شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الثلاثاء 21 اكتوبر 2025م19:14 بتوقيت القدس

استشهدت بناتها الأربع وخسرت ساقها ويدها..

بُترت أمومة "حنين".. وما زالت تتبع ظل الضحكات!

15 اكتوبر 2025 - 10:50

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

في العاشر من يوليو/تموز 2024، انطفأت أربعة أصوات كانت تملأ بيت حنين المبحوح ضحكًا وضجيجًا طفوليًا. في لحظةٍ خاطفة، تحوّل البيت في مخيم النصيرات إلى ركام، وتحولت أحلامها إلى وجعٍ قائم. لم تكن الحرب قد أخذت فقط بناتها الأربع، بل سلبت معها جزءًا من جسدها، وكل ما تبقى من طفولتها كأم.

"استهدافٌ واحد دمّر حياتي وسلب مني روحي، سلب مني بناتي وهن أغلى ما أملك، لم أعد أمًا، لم أعد سليمةً ولا بصحةٍ جيدة".

كانت حنين امرأةً عادية، ربةَ بيتٍ تحب إعداد الطعام لبناتها، وتحلم بصباحاتٍ بسيطةٍ تصحو فيها على ضحكاتهن. لكن الصاروخ الذي سقط على منزلها في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، لم يترك لها سوى يدًا مثقلةً بالألم وساقًا مبتورة، استيقظت على نفسها في المشفى المكدّس بآلاف الجرحى، يحاصرها أنين المصابين ووجع ذويهم.

تحكي أن ذاكرتها لا تهدأ، تعيش الحدث بكل تفاصيله يوميًا، تذكر أول وجهٍ أدركت من ملامحه مصيبتها، وأول صرخةٍ في فقد بناتها، ولحظات الفاجعة الأولى حين وجدت نفسها بلا ساقٍ ولا يد.

وتقول: "استهدافٌ واحد دمّر حياتي وسلب مني روحي، سلب مني بناتي وهن أغلى ما أملك، لم أعد أمًا، لم أعد سليمةً ولا بصحةٍ جيدة، صرت عاجزة عن مساعدة نفسي لتلبية أقل احتياجاتي كإنسانة".

تعاني من بتر ساقها اليسرى وتضرر يدها اليمنى بشدة، إذ لم تعد قادرة على احتضان أحد، ولا حتى الإمساك بقلم. تكرر بصوتٍ متهدّج: "كنت أمًا وانكسرت أمومتي، لا أطفال، ولا يد، ولا ساق".

تهمس وهي تراقب الفراغ الذي خلّفته طفلاتها في قلبها، وتشير بعينيها إلى مكان جلوسهن في بيت جدهن: "هناك كنّ يحببن اللعب، هناك كنّ يجتمعن مع بنات أخوالي وأقاربنا".

منذ عامٍ كامل، حصلت حنين على تحويلة علاجٍ بالخارج، لكنها ما تزال عالقة في طابور الانتظار على أمل أن تفتح المعابر أبوابها في وجهها. فالمستشفيات المنهكة تحت الحصار عجزت عن علاجها. فقدت العظم والأعصاب في يدها المتبقية، لا تستطيع تحريكها أو إغلاقها. أما ساقها اليمنى التي تحتوي على بلاتين منذ أكثر من عام، فهي بحاجةٍ ماسةٍ إلى علاجٍ عاجل قبل أن تفقدها هي الأخرى.

تحلم حنين بطفلٍ صغيرٍ يملأ صمتها بضحكة، يعيد لروحها معنى الأمومة، ويمنحها سببًا آخر للحياة.. لها ولزوجها.

ووسط كل هذا، تتشبث المبحوح بخيطٍ رفيعٍ من الأمل. لا تطلب الكثير، فقط أن تسافر، أن تُركّب طرفًا صناعيًا، أن تعالج ما تبقّى من جسدها المنهك، ثم تحاول أن تزرع في حياتها ربيعًا جديدًا. تحلم بطفلٍ صغيرٍ يملأ صمتها بضحكة، يعيد لروحها معنى الأمومة، ويمنحها سببًا آخر للحياة.. لها ولزوجها، ولظلٍّ من ضحكات البنات الأربع الذي ما زال يمرّ في ذاكرتها كنسمةٍ لا تزول.

كاريكاتـــــير