شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الاربعاء 22 اكتوبر 2025م04:11 بتوقيت القدس

أنين الفقد في طريق "المساعدات" يوجع مستشفيات غزة!

22 يونيو 2025 - 11:44

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

يبدو المشهد مرعبًا، الكثير من الدماء في ساحة مجمّع الناصر الطبي، يركض الأطباء بين الحالات التي تصل بالمئات، يموت الجرحى على الأرض، يبحث الممرضون عن الأدوات اللازمة لعلاجهم، يبحثون عن أكفان تكفي لجثامين الشهداء، يتعرّق الأطباء، يبكي أطفال على آبائهم، وأمهاتٌ ينزفن دمعًا على ابنٍ وزوجٍ أو أبٍ وشقيق!

في قطاع غزة، صارت ثمن الحصول على المساعدات الإنسانية دم، صار ثمنه حياة إنسان! بل حياة المئات التي تنتزع في لحظة انتظار الحصول على الطحين، بقرار إسرائيلي يقضي بقتلهم بالرصاص وقذائف المدفعيات، يعود منتظرو المساعدات محمولين على الأكتاف.. أحيانًا حتى يحرمون من نقلهم بطريقةٍ تليق بكرامة الشهيد!

مع كل موجةٍ جديدة، تتكدس الأجساد المنهكة في ممرات المستشفيات، حيث لا أسرّة كافية، ولا دواء، ولا طواقم تستطيع مواكبة هذا الكم من الفواجع، تحاول الطواقم الطبية تجاوز الأزمة في حدود مقدرتها؛ إنها أزمة إنسانية عميقة، يدفع ثمنها الأبرياء الذين لم يطلبوا أكثر من حقهم في الحياة، الذين يطلبوا الطعام فقط!

يقول الدكتور عاطف الحوت مدير مجمع ناصر الطبي: "إن الضحايا يصلون بالمئات، ويوميًا ترتفع الأعداد لدرجة لا يمكن لأي منظومة صحية تحملها في ظل الضغط الواقع عليها منذ ما يقرب العامين. آخر ثلاثة هناك منع تام لدخول الأدوية والمستلزمات الطبية، وهذا جعل الكارثة أكبر بكثير".

وعن مجزرة خانيونس التي راح ضحيتها أكثر من 80 شهيدًا و200 جريح، يضيف: "مجمع ناصر الطبي هو الوحيد الذي يعمل بالمنطقة بأكملها، وهو مكدس بالجرحى من قبل المجازر، شعرت بالقهر على ما أوصلنا الاحتلال إليه".

يرى الحوت بأن ما يجري من -تدمير للمنظومة الصحية وإخراجها عن الخدمة-، هو هدفٌ من أهداف الاحتلال، خصوصًا مع إغلاق الكثير من المستشفيات بعد تدميرها.

"التهديد المباشر لتلك التي تعمل، ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية.. كل هذا يأتي في ظل استمرار الإبادة واستهداف الجائعين الذين يحاولون الحصول على الطحين وأي نوع من الطعام مهما كان سيئًا في ظل المجاعة المستمرة".

إجمالي شهداء "لقمة العيش" ممن وصلوا المستشفيات من المناطق المخصصة لتوزيع المساعدات، ارتفع إلى 397 شهيدًا وأكثر من 3,031 إصابة، منذ نهاية أيار.

وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن إجمالي شهداء "لقمة العيش" ممن وصلوا المستشفيات من المناطق المخصصة لتوزيع المساعدات، ارتفع إلى 397 شهيدًا وأكثر من 3,031 إصابة، منذ نهاية أيار/مايو المنصرم.

يقول طبيب آخر وهو منهكٌ بالكاد يقوى على الحديث، بينما كان يعالج الجرحى: "ما يحدث هو ضرب من الجنون، نحاول العمل بمنظومة صحية شبه معدمة لأعداد مهولة، لا نستطيع الاهتمام بالجميع! يموت الناس وهم ينتظرون دورهم بتلقي العلاج".

يشير إلى أنهم يستقبلون يوميًا عشرات الإصابات، وفي بعض الأيام تصل الأعداد إلى المئات، كثير منها توصف إصاباتهم بالخطيرة، نتيجة إطلاق النار على المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات، ملفتًا إلى أن "غرف العمليات ممتلئة، والأسرّة لم تعد تكفي حتى لنقل الجرحى من مداخل المستشفى".

وأكد طبيب آخر يعمل في العناية المركزة أن الطاقم الطبي مرهق، وبعضهم يعمل لأكثر من 20 ساعة متواصلة، يبذلون أقصى ما لديهم، لكن الواقع يفوق كل القدرات.

ويقول: "كثير من المصابين يصلون في حالة حرجة، ولا يمكن تقديم الرعاية الكافية لهم بسبب نقص الأدوية والمواد المخدّرة ومستلزمات الجراحة. نحن نعيش انهيارًا صحيًا حقيقيًا في كل المشاهد المؤلمة التي نعيشها وأكثرها قسوة حين ينتظر الجرحى دورهم بالعلاج وهم ينزفون على الأرض".

في السياق ذاته، حذّرت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارغريت هاريس، في مايو/ أيار الماضي، من خطورة الأوضاع الصحية في قطاع غزة، ووصفتها بأنها "على حافة الهاوية"، مؤكدة أن المخاطر الصحية التي تهدد السكان تزداد سوءًا في ظل الحصار المستمر.
وكانت سلطات الاحتلال قد شدّدت حصارها على القطاع في الثاني من مارس/ آذار، مانعة دخول كافة الإمدادات، بما في ذلك المستلزمات الطبية الضرورية والمنقذة للحياة.
وفي 19 مايو/ أيار، أعلنت "إسرائيل" استئناف إدخال المساعدات الإنسانية، لكنها فرضت شروطًا على العملية، وأقصت وكالة الأونروا والأمم المتحدة من الإشراف عليها.

من جهتها، أكدت الأمم المتحدة في بيان سابق ضرورة العودة إلى آلية توزيع المساعدات الآمنة والفعالة، التي تُدار من قبل مؤسساتها، بما في ذلك "أونروا". وكان المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، قد انتقد الآلية البديلة التي تشرف عليها "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من "إسرائيل" والولايات المتحدة، واصفًا إياها بأنها "مهينة ومذلة"، وتُعرّض حياة المدنيين الفلسطينيين للخطر.

كاريكاتـــــير