شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م01:01 بتوقيت القدس

في غزة .. الفقيرات لهن لفحات الدخان وسمومه

19 مارس 2023 - 15:32

شبكة نوى، فلسطينيات: نوى :

فور دخولك منزل الأربعينية فاطمة محمد في حي جحر الديك شرق مخيم البريج وسط غزة، ترى خيوط ضباب أسود يحيط الجدران من الداخل ممتزجًا برائحة نيران، ناجمة عن إِشعالها فرن الطينة لساعات طويلة، لتحضير  أحد أطعمة الغداء.

أطفال فاطمة الثلاثة يساعدونها في تجميع أكبر عدد من أوراق الشجر والكراتين البالية، لاستخدامها في إشعال الفرن لساعات طويلة، كبديلٍ لغاز الطهي، بينما تقطع نوبات السعال عملها وهي تواصل الطهي، بسبب الدخان الأسود.

"منذ أربعة أعوام وأنا أعتمد في منزلي على استخدام فرن الطينة لإعداد الطعام، ليس رفاهية؛ لكن الحاجة والعوز دفعتني لذلك، تقريبًا نسيت ماذا يعني أنبوبة غاز"، تقول فاطمة.

فاطمة هي واحدة من مئات النساء في قطاع غزة، ممن طحنت حياتهن ظاهرة الفقر التي جاوزت 54% في قطاع غزة الخاضع للحصار الإسرائيلي منذ 17 عامًا، فاضطررن لاستخدام النار لإنضاج الطعام بديلًا عن غاز الطهي الذي يعدّ مرتفع الثمن قياسًا بوضعهن الاقتصادي والذي وصل سعر الاسطوانة إلى 72 شيكلًا "نحو 20 دولارًا"، ما انعكس سلبًا على صحتهن النفسية والجسدية والإنجابية.

هذا تمامًا ما عانته فاطمة التي توضح: "تعرضت قبل عامين للإجهاض عندما كنت حاملًا في الشهر الثالث، حينها أخبرني الأطباء أن الجنين تعرّض لتشوهات خطيرة واستمراري في الحمل سيعرض حياتي للخطر، وعندما سألت الطبيب وضّح لي السبب في عدة عوامل أبرزها استخدام فرن الطين وانبعاث السموم الناتج عنه وارتفاع درجات الحرارة والنيران".

المراهقات أيضًا يدفعن ثمن الفقر واستخدام البدائل غير الصحية، كونهن يتحمّلن عبء مساعدة الأمهات في إعداد الطعام من خلال إعداد الطعام وإشعال عيدان الحطب يوميًا.

 نور سميح ذات الـ 15 عامًا، تخرج صباح كل يوم لتجميع الحطب وتوفيره لوالدتها، لإشعال النيران وطهي الطعام عليه بديلا عن الطاقة، وتجب على نور تجهيز الطعام في انتظار مجيء أشقائها الذين يعملون في الزراعة.

تقول نور إن استخدام النيران سبب لها مشاكل صحية، فمنذ قرابة عام، ظهرت على جسدها حبوب على شكل حروق تزيد بشكل كبير في فصل الصيف، فتتكالب عليها حرارة الصيف وحرارة الطهي على الحطب، لكن ليس باليد حيلة وفق قولها، هي لا تريد لوالدتها أن تتحمل عبء واجبات المنزل لوحدها.

هذا الواقع شكّل عبئًا نفسيًا كبيرًا عليها، أحيانًا تضطر للذهاب إلى عيادة وكالة الغوث، تحصل على بعض المراهم تساعدها في إطفاء حروق جسدها، لكن مفعولها بطيء مقارنة بمراهم لا تستطيع شراءها من صيدليات قطاع غزة لارتفاع ثمنها قياسًا بوضعها المادي المتردّي.

السيدة بدرية عفانة أيضًا، تعاني بسبب الفقر واضطرارها لاستخدام نيران الكرتون والعيدان لإشعال النار في منزل عائلتها بمخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين.

السيدة وهي أم لخمسة أطفال يعتاشون بالكامل على المساعدات التي تقدمها الجهات الإغاثية تقول :"مضطرة لاستخدام النيران التي تسبب لي الاختناق حتى أصبحت أعاني من الحساسية التنفسية، صحتي تزداد سوءًا لعدم قدرتي على شراء الغاز".

 الدكتورة نهلة حلس مديرة دائرة الصحة والطفل بوزارة الصحة بغزة تقول لنوى:" إن المرأة الفلسطينية بقطاع غزة تتأثر بعدة عوامل اقتصادية واجتماعية ونفسية ناهيك عن كونها تعيش في بقعة جغرافية صغيرة ومغلقة، فجاءت أزمة المناخ ودرجات الحرارة والتلوثات البيئية، ضاعفت بشكل سلبي وكبير من تلك الأزمات، وولدت لديها ضغط نفسي".

وتوضح حلس أن الفقر وعوامل البيئة والظروف المحيطة بالمرأة أثرت على طبيعة الصحة الانجابية لها بما يشمل فترات الحمل والولادة، والغذاء السليم، هذا ما يضعهن أمام مسؤولية كبيرة ما بين القيام بمتطلبات الحياة التي تقع على كاهلهن وما بين الحفاظ على صحتهن.

وتشير إلى أن الانبعاثات السامة التي تنبعث من الدخان في حالة استخدام بدائل الطاقة، لا سيما النساء في المناطق الريفية تعرضهن للإجهاض وعدم نمو الجنين بشكل سلي، كذلك الفقر يؤدي ضعف الدم فتبقى مناعتهن ضعيفة.

 لذا تنصح حلس خلال العيادات الحكومية لتوفير كميات كافية من عقار الحديد والفوليك أسيد والفيتامينات للنساء الحوامل بغرض التعويض في حال تعرضت صحة المرأة لأي تهديد خارجي قد يؤثر عليها بشكل سلبي.  ومحاولة بقاء الحمل سليماً من دون أن يصل إلى مرحلة الخطر، إضافة إلى جلسات التثقيف والمتابعة، وإجراء جميع الفحوص للأم بعد الولادة، مع تطعيم طفلها.

كاريكاتـــــير