شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الثلاثاء 21 اكتوبر 2025م19:35 بتوقيت القدس

تعاني سوء التغذية الحاد

حلم "طفلة" في قلب المجاعة: "سريرٌ لا يشاركني فيه الألم"!

05 اعسطس 2025 - 11:44

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

في غزة، يحدث أن ينسى الأطفال اللعب! ينسون متى آخر مرة صرخوا مرحًا وابتهاجًا بلعبةٍ ما، متى كانت النزهة الأخيرة مع عائلاتهم، ومتى تناولوا أكلتهم المفضلة. نسوا طعم البيض والموز واللحوم وكل الخضراوات، نسوا كيف يعيش الإنسان ولو للحظات خاليًا من الهموم! ليست مبالغة، فهذا ما قالته طفلة تُدعى هدى أبو النجا.

تخبرنا الطفلة التي لم تتجاوز من العمر 12 عامًا، أنها لم تعد تذكر آخر مرة ركضت فيها دون أن تقع، دون أن تفقد توازنها جراء سوء التغذية الذي تعانيه بسبب الحصار المفروض على القطاع، والمجاعة التي تفشت بين أهله.

تتحدث كأنها في الخمسينيات من عمرها، تشكو ألم القدمين وتساقط الشعر، تشكو انتفاخات جسدها وثقله، حتى عمودها الفقري يؤلمها وقفصها الصدري أصبح بارزًا من شدة النحافة، هذا كلّه بسبب سوء التغذية.

قبل الحرب، تضيف: "كنت أحب اللعب كثيرًا، أحب الضحك حد الاختناق من الفرح"، متابعة: "كانوا يقولون إن ضحكتي جميلة، وإن وجهي جميل مثل البنات في القصص. لكن الحرب غيرت وجهي لدرجة أنني لم أعد أعرف نفسي، انطفأت ضحكتي وكبر جسدي 40 عامًا مرة واحدة".

لم تعد الطفلة قادرة على الوقوف كثيرًا، كلما سارت خطوة، تنهار على الأرض وكأنها خُلقت بلا عظام. صار دمها ضعيفًا، والطعام المناسب لحالتها معدوم من السوق في ظل الحصار الإسرائيلي المطبق، تحتاج إلى اللحوم والأسماك والخضراوات، لكنها لا تراها إلا في الصور! معابر مغلقة، وموت قائم. فكل شيء -بقرار إسرائيلي- ممنوع في غزة، حتى الغذاء.

تمكث في المستشفى شهرًا، ثم تعود لمنزلها مدة أسبوع فقط، ثم تعود إلى المشفى مجددًا وكأن المرض صار بيتها، والأطباء عائلتها

"أريد أن أصل إلى بلد فيه مستشفى حقيقي، فيه دواء، وأطباء، وسرير لا يشاركني فيه الألم. أريد أن أعود كما كنت قبل الحرب: جميلة، قوية، أركض وأضحك، دون أن يسقطني التعب".

"ما المتوفر لتأكليه؟"، تجيب هدى بأنها تعيش على الحليب فقط، وهو بالكاد موجود. يحصل عليه والدها بشق النَفَس، يحصل على علبةٍ واحدة، وأحيانًا يعود خالي اليدين، بجسدٍ هزيلٍ ومنهك. "الكل يعاني من التجويع هنا".

كل ما ترجوه الطفلة، فقط أن تخرج من هذا الحصار، وتقولها بوضوح: "أريد أن أصل إلى بلد فيه مستشفى حقيقي، فيه دواء، وأطباء، وسرير لا يشاركني فيه الألم. أريد أن أعود كما كنت قبل الحرب: جميلة، قوية، أركض وأضحك، دون أن يسقطني التعب".

لا تحلم هدى بالكثير، تريد فقط أن تعيش مثل الأطفال. "هل هذا كثير؟" سؤالٌ يظل معلقًا بوجه العالم.

كاريكاتـــــير