شريان أمل لإنعاش قوارب الصيد على شاطئ غزة

غزة: 

بُعثت الحياة من جديد لـ قارب الصياد محمد عاصي بعد توقف عن الإبحار لثلاث سنوات بسبب تعذر صيانته.

الصياد جهز شباكه بعد إصلاح الأعطال المتواجدة بالقارب والتي كانت متوقفة على مادة "الفايبر جلاس"، إذ سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا بدخولها إلى قطاع غزة بعد منع قرابة الـ16 عامًا، حالها حال العديد من المواد التي يحتاجها الصياد بعمله.

الفرحة الذي بدت الفرحة واضحة على محيّاه لعودة قاربه إلى العمل بعد أن اكله "صدأ أمواج البحر"، يقول لنوى:" تركت العمل على القارب قبل سنوات بسبب عدم مقدرتي على إصلاحه، في كل مرة حاولت إصلاحه بأدوات بسيطة كبدائل، لكنها كانت تسدّ الحاجة لفترة قصيرة وتعود المشكلة، لذا توقفت عن عملي عليه تحسبًا لأي مخاطر قد تسبب غرقنا".

يضيف:" مهنة الصيد في غزة محفوفة بالمخاطر، نخرج للعمل وأيدينا على قلوبنا، قد لا نعود، فالاحتلال يصوّب رشاشاته دومًا نحونا، فإن لم نصاب نحن يتعرض القارب للخراب وهذا ما يدمر عملنا، لقمة عيشنا مغموسة بالدم".

عمل محمد أجيرًا لدى صياد آخر طيلة فترة خراب قاربه، يخرج على متن قاربه مقابل أجرة يومية لم تكن تتعدى الـ15 -20 شيكلُا يوميُا،  ليعيل عائلته المكونة من 12 فردًا، يعتمد بشكل أساسي عل مهنة الصيد التي ورثها عن والده منذ 15 عامًا، لكن الآن بإمكانه العمل على قاربه بحرية وصيد السمك في شباكه مما يساهم في تحسين مستوى دخله اليومي.

في منتصف فبراير الماضي، أعلن مكتب المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، عن سماح الاحتلال الإسرائيلي بإدخال مادة (الفيبر جلاس ) والتي تعرف بـ (الغراء) لقطاع غزة لأول مرة لإصلاح قوارب الصيد، بعد منعها منذ عام 2007 تحت ذريعة أن هذه المادة "مزدوجة الاستخدام".

وتستخدم هذه المادة لعلاج الفجوات التي تظهر في المراكب، وتعتبر من أقوى المواد المستخدمة في إصلاح مراكب الصيد، وكان قد تسبب توقف دخولها إلى قطاع غزة في تعطيل عمل قرابة الـ350 قاربًا، وغرق عشرات القوارب ووفاة خمسة صيادين وإصابة العشرات، وفق نقابة الصيادين.

بدأت عملية إصلاح المراكب المصطفة والمتهالكة في ميناء غزة والتي يطلق عليها الصيادين اسم "مقبرة الميناء" تأخذ مجراها لعلها تشكل نقطة أمل في بحر الصيادين، بعدما ترك جزء كبير منهم هذه المهنة.

بفارغ الصبر كان الصياد ماجد بكر ينتظر انتهاء إصلاح مركبه ليعود العمل على متنه مرة أخرى وممارسة مهنته الأحب إليه والتي اعتاد عليها منذ أن كان طفلًا، حيث كان يخرج للصيد مع والده، لكنه غاب عن مهنته، ليبقى قاربه المتعطل راسيًا لوحدة على رمال الشاطئ، مستبدلًا مهنة الصيد بالعمل في بيع الخضروات رغمًا عنه في سوق مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، لإعالة 20 فرد من عائلته.

يقول ماجد:" تركت العمل في مهنة الصيد بعد أن فقدت الأمل في إصلاح مركبي، بمبالغ غالية الثمن، فعدم وجود "الفايبر جلاس" ومواد أخرى كقطع غيار، أدى إلى غلاء ثمنها بشكل خيالي والصياد ليس باستطاعته توفيرها، لذا البعض لجأ لترك المهنة".

ويأمل بعد عودته للعمل وإصلاح مركبه الصيد بكميات وفيرة من الأسماك لتعويض الركود الذي عاناه فترة من الزمن.

وأوضح نقيب الصيادين نزار عياش لنوى تم إدخال قرابة الـ500 كيلو من مادة الفايبر كلاس، لكنها كمية ضئيلة مقارنة بكمية المراكب المتعطلة التي ترسو على شاطئ بحر غزة.

ونبّه أن الكمية المتوافرة تكفي لإصلاح 75 مركبًا من أصل 300 بحاجة لإصلاحها كي يتمكن الصيادون العمل بها، خاصة في فصل الشتاء، فهناك أعطاب بشكل متكرر يتعرض لها المركب نتيجة عوامل طبيعة وبسبب الاحتلال أيضًا.

وأفصح عياش خلال حديثه لنوى أن ثمن الكيلو الواحد من مادة الفايبر جلاس تصل لـ30 شكلًا فقط في حال تم استيرادها من المعابر، وهذا الثمن مناسب مقارنة بما كانت عليه سابقًا في قطاع غزة، حين وصل سعر الكيلو إلى لـ80 شيكلًا، فكان عبئًا لا يستطيع الصياد تحمّله، لذا كان من يتعطّل قاربه يتركه دون حل.

وفيما يخص آلية العمل أشار عياش إلى أن الأمم المتحدة تراقب آلية عمل إصلاح القوارب تحت إشرافها من خلال ورشة أنشئت بميناء الصيادين، مجهزة بكاميرات، وهذا ما يمكنه المساعدة في إمكانية توفير كميات أكبر خلال الأيام القادمة كون آلية العمل تحت أعينهم.

لكن المتحدث في ذات الوقت ذكر أنه لا يمكن الحكم حاليًا فيما إذا كانت تساهم بشكل واضح على قطاع الصيد أو لا إلا في حال تم إدخال هذه الكميات بشكل يومي للصيادين وهذا سيساهم في إصلاح مركباتهم بشكل أكبر وخروجهم للعمل وتحسين دخلهم ومصدر رزقهم الوحيد.

يعيش أكثر من 4500 صياد فلسطيني في حالة صراع مع البقاء للحفاظ على مهنة الصيد رغم مسلسل الانتهاكات اليومية التي يتعرض لها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وسوء الأوضاع الاقتصادية في القطاع وانخفاض مستوى المعيشة وارتفاع نسب  الفقر المدقع بينهم والتي تجاوز الـ90%.