غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
تظهر الطفلة تاليا أبو شمالة (9 سنوات) في مختلف الشاشات، تطرق عائلتها جميع الأبواب الممكنة، يسألون عن الإعلاميين والناشطين، عن أي مشهورٍ يدلّهم على خيط أمل يصلون إليه من أجل علاج ابنتهم، يبحثون عن مخرجٍ من أكبر سجن مُحكم يطبق على أرواح أكثر من مليوني إنسان، وهذا موت، فوق الموت الذي يعيشونه كل لحظة.
في الإبادة، صار استهداف الأطفال عادةً آنية يمارسها جنود الاحتلال الإسرائيلي، لا يتحكمون بهذا فحسب، بل بمصيرهم بعد الإصابة أيضًا، أمر يجعل الآلاف منهم يصرخون بصورة جنونية وسط منظومة صحية متهالكة، بالكاد تستطيع تقديم الحد الأدنى للعلاج، لذلك تحاول عائلاتهم إطلاق المناشدات لعلّها تصل لمسؤول في موقع ما، فيستطيع انتشالهم بتحويلة طبية.
وفي اليوم العالمي للأطفال الأبرياء ضحايا العدوان، الذي يصادف الرابع من يونيو/ حزيران من كل عام، تنصت "نوى" لمناشدات الأطفال الجرحى، الممنوعين من السفر للعلاج، بالنظر إلى التحويلات الطبية التي تعد ملفًا شائكًا، يحكمه "مزاج إسرائيل" التي تسيطر على كافة معابر قطاع غزة.
بالعودة إلى تاليا، فإنها أصيبت بشظية طولها 7 سم في رأسها نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منزلها، ما تسبب بتهتك في خلايا المخ والجمجمة، ونزيف في إحدى عينيها وقرحة في الأخرى، بعدما فقدت والدتها وأصيبت شقيقتها الصغيرة، ومنذ ذلك الحين تعاني من تبول لا إرادي وتغيرات سلوكية حادة.
يشخص الأطباء وضع الطفلة بـ"الخطير"، وفق ما قالت عائلتها، ما يجعلها بحاجة ماسة إلى السفر لتلقي العلاج المتخصص، الذي يشمل زراعة جمجمة وعمليات دقيقة في الدماغ والأعصاب، ووجودها في غزة في ظل إمكانيات العلاج الضعيفة، يؤخر علاجها، ويدخلها في دوامة مضاعفات كبيرة. تعقب أمها بحرقة: "كل يوم يمرّ عليها تحت الإبادة والحصار يزيد وجعها أضعافًا".
تصرخ تاليا أمام كاميرا أحد الصحفيين: "من يمكنه مساعدتي؟ لا فرصة أمامي إلا الانتظار لعلّ أحدًا يسمع مناشدتي فيساعدني".
التفاصيل ذاتها تعيشها الطفلة سيلا ماضي (8 سنوات)، إذ ترقد في حالة حرجة بعد جروح أصيبت بها جراء قصف إسرائيلي استهدف خيام النازحين في خانيونس جنوبي قطاع غزة.
فقدت الطفلة ساقها اليُمنى، وتعاني ساقها الأخرى من إصابة بالغة، بينما تستقر شظايا خطيرة في ظهرها، ما يجعل حالتها معقدة وتستدعي تدخلًا طبيًا عاجلًا، وبالطبع خارج قطاع غزة.
وكانت رهف شقيقة سيلا قد تعرضت لإصابات متعددة في جسدها، غادرت قبل أيام لتلقي العلاج خارج القطاع، لكن سيلا ووالدتهما نسرين ما زالتا تنتظران فرصة النجاة، إذ تعاني الأم أيضًا من إصابة خطيرة في قدمها، وتحتاج لرعاية طبية.
كذلك الحال بالنسبة للطفلة نور الهدى حجاج، من مدينة غزة، وتبلغ من العمر 7 سنوات، حيث تعاني من مرض جلدي نادر (مرض جلدي من النوع أ)، يجعلها رهينة السرير، يبدو جسدها محترقًا، تحتاج إلى أدوية معظمها لا يتوفر في قطاع غزة نتيجة الحصار الإسرائيلي.
تدوّي صرخات نور، وتسأل الأطباء عن مسكنات تضعف الإحساس بالألم، يخبرون عائلتها بأن حالتها الصحية تتدهور بشكل متسارع نتيجة انعدام الرعاية الطبية الأساسية. تعود أسرتها لتطلق المناشدات التي تدور كلها في فلك واحد، تحت العنوان ذاته "مناشدات تحت الإبادة"، ينعدم الأمل أحيانًا، لكن لا مجال إلا لاقتلاعه من قبره ليحيى مجددًا في محاولة للوصول! في محاولة للخروج أو النجاة.