شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 23 ابريل 2024م23:19 بتوقيت القدس

على هامش السياسة

صندوق معدني مصدر رزق للكثير من المتعطلين

14 نوفمبر 2017 - 20:46
شبكة نوى، فلسطينيات:

غزة-نوى:

 يحتشد آلاف المواطنين في قطاع غزة زاحفين نحو مفترق السرايا الذي بات مركزًا خصبًا لإحياء  الاحتفالات الوطنيّة والسياسيّة، فتتوشح شوارع المدينة بالأعلام الفلسطينية وتجوب المركبات مطلقة أبواقها بالأناشيد الثائرة وتصدح الحناجر الشبابية بالهتافات.

أمرٌ يدفع إلى تنشيط الحركة التجارية في مثل هذه الظروف، فيغتنم الباعة المتنقلين من تلك المناسبات فرصة لكسب الرزق عبر بيع الوجبات الغذائية، المشروبات الباردة والساخنة، السكاكر والحلويات بين الجماهير المشاركة.

خلف صندوق معدني صغير منتصب على أربعة عجلات يقف الشاب العشريني عمر رجب منهمكًا في تعبئة الأكواب بمشروب القهوة للزبائن الوافدين في إحدى المهرجانات الوطنية، تاركًا مكانه الذي اعتاد الوقوف فيه للبيع على أحد مفترقات الطرق في القطاع.

"لدى قائمة تواريخ بكافة المناسبات والاحتفالات الوطنية والسياسية التي تحدث كل عام، فأنا انتظر حدوثها بفارغ الصبر حتى أتمكن من بيع أكبر قدر من مشروب القهوة الذي أمتهن العمل مما يلبي حاجة عائلتي"، بهذه الكلمات بدأ الشاب رجب حديثه لنوى مضيفًا أن قطاع غزة منطقة صغيرة لكنها لا تخلو من المناسبات والاحتفالات المرتبطة بالجانب السياسي، والتي تشكل بدورها حراكًا اقتصاديًا في ذات الوقت حتى لو كان بشكل مؤقت.

ورغم ما يعانيه أهالي القطاع من ظروف اقتصادية صعبة؛ لكنها لم تُعقهم من حضور والمشاركة في المهرجانات التي تعبر عن حسهم الوطني، فلا يكاد يخلو بيت من الغزيين لا ينتمي الي حزب سياسي معين يشاركه ذكرى الاحتفال فيه من كل عام.

يرى الشاب العشريني في الطقوس الوطنية المقامة متنفسًا ماديًا يعود عليه بتحقيق أرباح مضاعفة عن التي يجنيها من عمله في الأيام العادية.

يعيش مليونا فلسطيني في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل جوًا وبرًا وبحرًا، وكانت الأمم المتحدة حذرت في تقرير لها عام 2012 من أن قطاع غزة قد يكون بالفعل أصبح "غير صالح للحياة" بعد أكثر من عشر سنوات، نتيجة لافتقار سكانه لأبسط مقومات الحياة.

لم يقتصر استثمار المهرجانات الغزية اقتصاديًا على البائع  عمر وحدة بل يرافقه العديد من أصحاب المهنة الذين انقطعت بهم السبل، وضاقت عليهم الأحوال في تأمين قوت يومهم، ليجوبوا بينها بعرباتهم المتنقلة.

وسط صخب مهرجاني لحفل تأبين أحد الشخصيات السياسية ينادى الخريج الجامعي وائل حسونة حاملًا  على كتفه صندوق صغير الحجم لمشروب البراد للبيع لجذب زبائن من الجماهير المحتشدة  قبل انتهاء الاحتفال.

يقول في حديثه لنوى: "إن هناك مواسم  خلقتها الأحداث السياسية تكون فرصة رزق، وتوجد في غزة العديد من الفصائل الحزبية ويقوم كل فصيل بإقامة مهرجانات يشارك بها المؤيدين الذين يحملون على عاتقهم حضور المهرجان منذ بدايته حتى النهاية".

وأكمل أنه يستثمر وجود شباب، نساء، كبار سن، أطفال يحتاجون لتلبية حاجتهم من أكل ومشرب خلال الاحتفال، فيزيد الطلب على البيع، كما وضح ان شهري نوفمبر وديسمبر من كل عام يمتازان بزخم  المناسبات السياسية.

ولأن أفق الحصول على وظيفة لحسونة المتخرج من إحدى جامعات غزة حاملا شهادة البكالوريوس بتخصص التعليم الأساسي مسدودة، اتخذ من البيع التجاري المؤقت فرصة للحصول على رزق يسد به قوت يومه.

في ذات السياق تحدث المحلل الاقتصادي أمين أبو عيشة بقوله: "لا أحد ينكر مدى أهمية المهرجانات وتأثيرها على قطاع غزة من الجانب الاقتصادي، إذ ينفق على إقامتها مئات الدولارات حسب الهدف السياسي لها مما قد يوفر فرص عمل للشباب لكنها وهمية وغير حقيقة بذات الوقت". وعزا السبب في ذلك أن مصدر الدخل يكون لوقت لا يتجاوز اليوم الواحد.

واقترح فيما لو يتم انفاق أموال تلك المهرجانات على أصحاب المهن تلك المهن المؤقتة،  لتكون استفادتهم حقيقة بشكل تنموي ولتستمر أرباحهم لفترة أطول.

لكنه في ذات الوقت نوه الى أن الحصار المفروض على القطاع  وسوء المعيشة كذلك عدم توافر فرص عمل بديلة، جعل من أصحاب المهن المتنقلة خلال المهرجانات فرصة تعوضهم عن الكساد وقلة البيع في الأيام العادية ، وحسبما أفاد ان متوسط دخل الفرد في قطاع غزة لا يتجاوز الـ900 دولار أمريكي سنويًا.

وحسب بيان حديث صادر عن الإحصاء الفلسطيني، نهاية الأسبوع الماضي، بلغ عدد العاطلين عن العمل بين 243.8 ألف فرد في قطاع غزة، فيما وصل معدل البطالة إلى 47%، وأن 80% من السكان باتوا يعتمدون على المساعدات الخارجية لتأمين الحد الأدنى من متطلبات المعيشة اليومية.

 

كاريكاتـــــير