شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م10:37 بتوقيت القدس

ركام وذكريات متناثرة.. ما تبقى لعائلة زياد الأغا من منزله

20 مايو 2023 - 12:38

شبكة نوى، فلسطينيات: "أصبحنا في الشارع لا جدران تأوينا، أو سقف يحمينا، هكذا أصبحنا في لحظة واحدة بلا مأوى" تقول المواطنة إيمان الأغا.

تضيف بحسرة:" ليست المرة الأولى التي يتضرر فيها منزلنا، لكنها كانت في كل مرة أضرار جزئية، نتمكن من إصلاحها، أو حتى مواصلة الحياة في المنزل، حتى إعادة تعميرها، أما اليوم، فلم تبقي الطائرة ولم تذر، وأصبحت كل أحلامنا مدفونة في باطن الأرض".

تنظر حولها غير مصدقة أن كل شيء ذهب أدراج الرياح، هكذا في غمضة عين:" اللي صار ما بينحكى، راح البيت وراح معه كل شي، ذكرياتنا وأحلامنا وشقى عمرنا".

بالدموع ذهبت ديما إلى المدرسة بعد انتهاء العدوان، فلا مريول ولا كتب أو حتى حقيبة، بينما ينتظر منها أن تجيب على أسئلة الامتحان،  وفي عقلها ألف سؤال عما اقترفته من ذنب لتحرم من أبسط حقوقها كطفلة، فلا سرير متاح تنام عليه، ولا حتى غرفة تضمها وشقيقاتها الأخريات، الأمر أصبح أكثر تعقيداً وحقها بطفولة طبيعية سلبه الاحتلال مع استهداف منزل عائلتها شرق القرارة أثناء العدوان الأخير على قطاع غزة.

تمسح الأم دموع طفلتها، ولا تعرف كيف يمكنها أن تشرح لها ألا ذنب اقترفته هي أو غيرها من الأطفال في غزة المكلومة تقول:" كسروا بخاطر أطفالنا، وحرموهم أبسط حقوقهم بالعيش بأمان، كنا نحاول أن نمنحهم هذه الإحساس دوماً بأن البيت هو الأكثر أمان، لكن حتى هذه سلبها الاحتلال منا ولم نعد نمتلك سوى حجارة وركام وبعض ذكريات".

ليست المرة الأولى التي تحمل إيمان أطفالها وتغادر المنزل، هي وجميع أفراد العائلة، أربع أسر تذهب كل أسرة في اتجاه:" في كل تصعيد، أو عدوان نترك البيت، وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض بيتنا للقصف، لم نشفى بعد من آثار تدميره عام 2014 بشكل جزئي بليغ، حرق فيه الطابق الأول بأكمله، فيما قصف الطابق الثاني والثالث، وأزيل سقفه كاملاً".

 ما زالت ذاكرة إيمان عالقة بكثير من الذكريات الموجعة، فأن تفقد منزلك، وأمان أسرتك واستقرارها أمر غاية في القسوة، لن يدرك معناه سوى من عاش مرارة التجربة:" عانينا كثيراً ذاك الوقت، واضطرنا أن نعيد إعماره بالدين، فأن نلهث خلف إعادة الإعمار والإسراع فيه كان أشد قسوة من الضرر الذي لحق بنا في حينه، ما جعلنا نفعل كل ما بوسعنا حتى نتمكن من إعادة ترميم الطابق الأول، ونعيش فيه جميعاً بعائلاتنا الأربعة".

تضيف بأسى:" أكثر ما يبعث في القلب غصة أننا اليوم حتى لم نجد جدراناً يمكن أن نرممها، أو تسترنا حتى نتمكن من إعادة بناء ما راح، سيما وأننا لم نجد خلال العدوان أي مؤجر، وبعد أيام من إعلان التهدئة حتى تمكنا من العثور على مؤجر يقبل تأجيرنا".

معاناة التشرد والنزوح من المنزل تستمر مع كل تصعيد، ظروف صعبة، نحن أربع أسر، في العدوان الأخير لم نكن ندرك أن الأمر يمكن أن يصل بنا لأن يقصف المنزل بالكامل، تركنا المنزل ولم نأخذ معنا سوى بعض الملابس لأطفالنا

يبكي طفلها موسى ذو الخمسة الأعوام وتوأمه، فما أن عادوا لتفقد المنزل وكل ما يشغلهما أن يعثرا على (ترامبولين) يواصلون البحث وكلهم أمل أن يجداها سليمة ويعودوا للعب بها كما كانا يفعلان كل يوم بعد عودتهما من الروضة.

 تشيح بوجهها عن ركام المنزل وتتمنى لو كان كابوس سوف تصحو منه:" ليس سهلا أن نبدأ من الصفر، لكن هذا هو الاحتلال الذي لا يرحم، حرم أطفالنا الأمان والاستقرار، حرموا اولادي من فرحتهم، ألعابهم، أحلامهم، ملابسهم اللي لسه ما فرحو فيها، حتى حقائب المدرسة، ما توقعنا انه البيت يروح، كسروا بخاطر بنتي، بدها ملابس العيد، والحذاء الجديد اللي ما فرحت فيه، لكن كل شي راح تحت الأنقاض".

وفي تصريح لوزارة التنمية الاجتماعية أوضحت أن العدوان الأخير تسبب بحرمان 459 أسرة فلسطينية من المأوى تتضمن أكثر من 2,516 فرد، منهم 1,180 طفل و688 من النساء، إضافة إلى 97 من كبار السن و3 أشخاص ذوي إعاقة.

نفضت غزة أحزانها وعادت للحياة ما أن وضع العدوان أوزاره، لكن عائلة زياد الأغا تكرر تجربة النزوح، وفقدان الأمان والاستقرار، أمام ركام منزلها، ما زال أطفالها يبحثون عن أحلامهم وألعابهم، وحتى ملابسهم الجديدة تحت الأنقاض، فليس من الطبيعي أو المعتاد أن تذهب لينا إلى مدرستها دون أن ترتدي زيها الأخضر، وتزين شعرها بطوق أبيض، وابتسامة جميلة، لكنه الاحتلال الذي حرم الأطفال من أبسط حقوقهم، دون وجه حق.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير