شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م10:02 بتوقيت القدس

شابٌ عالي الطموح.. من ذوي الإعاقة

في يوم "العدالة الاجتماعية".. "أبو كميل" بلا عمل!

20 فبراير 2023 - 12:16

غزة:

لا يدخّر الشاب محمد أبو كميل (35 عامًا) جهدًا، ولا يترك مجالًا إلا ويستثمره من أجل التوعية بحقوق الأشخاص ذوي وذوات الإعاقة، "ليتسنى لهم العيش أسوةً بكل أفراد المجتمع" يقول لـ"نوى".

أبو كميل، هو من ذوي الإعاقة الحركية، وأول من يمكن أن يتبادر إلى ذهن أي صحفي، في مناسبةٍ كاليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، الذي يصادف 20 فبراير من كل عام، والمخصص هذا العام وفقًا للأمم المتحدة، للحديث عن "تكافؤ فرص العمل".

لطالما تحدّث أبو كميل للإعلام عن عدالة التوظيف الغائبة تجاه ذوي وذوات الإعاقة، ولطالما طرق جدار الخزّان ليتحدث عن قانونٍ لا يطبق في هذا الخصوص، فهو الشاب الحاصل على  شهادة البكالوريوس في مجال العلوم المالية والمصرفية، والدبلوم العالي في إدارة منظمات المجتمع المدني، يرى نفسه نموذجًا لكثيرين تحدوا أوضاعهم، وعقبات المجتمع، وأثبتوا كفاءتهم أينما حلّوا، لكنهم لم يحظوا بفرصٍ تليق.

وُلد أبو كميل بإعاقةٍ حركية نتيجة نقص أكسجين أتلف خلايا الدماغ أثناء الولادة، "وكان خطأً طبيًا حينما فضل الأطباء أن تلدني أمي ولادةً طبيعية بدلًا من القيصرية".

ولد الشاب في مدينة غزة بشللٍ دماغي، أصيب على إثره بإعاقةٍ دائمة، وما أن بدأ يكبر، حتى وجد نفسه "على فطرة التحدي، يواصل مشواره ولا يقف، وقد عاهد نفسه على الاستمرار كذلك".

يقول: "وُلدت لأسرةٍ داعمة، على الكرسي المتحرّك كنت أذهب يوميًا للمدرسة، والحقيقة أن الطريق لم تكن ميسّرة، فهي غير ممهدة لطفل يسير على كرسي، وهنا لا أنسى مساعدة صديقي وجاري الذي كان يشاركني طريق المدرسة يوميًا، ويدرس معي في الفصل ذاته".

هنا يعود محمد بذاكرته إلى مرحلة الطفولة، حيث لم يكن جميع المعلمين على قدرٍ من الوعي يكفيهم للتعامل مع طفل من ذوي الإعاقة، بل إن بعضهم كان يرفض الفكرة تمامًا، "ويرى أن هناك مدارس مخصصة لهم، عليهم أن يلتحقوا بها".

يعقب: "أظن أن النظرة تغيرت اليوم نسبيًا، لكنها لم تصل بعد إلى المستوى المأمول".

وعن مرحلة التعليم الجامعي فيحكي: "الجامعات عمومًا غير موائمة، رغم وجود جامعة بها مدخل موائم لذوي وذوات الإعاقة، إلا أن هناك فهمٌ قاصرٌ جدًا لفكرة المواءمة التي يجب أن تكون شاملة. نحن في عام 2023م، ويا للأسف لدينا أشخاص من ذوي وذوات الإعاقة لا يستطيعون الحصول على حقهم في الوصول إلى المؤسسات التعليمية بسبب موضوع المواءمة".

وسائل المواصلات كلها ليست موائمة لذوي وذوات الإعاقة، وهذا يجعل من الصعب عليهم الالتحاق بمؤسسات التعليم، خاصةً بالنسبة لمن يسكنون في المناطق الجنوبية لقطاع غزة، أو في المناطق الحدودية. "الأمر بالطبع ليس أسهل بالنسبة لسكان مدينة غزة، لكنه ربما أقل معاناة نسبيًا" يكمل.

الأمر الثاني أن المؤسسات التعليمية يجب أن تتبنى فكرة المواءمة الشاملة، سواءً في المداخل والقاعات والمراحيض وغيرها، وأن تشمل أنواعًا أخرى من الإعاقات مثل السمعية والبصرية، وكذلك فإن المدخل نفسه يجب أن يُقام بمواصفات معينة، وكثيرًا نجد مؤسسات تقيم هذا المنعطف ولكنه يسبب الأذى لذوي وذات الإعاقة كونه غير مطابق، يوضح أبو كميل.

أما عن فرص العمل، فكان لها النصيب الأكبر من المعاناة، "فقطاع غزة الذي يضم نحو 130 ألفًا من ذوي وذوات الإعاقة حسب إحصائية وزارة التنمية الاجتماعية، غالبيتهم لا يحصلون على فرص عمل" يكمل.

ويزيد: "شهادتان حصلت عليهم، وحتى الآن لم أحصل على فرص عمل مناسبة، أعمل بشكل متقطّع كمدرب في تخصصي، أو في مجال حقوق ذوي وذوات الإعاقة، لكن دون فرصة عمل ثابتة".

وينص قانون ذوي الإعاقة الفلسطيني رقم 4 لعام 1999 على حق ذوي الإعاقة في 5% من فرص العمل، ومواءمة كل مواقع العمل لهم، "لكن القانون في الدرج ولا أحد يطبّقه، ورأيتم كيف جرى مؤخرًا الحديث عن ذوي الإعاقة بصيغة غير لائقة، وهذا لا نقبل به مطلقًا" يستدرك.

ويشير أبو كميل إلى أن ذوي الإعاقة يعانون أساسًا من وضع نفسي سيء نتيجة الإعاقة، ونتيجة غياب المواءمة، لتأتي البطالة فتزيد من واقعهم النفسي سوءًا، معقبًا: "هم أيضًا لديهم متطلبات حياتية اعتيادية أسوة بغيرهم، إضافةً إلى احتياجاتهم الناتجة عن الإعاقة".

وبمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية وجّه أبو كميل رسالة لكل صنّاع القرار، بضرورة أن ينتبهوا جيدًا لأهمية موضوع هذا اليوم، "فكل إنسان لديه حق في فرصة عمل، طالما أنها تتناسب وقدراته، سواءً كان من الأصحاء، أو من ذوي الإعاقة"، مطالبًا بإدماج هذه الشريحة الواسعة من المجتمع في كل الأنشطة، "وتحقيق العدالة باتجاهها في فرص التعليم والعمل" يختم.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير