شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاحد 28 ابريل 2024م15:48 بتوقيت القدس

امرأةٌ في "خيمة".. لا خصوصية "ولا حياة"!

06 فبراير 2024 - 09:44

شبكة نوى، فلسطينيات: رفح:

على باب خيمتها، تقلّب المواطنة حنان البيوك أرغفة الخبز المرقق على قطعةٍ من الصاج، لتصنع غداء عائلتها وعائلة شقيقها التي تشاركها العيش في ذات الخيمة التي لا تتجاوز ثلاثة أمتار.

بابتسامةٍ عريضة، تعضّ السيدة حنان، وهي أمٌ لأربعة أبناء (3 ذكورة وفتاة) على فمها وهي تخفي مرارة النزوح من بيتها منذ شهرين، تاركةً خلفها الأمان والذكريات، إلى واقعٍ تفتقد فيه كل الخصوصية والحياة الإنسانية التي اعتادتها في بيتها بمنطقة بطن السمين بمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة.

تقول لـ"نوى": "نحن هنا 15 فردًا داخل خيمة واحدة لا خصوصية ولا راحة، ننام كلُّنا بأغطية لا تكفي الجميع، نضع مفرشًا حراريًا لعدم وجود ما يكفي من الفراش، ويتشارك الصغار الغطاء ذاته".

عائلة حنان هي واحدة من آلاف العائلات الفلسطينية التي نزحت من شمال قطاع غزة ومدينة خانيونس صوب مدينة رفح بسبب الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، لتعيش في خيمة بمخيم للنازحين في الملعب البلدي بمنطقة تل السلطان غربي مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

تعتمد حنان وعائلتها في التغذية على ما يتلقونه من مساعدات غذائية (عبارة عن معلّبات)، ملّت بطون الناس منها، وبينما تعجز عن إيجاد البديل، تتحدث بمرارة عن بيتها الذي تركته لتعيش كل هذه المأساة.

وتكمل: "بيت الإنسان هو وطنه الشخصي ومملكته. كنتُ قد وفّرت فيه الدقيق وزيت الطعام وما يكفي من مؤونة لمدة طويلة، حتى بدأ العدوان بمدينة خان يونس، فنزحت تحت ضرب المدفعية وتركت كل هذا وخرجت للنجاة بروحي".

تشير بيدها إلى النار الموقدة أمامها وهي تقول: "قلبي يغلي قلقًا على بيتي مثل هذه النار تمامًا، لا أعرف مصيره، ولكن الدبابات وصلت إلى منطقتنا".

المأساة الأخرى بالنسبة للسيدة حنان هي شُحّ المياه، وبُعد المرحاض عن المكان، والانتقال من مخيم الملعب البلدي المجاوز للمتنزه البلدي، وهذا يعني الوقوف في طابور طويل بانتظار التمكّن من دخول المرحاض.

تشاركها المعاناة المواطنة شهرزاد دلّول، التي تعيش في خيمة يجتمع فيها نحو 14 فردًا هم أبنائها وزوجاتهم وأطفالهم.

تشير السيدة بيدها إلى ثلاث شابات يجلسن إلى جوارها، وتقول: "هؤلاء زوجات أبنائي يضطررن بسبب سوء الحال إلى المبيت بثوب الصلاة كاملًا حتى بدأ شعرهن بالتساقط، فأبنائي أيضًا ينامون هنا، وليس لنا مكان آخر".

تبتسم شابة عشرينية وهي تقول: "ما زلت عروسًا لم أكمل 6 شهور في البيت، ولا أدري ما حلّ به. آخر الأخبار التي وصلتني أن هناك قصفًا طال شقتي".

السيدة شهرزاد تركَت منزلها في حي الزيتون شرقيَّ مدينة غزة قبل نحو شهرين، ونزحت فرارًا بعائلتها صوب مدينة رفح جنوبًا بسبب كثافة العدوان الإسرائيلي، وحتى الحصول على خيمة لم يكن أمرًا سهلًا بالنسبة للعائلة التي باتت لثلاث ليالٍ في البرد الشديد إلى أن توفرت.

تكمل السيدة شهرزاد: "هنا الخصوصية مفقودة ولا شعور بالراحة. الخيمة ضيقة والعدد كبير وهذا يُشعر الشابات بالحرج، كلنا ننام صفًا واحدًا بجوار بعضنا".

تزداد الأزمة عند هطول الأمطار التي تغرق الخيام كما تؤكد شهرزاد، التي توضح: "مياه الشتاء صباح اليوم دخلت على الكيس الذي نضع فيه الخبز، ولا خبز لدينا اليوم وهو شحيح أصلًا".

تتساءل السيدة بمرارة: "أليست هذه مأساة! هل كانت حياتنا هكذا؟".

أما عن خصوصية النساء المفقودة، فتروي السيدة أن المرحاض العام موجود في المتنزه فقط، وعليهن الذهاب في طابور حتى تتمكن الواحدة منهن من دخوله. تكمل: "فما بالكم لو احتاجت السيدة منا للاستحمام؟ لقد فصلوا جزءًا غطوه بقطعة من القماش وخلفه تستحم النساء بعد أن تحضر دلوًا من المياه الساخنة، هذا الوضع غير المريح يجعل النساء لا يحصلن على الحمام بشكل تقليدي، بل سكب المياه سريعًا والخروج من المكان.

هذا ينطبق حتى على الشابات اللاتي يردن الاستحمام بعد الدورة الشهرية، حيث تضطر الكثيرات للتأجيل أو الاكتفاء بالتيمم مؤقتًا، حتى يصبح الظرف مناسبًا.

وتناشد النساء في المخيم المؤسسات النسوية والدولية لإيجاد بدائل أكثر آدمية لهن، وسرعة إنهاء الحرب كي يتمكنَّ من الشعور بالأمان، ويعدن لحياتهن الطبيعية.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير