شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م23:33 بتوقيت القدس

تأخّر الإعمار.. لم يعد للناس سوى ركام وانتظار!

28 مايو 2023 - 13:07

غزة :

على ركام منزلها في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، تقيم السيدة إسلام طه (32 عامًا) برفقة زوجها وأبنائها الخمسة داخل خيمة، بدلًا من البيت الذي قصفته قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانها الأخير على قطاع غزة.

تعاني الشابة واقعًا نفسيًا وإنسانيًا صعبًا بعد فقدان البيت الذي كان صمام الأمان بالنسبة لها، فهي لم تتوقع أن يتم قصفه ذات يوم. تقول إسلام لـ"نوى" بينما امتزج صوتها بحشرجة البكاء: "تلقينا اتصالًا تحذيريًا لنخرج من البيت. لم يكن أمامنا سوى عشر دقائق، حملت أبنائي فقط للنجاة بأرواحنا، ولم أفكر في شيء مطلقًا".

 قُصف البيت على مرأى عين إسلام وزوجها. لقد فقدا كل ما يملكان بعد أن تركت إسلام كل شيء للنجاة بصغارها.

منزل عائلة طه المدمّر عام 2023

تضيف: "طفلتي مصابة بمرض السرطان، وهي بحاجة لرعايةٍ من المستحيل أن تتوفر في خيمة، والوضع الاقتصادي سيء لا يسمح لنا باستئجار بيت بديل، ولا أثاث غير الذي فقدناه في البيت. شقاء العمر أصبح رمادًا في لحظات، والأدهى حالة الفزع والرعب التي ما زالت تسيطر على صغاري".

أما زوجها أحمد (38 عامًا)، الذي فقد منزله في لحظات، فما زال يتذكّر تلك اللحظة المؤلمة حين تلقّى اتصالًا تحذيريًا يمهله عشر دقائق لإخلاء البيت قبل قصفه، حيث أصبحت عائلته وعوائل إخوته، كلها مشرّدة بلا مأوى، يقول: "بيتنا بنيناه أنا وإخوتي بشقّ الأنفس، وأصبحنا كلنا لا نملك سوى خيمة وركام".

المرعب بالنسبة لأحمد وزوجته إسلام أن موضوع إعادة الإعمار، غير مضمون، فحتى لحظة كتابة التقرير لم يتواصل معهما أحد مطلقًا، بينما ما زالت عائلات ممن فقدوا بيوتهم في عدوانات سابقة يصطفّون على طوابير الإعمار، حتى الآن، ما يجعل الأمر أكثر رعبًا بالنسبة لهما.

تمامًا مثلما حدث مع السيد أمجد مرتجى، الذي تم استهداف شقّته السكنية في عدوان عام 2021م، وما زال ينتظر الإعمار الذي يسير ببطيء شديد لا يتناسب مع حاجة الناس الملحّة للسكن والاستقرار.

يقول مرتجى: "اشتريت أثاثًا منزليًا قبل ثلاثة شهور من عدوان 2021م. خسرتُ الشقة بما فيها دفعة واحدة أثناء قصف منزل عائلة أبو العوف في شارع الوحدة، ولم يتم تعويضي ولم أسدد حتى الديون التي أرهقتني. حتّى أننا أصبنا، فزوجتي أصيبت بكسر في الحوض والعمود الفقري، وابني البالغ خمس سنوات فقد النطق جراء الصدمة، ولم يسأل بنا أحد".

ويعدّ مرتجى نفسه شخصًا مهمّشًا كليًا من الخدمات، فلا أحد يتواصل معه بشأن الإعمار أو حتى التعويض، رغم مساعيه الدائمة للاستفسار، لكن الرد أتاه حتى آخر مرة أن الإعمار سيتأخر بسبب الظروف السياسية المعقّدة.

وكانت قوات الاحتلال شنّت عدوانًا على قطاع غزة بداية الشهر الجاري استمر لخمسة أيام، قتلت خلاله 33 مواطنًا، وأصابت نحو 147 مواطنًا، ودمّرت عشرات الوحدات السكنية، وأتلفت العديد من الدونمات الزراعية.

قصف منزل عائلة أبو العوف 2021

وقال مسؤول وحدة الأضرار السكنية في وزارة الأشغال والإسكان محمد عبّود: "نشعر بمعاناة الناس، ونقدّر تخوّفهم جراء عدم إعادة الإعمار (..) هناك فجوات مالية متعلقة بملف إعادة الإعمار، فوزارة الأشغال لديها عجز بقيمة 200 مليون دولار، كما أن ما تم إعادة إعماره جرّاء عدوان 2022م، يكاد لا يُذكر".

وأوضح أنه لم يتم الحديث بعد عن ملف إعادة إعمار عدوان 2023م، فالوزارة في مرحلة حصر التقديرات الأولية، التي تشير إلى الحاجة لنحو 10 ملايين دولار، نتيجة تدمير 104 وحدات سكنية بشكل كامل، و140 بشكل جزئي غير صالحة للسكن، ونحو 2700 جزئيًا لكنها صالحة للسكن، وبمجرد انتهاء الحصر سيكون هناك تدخلات لملف إعادة الإعمار.

أما نادي سرحان، وكيل وزارة الأشغال والإسكان السابق، فقال: "إن الخوف من عدم إعادة الإعمار مشروع، ولكن جرت العادة أن ما تم هدمه أولًا سيتم إعادة بنائه أولًا، لكن توقيت إعادة الأعمار نفسه خاضع للسياسة الدولية والعربية مع الاحتلال الإسرائيلي".

وتابع سرحان: "هناك العديد من الدول التي تتعهد بإعادة الإعمار ثم تتنصّل، مثلما حدث بعد عدوان 2014م"، مشيرًا إلى أن أبرز العقبات أمام هذا الملف هو الانقسام السياسي، فلا يوجد ضغط من قبل الرئيس محمود عباس ومجلس الوزراء على المانحين للوفاء بالتزاماتهم".

تخوّف المانحين أيضًا من كيفية توزيع الأموال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لعب دورًا إلى جانب المزاج الإقليمي المهتم حاليًا بالأزمة الروسية الأوكرانية وزلزال تركيا، كما يؤكد سرحان، الذي يعرب عن أمله في أن يسهم انعقاد القمة العربية الأخيرة في المملكة العربية السعودية بإيجاد حلٍ لهذا الملف.

من جانبه يقول المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب: "إن أولويات المانحين الدوليين تغيّرت مع ازدياد الأزمات العالمية، خاصة بوجود الأزمة الروسية الأوكرانية، وأيضًا تراجع التمويل العربي، فقبل سنوات كانت هناك تدخّلات عربية كبيرة مثل السعودية والإمارات ودول الخليج، لكن اليوم تكاد تكون معدومة".

وختم: "إن التخلّي العربي والدولي أوجد لدينا حالة متعثرة من عدم إعادة الإعمار، وأصبح لدينا حاجة لما يقارب 350 مليون دولار؛ لترميم ما دمره الاحتلال من وحدات سكنية ومصانع ومتاجر".

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير