شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الاربعاء 22 اكتوبر 2025م04:11 بتوقيت القدس

طفلة فقدت عائلتها في قصف إسرائيلي..

الناجية الوحيدة "أمينة".. الغارقة في ذكرى الفقد!

26 يونيو 2025 - 12:59

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

في غرفة ببيت جدتها بمخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، تجلس أمينة أحمد موسى الخطيب، الطفلة التي لم تتجاوز من العمر عشر سنوات بعد.

وحيدةً، تحاول التعايش مع واقعها الجديد، بدون أم ولا أب ولا إخوة، وتشغل نفسها بالرسم عن تلك الذكرى، التي تلاحقها كلما أغمضت عينيها قليلًا.

تحكي عن تلك اللحظة التي غيرت حياتها إلى الأبد، حين استهدفت غارة إسرائيلية المنزل الذي نزحت إليه عائلتها بحثًا عن الأمان: "كنت أظن أنني أحلم، أو أن أخوتي يمزحون معي، لكن بعد لحظات بدأت أختنق.. ناديت أسماءهم كلهم لكن لم يجبني أحد".

لحظات فقط، تحول المنزل بعدها إلى ركام. أمينة، العالقة تحت الأنقاض، لم تفهم ما حدث. شعرت بجسدها محاصرًا، وأنفاسها تضيق، لكنها ظلت تنتظر أن يوقظها إخوتها!

في السابع من أكتوبر 2023م، ومع بدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، اضطرت عائلة أمينة للنزوح من منطقة المغراقة إلى النصيرات.

وتخبر "نوى: "ماما قالت لنا: صلّوا المغرب، ثم خذوا الجوال وشاهدوا شيئًا عليه. تجمعنا على وسادة واحدة كبيرة، أنا وإخوتي عبيدة وليان وسوار، في حين كان بابا وماما وعبد الرحمن في غرفة ثانية، وبدأنا بمشاهدة الكرتون".

حدث ذلك في الخامس من يوليو 2024. لم تكن أمينة تعلم أن هذه ستكون ليلتهم الأخيرة معًا. 

لحظات فقط، تحول المنزل بعدها إلى ركام. أمينة، العالقة تحت الأنقاض، لم تفهم ما حدث. شعرت بجسدها محاصرًا، وأنفاسها تضيق، لكنها ظلت تنتظر أن يوقظها إخوتها!

بعد ساعتين، أنقذها الناس من تحت الركام، خرجت بمساعدة رجال الدفاع المدني مصابة بكسر في قدمها، لتكتشف بعدها أن عائلتها كلها قُتلت.

الألم لم ينتهِ هنا. بعد أسابيع قضتها أمينة في بيت عمتها تحاول استيعاب فكرة هذا الغياب، سقط صاروخٌ آخر فوق رؤوس كل من فيه. وتضيف: "في منتصف سبتمبر حدث ذلك، هذه المرة فقدت جدتي، وعمي، وابن عمتي، بينما قذفني الانفجار من الطابق الثالث".

وتصف المشهد: "وجدت نفسي خلف باب الفناء الخارجي للبيت، صرخت كثيرًا وطلبت النجدة، لكن الجميع ظن أنني استشهدت لأنهم لم يجدوني تحت أنقاض البيت".

تعيش أمينة اليوم مع أقاربها الذين احتضنوها بحب، لكنها تشعر أن الحياة لم تعد كما كانت. تشير بيدها إلى زاوية في الغرفة التي استُهدفت بالغارة الثانية وتقول: "هنا كنت يوم القصف، وهنا كانت جدتي، وهنا عمي وابن عمتي".

"أشتاق لهم كثيرًا، في كل يوم أستيقظ فأدير وجهي حولي ولا أرى أحدًا".

المشهد محفور في ذاكرتها، لا يمكن أن يختفي. وتكمل: "أشتاق لهم كثيرًا، في كل يوم أستيقظ فأدير وجهي حولي ولا أرى أحدًا".

وتضيف باكية: "الذكريات التي كانت تصبر قلبي على غياب عائلتي ضاعت في الصف الثاني لبيت عمتي. تسجيلات الهاتف، وصوت أمي كلها ضاعت باختفاء الهاتف".

تحاول أمينة مواصلة تعليمها، وإعادة بناء قلبها الصغير بعد المجزرة، مرّ عليها رمضان وعيد بدون أمها "التي كانت تضيء البيت بضحكاتها" كما تصفها.

أمينة التي تعيش بقلبٍ مكسور، تقول إنها تريد أن تكون شاهدة على المجزرة، شاهدة تحكي قصة أفراد عائلتها طالما بقيت حيّة، وتتمسك بحلم والدتها "أن تصبح طبيبة تساعد المرضى الفقراء والجرحى"، وأن لا تنسى مدينتها "المجدل" التي هجّر الاحتلال منها أجدادها عام 1948م .

كاريكاتـــــير