحقق".

ما زال حمام النعيم يحتفظ بتفاصيل المعمار التركي القديم، إذ يحتوي على أربع قبابٍ كبيرة، وأخرى صغيرة متساوية مع السقف تقريبًا، جميعها من الباطون القديم، وفيها فتحات دائرية متساوية "منارات"، مغلقة بصحون زجاجية ملونة، تدخل أشعة الشمس عبرها إلى الحمام بألوان قوس قزح.

يتكون الحمام من 8 حجرات ومطبخ، وثلاث ساحات داخلية وخارجية، ومساحته تصل لنحو 1100 متر مربع.

يشير قصراوي إلى زجاج السقف، ويتابع: "هذا الزجاج يُدخِل الضوء إلى الحمام ويحفظ الحرارة عن طريق الشمس، وهذه هندسة تركية تعكس أشعة الشمس بالألوان إلى الداخل، فتبعث على السرور والراحة النفسية، وتضفي جمالًا خلابًا على المكان".

ويمنع الاحتلال الدخول إلى حمام النعيم من بوابته الرئيسة المطلة على شارع الشهداء، وهذا ما دفع لافتتاح باب آخر خلفي يمر عبر ممرٍ ضيقٍ يقارب طوله عشرة أمتار، يأخذك لسلالم حجرية توصلك لممرات أخرى صغيرة تصل بكل إلى عمق الحمام.

ولحمام النعيم فوائد كثيرة، وطقوس تميزه عن غيره من الحمامات، فهو بالأصل يعتمد آليةً يطلق عليها عمال الحمال "عملية فلترة الجسم"، وتعتمد على فركه بالكربون والليمون في المرحلة الأولى قبل أن ينتقل لباقي الغرف، التي تختلف آلية العمل في كل منها عن الأخرى.

ويرى قصراوي أن لهذا الحمام أهمية كبرى، فهو لا يقتصر فقط على الاستحمام، بل منذ إنشائه كان مخصصًا للاستحمام والعلاج في آن معًا. يردف بالقول: "كان العريس يأتي إلى الحمام، ومن هنا بعد الانتهاء من كافة طقوس حمامه، يخرج للصلاة في الحرم الإبراهيمي قبل الانتقال لإتمام مراسم الزواج".

ليس هذا فحسب، يقول القصراوي: "بل إن الحمام كان بمثابة متنفس لأهل البلدة، وتقام فيه العديد من الفعاليات خصوصًا في شهر رمضان المبارك، إذ يجتمع الحكواتي بالناس لرواية القصص، ونقل العبر، كما كانت تقام في إيوانه ومجالسه الموالد. كانت البلد عامرة بناسها وكانت الحياة مختلفة".

ويرى صاحب الحمام أن إعادة إحياء الحمام تعد حافزًا للتشجيع على زيارة أسواق وحارات البلدة القديمة، وإعادة الحياة لها في ظل إجراءات الاحتلال المستمرة بالتضييق على المواطنين؛ لإرغامهم على ترك منازلهم خصوصًا تلك القريبة من المستوطنات، "لكن هذه الأماكن التاريخية ستبقى الراوي الحقيقي لمدينة خليل الرحمن" يستدرك الرجل الذي تلمع عينيه فرحةً بهذا الإنجاز التاريخي.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير