شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 27 ابريل 2024م19:49 بتوقيت القدس

رغم وضعها الاقتصادي الصعب..

علياء أبو ياسر.. يد "العطاء" في بيت لاهيا

02 ابريل 2023 - 12:35

قطاع غزة:

"بدك مساعدة؟"، تجيب علياء المنهمكة بتحريك الطعام في الحلة الكبيرة، إحدى الطفلات اللاتي تحلقن حولها بـ "شكرًا"، وترفقها بابتسامةٍ خفيفة، فيباغتها طفلٌ آخر بسؤالٍ مختلف: "راح تطبخيلنا لحمة؟" لتضحك قبل أن ترد: "حاضر من عيوني"، لتعود ثالثة وتقول: "إيش بدك تطبخيلنا بكرة طيب؟".

تضحك علياء، التي بالكاد تستطيع تحريك الملعقة لكمية الطعام الكبيرة، التي علّقتها على نارٍ هادئة في ساحة منزلها المتواضع في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، فهي بطبيعة الحال لا تعرف بماذا تجيب، بينما لا تستطيع التنبّؤ بالمال الذي سيتبرع به أهل الخير للغد.

يتجمع الصغار حول علياء طوال فترة إعداد الطعام، وهم بالمناسبة ليسوا صغارها، بل أطفال الجيران من المتعففين، الذين ترسلهم أمهاتهم ببعض الحلل الصغيرة، لملئها من وجبة اليوم التي اعتادت علياء على تقديمها يوميًا لهم خلال شهر رمضان المبارك.

علياء أبو ياسر (42 عامًا)، التي أصبحت تعرف بطاهية المستورين، هي أرملة وأم لتسعة من الأبناء، مسؤولة عنهم وعن إعالتهم، يسكنون جميعهم في أرضٍ حكومية بسبب الفقر وعدم قدرتهم على شراء منزل، لكن برغم كل الأسى الذي تعيشه، إلا أنها تؤمن بمبدأ "العطاء"، فتقدم ما تملكه، وما يتقدم به فاعلو الخير من المتبرعين، على شكل "طعام" صدقة عن الصحة والعيال.

تقول: "ليس مهم ما نملك، المهم ماذا نقدم، فالعطاء والتكافل للمستورين أمثالنا يعني لنا الكثير".

ويعرف عن السيدة أنها مبدعة بصنع الطعام، ما جعل بعض الناس يتقدمون بتبرعات مادية، مقابل الجهد منها لأن تطهو للأسر المتعففة، وتوزع قبل أذان المغرب في منطقتها، وهنا تعقب: "بالطبع لم أتردد، فهذه فرصتي للمساهمة بالخير، ومساحة جيدة لِلَجم أمعاء خاوية يحاصرها الفقر هنا".

تبدأ علياء عادة عملية الطبخ منذ الساعة الـ 11 صباحًا، في أوانٍ كبيرة وعلى نيران الغاز في ساحة منزلها، تعدّ طبيخ البازيلاء والفاصولياء وشوربة البرغل، وأصنافًا أخرى تسد حاجة نحو 30 عائلة في محيطها.

تتحدث بأن الأطفال ما أن يسمعوا حركة الأواني أو يشتموا الرائحة، حتى يطرقوا الباب ويتجمعون حولها. "يسعدون بالأمر، ويقولون لي إن طعامي لذيذ، ويا ليتني لا أقطع هذه الفرصة وتظل قائمة طوال العام" تزيد.

تواصل: "وأحيانًا لا أجد إجابات للأطفال الذين يسألونني لماذا لا أطبخ كل يوم؟ لماذا لا أصنع الأرز مع الدجاج أو اللحم"، مشيرة إلى أن هذه الأكلات تحتاج لمبالغ مالية أكبر من المتاحة أمامها.

وتعدُّ المنطقة التي تسكنها علياء نائية، يعاني الناس فيها فقرًا مدقعًا، وغالبيتهم يعيشون على أراضي حكومية، وجدوا سبيلًا مؤقتًا في توفير إفطارهم الرمضاني عبر السيدة التي تطمح بأن تكبر الفكرة؛ لتصبح مشروعًا يُشغّل أيادٍ عاملة أكثر من الناس، ويوفّر الطعام للناس على مدار العام.

كاريكاتـــــير