شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م20:47 بتوقيت القدس

بدراسة "مختلفة" ونتائج متقدمة..

"نرمين" تفتح باب الأمل لمصابي طيف التوحد

30 اكتوبر 2022 - 14:05

شبكة نوى، فلسطينيات: إنجاز علمي جديد سجّلتهُ الباحثة الفلسطينية نرمين قاسم من قطاع غزة، يفتح باب الأمل في قلب آباء وأمهات أطفال "طيف التوحد" داخل فلسطين وخارجها، بعد مشوارٍ طويلٍ من البحث والتقصي.

تقول الطبيبة المختصة بالأمراض النفسية والعصبية، والحاصلة على درجة الماجستير مع مرتبة الشرف: "كان الارتفاع المتزايد في عدد الحالات المصابة بطيف التوحد سنويًا من أهم الأسباب التي دفعتني للخوض والبحث في أسباب هذا المرض، لتحديد كيفية علاجه".

تبدأ نرمين اليوم مشوارها نحو تطبيق المرحلة الثانية من علاج طيف التوحد، انطلاقًا من جامعة القاهرة، عبر دراسةٍ مختلفة، تناولت من خلالها الخارطة الجينية الرئيسة المسؤولة عن المرض، لكن ما كان صادمًا بالنسبة لها، ما واجهها من تناقض كبير مع نتائج الدراسات السابقة، التي كانت أيضًا نادرة، "هذا غير أنها في مجملها كانت تتحدث عن كيفية التعامل مع مصابي طيف التوحد، وتعزيز سلوكياتهم، وتنمية مهاراتهم الحياتية، دون أن تضع يدها على السبب الحقيقي للإصابة".

كثيرة هي الفرضيات التي وضعتها الباحثة، وكانت نقطة انطلاقٍ في بحثها مثل: هل المرض جيني؟ أم وراثي؟ نفسي، أم جسدي؟ هل تتشابه الأعراض في كل الظروف؟ أم أنها تختلف من دولةٍ لأخرى؟ "وهذه النقطة تحديدًا تطلبت الاستعانة بعدد من الدول العربية، انطلاقًا من فلسطين، ومصر، وتونس، والمغرب، والجزائر، وقطر.

توصلت الباحثة بعد دراسة مستفيضة دامت لما يزيد على عامين، أن السبب الأساسي للمرض خلل جيني، معيق لاكتمال الطبقات القشرية لأدمغة الأجنة في بطون أمهاتهم، أما بقية الأسباب فهي مقترنة وليست رئيسة.

ويرتكز البرنامج العلاجي الذي توصلت له الباحثة، وتم تطبيق المرحلة الأولى منه على 172 مصابًا من عدة دول، وباختلافات في الجنس، ومدة الإصابة، ودرجتها، على ست مراحل، وروبوت صغير لتعزيز نشاط خلايا الدماغ المسؤولة عن تعزيز الاستجابة الإيجابية للأطفال المصابين بطيف التوحد.

تقول قاسم: "هذا البرنامج العلاجي ليس حبة سحرية يتناولها المريض ثم يتعافى بشكل كلي من الإصابة، ولكنه يعتمد على تطبيق مراحله كاملة، بشكلٍ تسلسلي، حتى يمكننا القول: إن المريض بالفعل قد تعافى، مع التأكيد على الفروق الفردية، ودرجة الإصابة التي تختلف نتائج علاجها من مريضٍ لآخر".

تبين قاسم أن "العلاج السلوكي" هو أحد محاور البرنامج العلاجي للتوحد، التي تبدأ بالتشخيص السليم والدقيق للحالة، قائلةً: "يختلف التعامل مع التوحد بدرجاته الثلاث باختلاف الحالة، من حيث تطبيق بروتوكول علاجي خاص بالحالة بعد نتيجة الفحص، لأن الدماغ يحتوي على 6 طبقات قشرية، بينها مادة سائلة مسؤولة عن الـ25 جينًا، المسؤولة بدورها عن كامل وظائف الأعضاء في الجسم، مثل النمو، والحركة، والسلوك، والتفكير، والتوازن، والإدراك، والاستجابة، وغيرها".

وبعد دراستها البحثية على الجينات الـ 25 بشكل دقيق، والتركيز على 12 جينًا، توصلت قاسم إلى اثنين من الجينات مسؤولة عن اضطراب طيف التوحد، وهما الجين الخامس والسادس.

وترى قاسم أن درجة الاستجابة للعلاج تعتمد بشكل رئيسي على مدى شدة الإصابة، ثم فترة التدخل للعلاج التي تم فيها اكتشاف الاضطراب ومن ثم إخضاعه للعلاج، مردفةً بالقول: "وتختلف المدة الزمنية للعلاج باختلاف الحالة، من حيث تصنيف درجة الإصابة، والجنس، والعمر، وبدء مرحلة الاكتشاف والتشخيص، وتحتاج من ثلاثة أشهر إلى عامين، لكي يمكننا أن نقول أننا قادرين على دمجه في المجتمع، مع التأكيد على الفروق الفردية"، ففي الوقت الذي يستطيع الطفل الطبيعي حل مسألة رياضية بخمس ثوانٍ، يحتاج مصاب التوحد بعد الشفاء لما يقارب نصف دقيقة.

ويرتكز المحور السادس من البرنامج العلاجي الذي وضعته الباحثة قاسم، على نظام غذائي خاص، تم إقراره بالتعاون مع مختصين بالغذاء. "على سبيل المثال، يجب الابتعاد بشكل كلي عن السكريات لأنها تعزز الخمول، كذلك البقوليات، واللحوم، والاستعاضة عنها بمواد طبيعية مثل الفواكه المجففة، والشوفان، وغير ذلك من تلك الأغذية التي تساعد على تعزيز مستويات الإدراك".

تستعد اليوم الباحثة، لتطبيق المرحلة الثانية من العلاج، التي تم تطبيق الشق الدوائي منها في البداية على سلالات معينة من الفئران، تحمل ذات الصفات الجينية للإنسان، قبل تطبيقها على عينات حية.

كثيرة هي العروض التي انهالت على الباحثة قاسم لتبني البحث ومواصلة العمل عليه وصولًا للمرحلة الأخيرة منه، إلا أنها تؤكد أنها تتمنى أن تكون الحاضنة فلسطينية، "أتمنى أن تكون فلسطين نقطة الانطلاق الحقيقية نحو توفير العلاج، لا سيما وأنني أخذت عهدًا على نفسي، بتوفير العلاج لأبناء فلسطين بشكل مجاني" تختم.

كاريكاتـــــير