شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م17:04 بتوقيت القدس

ربّتوا على قلوب أطفالكم فـ "غول القصف" مرعب

06 اعسطس 2022 - 19:39

شبكة نوى، فلسطينيات: "ينتفض طفلي مع كل ضربةٍ تهز أرجاء المدينة. ينفجر باكيًا وهو الذي لا يدرك بعد ماذا يحدث حوله، إنه يشعر بمخاوفنا بصرخات أشقائه الأكبر منه عمرًا"، تقول أم يوسف لـ"نوى" عن صغيرها ابن العام وأربعة أشهر.

وتتساءل بغصة: "هل يعقل أن يعيش هذا الطفل عدوانين مذ ولد؟! ماذا ينتظره عندما يكبر إذن؟". ولد يوسف في آخر أيام نيسان/ إبريل لعام 2021م، فاستقبله بعد عدة أيام عدوانٌ شرس راح ضحيته نحو 250 شهيد وشهيدة، "وها هو اليوم يدرك الدنيا على شكل حرب، على شكل خوف، على شكل موتٍ أسود يقترب مع صوت كل انفجار" تضيف.

لا تعرف السيدة الثلاثينية كيف تتعامل معه الآن، كل ما تستطيع أن تفعله هو أن تبقيه بعيدًا عن أي نافذة، قريبًا من حضنها، وأن تغني له لتغطي على صوت القصف متعاليةً على خوفها هي الأخرى.

في منزل مها وافي التي تعمل ضمن طواقم الإسعاف والطوارئ، يبدو الأمر أشد قسوة. تقول: "اضطررتُ منذ الساعة السادسة صباحًا لمغادرة المنزل، أنا ووالدهم نعمل في ذات الوظيفة، بينما أترك طفلي الذي لم يتجاوز الثالثة من عمره مع أشقائه الأكبر سنًا".

تكمل بنبرة أسى: "أجدني مقسومة إلى نصفين، فأنا لا أستطيع أن أتخلف عن عملي في مثل هذه الأوضاع التي تعصف بقطاع غزة، بينما قلبي يبكي على أطفالي الذين يتعرضون لكل مشاعر الخوف والرعب وأنا ووالدهم لسنا معهم".

كل ما يمكن للسيدة فعله أن تطمئن عليهم كلما تمكّنت من ذلك، أن تحاول طمأنتهم بأن كل شيءٍ سيكون بخير، ناهيكم عن تعليمات الحماية التي تتكرر في كل اتصالٍ ألف مرة: "ابتعدوا عن النوافذ، ابقوا في مكانٍ واحد، انتبهوا لشقيقكم الصغير فهو يفتقدني كثيرًا".

تتحمل ابنتها التي أنهت الثانوية العامة للتو مسؤولية الاهتمام بإخوتها الصغار، "رغم أنها ترتعد خوفًا من أصوات القصف وأخباره، التي تؤكد كما كل مرة، أن لا مكان آمن طالما الأرض غزة" تختم.

ولأم مصطفى وضعٌ آخر، فقد كان من المقرر أن تسافر برفقة أطفالها الصغار الثلاثة وشقيقتها الوحيدة إلى تركيا لتلتقي بشقيقها المهاجر منذ سنوات، فتستمع بحياةٍ مختلفة ولو لشهر بعيدًا عن صوت الحرب ورائحة البارود. "الاثنين كان موعدنا" تقول بحسرة، وتكمل: "طفلي (6 سنوات) لم يعد يتقبل أي صوت مرتفع. كنت أحاول طوال الفترة الماضية إعادة تهيئته وعلاجه من الصدمة التي خلفها عدوان 2021م، حتى باغتنا عدوان جديد".

وتزيد: "لم ينم طفلي الليلة بالمطلق، وأمضى الليل ملتصقًا بي، وكلما سمع صوت قصف التصق أكثر، وكأنما يحاول الانصهار داخل جسدي".

الخوف الذي خلفه العدوان الذي فرض على قطاع غزة، جعلت دقات قلب الأطفال المتسارعة قاسمًا مشتركًا في كل منزلٍ هذا العدوان أيضًا. فعطاء محمود الأخرى، لا تملك أي إجابة على تساؤلات أطفالها المستمرة منذ عصر الأمس: "متى ستنتهي الحرب؟ وماذا سنفعل لو قصف الاحتلال منزلنا؟ وأين سوف نعيش لو بقينا أحياء؟" أسئلة كثيرة، ومتواصلة، لا إجابة لها سوى المزيد من الاحتضان وفق ما تؤكد الأم التي تحاول إخفاء مخاوفها حفاظًا على سلامة أطفالها النفسية.

وانتشرت العديد من النصائح على مواقع التواصل الاجتماعي للآباء من أجل إرشادهم لكيفية التصرف وقت الأزمات، منها "أن يكونوا على قدر من الوعي والحكمة في التعامل مع الأحداث والضغوط خلال فترة العدوان، وأن يتحكموا بمشاعرهم قدر الإمكان، لأن ردة الفعل تؤثر على شخصية وسلوكيات الأطفال في التعامل مع المواقف والأحداث الصادمة".

النصائح أيضًا تضمنت ضرورة فتح باب الحوار مع الأطفال، والإجابة على تساؤلاتهم، وترك المجال أمامهم للتعبير عن مشاعرهم ومخاوفهم، وتجنيبهم متابعة الأخبار والصور والمقاطع المؤلمة، مع إشراكهم بالمهام المنزلية للتخفيف من حدة التوتر والخوف لديهم، واحتضانهم لحظة القصف ومحاولة تأمينهم، مع سرد القصص الإيجابية.

وعلى عكس الوضع الطبيعي، دعا مختصون إلى محاولة إشغال الأطفال بالألعاب التفاعلية على الحاسوب، واستخدام سماعات الأذن، لعزلهم عن الواقع الصعب، وحرف انتباههم عما يدور حولهم، مع ضرورة إبقاء الإضاءة مشعلة في غرف نوم الأطفال في الأوقات العصيبة، "لأن الظلام وحده عامل خوف، فكيف لو أضفنا صوت الانفجارات والقصف؟ بالتأكيد ستكون الصدمة أشد والخوف أكبر".

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير