شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م15:49 بتوقيت القدس

في اليوم الدولي للمرأة في العلوم

أستاذةٌ في الهندسة الكهربائية و"حُلمٌ" من أجل غزة

11 فبراير 2023 - 09:45

غزة:

"تشغلُني الأبحاث المتعلّقة بالطّاقة المتجددة، وكلّما انقطَعَت عنا الكهرباء، أجِدُني انخرطْتُ في تفكيرٍ عميق: كيف يمكن أن نعوّض هذا النقص بغزة؟" تقول أ.د. هالة الخزندار لـ"نوى".

لطالما طمحت الخزندار، أستاذة الهندسة الكهربائية، لوضع بصمةٍ في هذا المجال لتنفع مدينتها المحاصرة، "فالناس فيها يستحقون الحياة، على الأقل بأبسط حقوقهم كأن يرون طريقهم ليلًا تحت الضوء".

كفلسطينيةٍ، وكامرأةٍ يحتفي بأمثالها العالم، ضمن اليوم العالمي للمرأة في العلوم، الذي يصادف الحادي عشر من فبراير، من كل عام، تحدّثت لـ"نوى" عن الفيزياء، عالم العلوم الصعبة، الملتصقة بحياة الناس "عكس ما يتوقع كثيرون".

تضيف: "الفيزياء ليست مجرد معادلات، فهي تعطينا نتائج يظهر أثرها على البشر. المشكلة هي العلم التقليدي الذي لا يربط الكتاب المدرسي بما يمسّ حياة الإنسان، وهذا ما نحتاجه. في المدرسة كنت أقرأ كتبًا خارجيةً، وأتابع برامج علمية، لهذا كانت نظرتي مختلفة لهذا العلم".

تخرّجت الخزندار من قسم الفيزياء بجامعة بيرزيت عام 1987م، وعملت معيدةً بعض الوقت، قبل أن تنتقل إلى جامعة "نيو مكسيكو" بالولايات المتحدة، بعد حصولها على منحة "فولبرايت" لدراسة الماجستير والدكتوراه، حيث نالت تخصصها الفرعي في الهندسة الكهربائية، وعادت إلى قطاع غزة لتعمل محاضرةً في الجامعة الإسلامية.

لا تُخفي البروفيسورة فخرها كونها خاضت مجالًا صعبًا، وتميّزت فيه إلى الحد الذي جعلها تنتج أبحاثًا مهمة في عدّة مجالات، وأبرزها: الألياف الضوئية وتطبيقاتها، والاتصالات، والفيزياء الحيوية، والطاقة المتجددة. "وعند الأخيرة فلنتوقّف قليلًا"!

تشرح بالقول: "لدينا في قطاع غزة شحّ في كميات الطاقة المتوفرة التي تنتج من محطة التوليد في غزة والطاقة المستوردة من الاحتلال الإسرائيلي ومن مصر الشقيقة، تنقطع غالبية النهار وهذه مشكلة تمسّ كل بيت"، موضحةً أن مجال أبحاثها يركز على إيجاد البدائل".

دور علم الفيزياء يكمن كما تبين، بأن "ندرس المصادر المتوفرة لدينا، مثلًا الشمس تعطينا كمية طاقة هائلة، كيف يمكننا الاستفادة منها؟ ومدى تقبّل الناس لها. أعمل على دراسة الخلايا الشمسية المكوّنة من عدة طبقات، وطبيعة كل طبقة، وخصائصها، والمواد المكوِّنة لها، وأدق التفاصيل حولها؛ لمعرفة المواد المصنّعة منها بدقّة، ودراسة المتوفر منها هنا، والبحث فيما يمكن توفيره محليًا كبديل عن المواد غير الموجودة في قطاع غزة المحاصر، بهدف توطين هذه الصناعة المهمة".

وتخصص الهندسة الكهربائية، أيضًا، يمسّ حياة الناس مباشرةً كما تؤكد، وتزيد: "تخصصي هو الجزيئات الدقيقة، فسابقًا كنا نقول إن أصغر جزء في الذرة هو النواة، وتتكون من إلكترونات تدور حولها، لكن العلم أثبت غير ذلك، فهناك جزيئات دقيقة مكوِّنة لها".

تدرس الخزندار هذه الجزيئات، وأهميتها والاشعاعات الناتجة عنها والتي ممكن أن تُستخدم في علاج العديد من الأمراض ومنها مرض السرطان، وهذا موجود في العديد من دول العالم.

بعد إنجاز الدكتوراه، عملت الخزندار على مواضيع متعددة منها "الكوارك"، وهو جسيم أولي، والجزيئات التي يحدث بينها التفاعلات المختلفة لتعطينا نتائج مختلفة لهذه التفاعلات، لم تكن معروفة سابقًا، وتحقق اكتشافًا جديدًا.

تعلق: "كلما تعمّق الإنسان أكثر في علم الفيزياء، سيكتشف في كل مرة شيئًا جديدًا، ويكتشف معه عظمة هذا الكون وعظمة خالقه، فيه جانب روحاني كبير وجانب علمي أيضًا".

نالت الخزندار العديد من الجوائز المحلية والدولية، وحصلت على عضوية أكاديمية العالم للعلوم والتكنولوجيا لتطوير العلوم في الدول النامية، وهي عضوة مؤسسة في منصة النساء في العلوم، ممثلةً عن فلسطين.

النساء في العلوم، هي منصة مقرها إيطاليا، تهتم بتشجيع النساء في دول آسيا، وأفريقيا، وأمريكا الجنوبية، على المشاركة في العلوم من خلال تقديم المنح الدراسية الكاملة، للمتميّزات منهن، وكذلك تقديم الدعم المالي لأبحاثهنّ، إضافة إلى مسابقة سنوية لأفضل بحث علمي.

تكمل: "لاحظت المنصة تناقص إقبال الفتيات على دراسة التخصصات العلمية في كل دول العالم، وخاصة الدول النامية، لذا أُسست هذه المنصة لتشجيعهن"، وفي فلسطين، حصلت العديد من النساء على فرص إجراء أبحاث، وفرص للدراسات العليا.

وعزت الخزندار ضعف إقبال الفتيات، إلى ضعف قدرتهن على المزاوجة بين الأعمال المنزلية والعمل العلمي، "وهناك الكثيرات ممن يرغبن في الحصول على وظائف أكثر راحة، بسبب الأدوار الإنجابية" تقول.

وتردف: "في فلسطين تبدو الظروف معقّدة أكثر بسبب تبعات الاحتلال الإسرائيلي، وحصار قطاع غزة تحديدًا، الذي جعل فرص العمل محدودة وكذلك ضعف القدرة على الاستفادة الجيدة من هذه العلوم المهمة".

ورغم تأكيد الخزندار أن نسبة الفتيات الحاصلات على معدلات تزيد على 90% في الثانوية العامة مرتفعة، إلا أن الإقبال -كما ترى- على تخصصات الفيزياء والهندسة الكهربائية ظلّ ضعيفًا جدًا، "ليس فقط مقارنة بالتخصصات التربوية، بل أيضًا مقارنة بالتخصصات العلمية الأخرى، التي يمكن أن تتوفر لها فرص عمل أفضل، رغم حاجتنا الكبيرة لفتيات يدرسن الفيزياء والهندسة الكهربائية" تكمل.

وأضافت: "في موضوع الهندسة الكهربائية، هناك سوء فهم لدى كثير من العائلات، بأن الفتيات سوف يصعدن فوق عمود الكهرباء، وهذا غير صحيح، فهذا مجال فنيي الكهرباء، أما المساحة التي يدرسنها فهي إدارة المصادر، والتحكم بالأجهزة، وكيفية ضبط موجات الاتصالات، وغير ذلك".

ويبدو الاهتمام بالبحث العلمي لدى النساء قليل، مقارنةً بما يُنشر للذكور مثلما توضح الخزندار التي تزيد بلهجة عتب: "ليس فقط على مستوى الاهتمام بأبحاثهن، بل حتى على مستوى المناصب العلمية التي غالبًا ما تكون من نصيب الذكور" متسائلةً: "كم مرة رأينا رئيسة تحرير مجلة علمية امرأة؟ كم مرة سمعنا عن عميدة كلية علمية، أو رئيسة جامعة؟ (..) هناك حالة تشعرنا أن النساء مهما تميّزن فإن هذه المناصب يتقلّدها الذكور".

لكنها شعرت ببارقة أمل حين انضمت للمجلس الاستشاري لسلطة الطاقة، وأخبروها بأن هناك اهتمام بوضع نتائج أبحاثهن، وحتى أبحاث الطلبة، موضع التطبيق للاستفادة منها.

في نهاية لقائها مع "نوى"، وجهت الخزندار نصيحتها للفتيات، فقالت: "أقبلن على دراسة ما ترغبن به، وتشعرن بأنه سيكون لديكن تميزًا فيه"، مناديةً الجامعات لفتح قنوات التواصل مع طلبة المدارس،  لتعريفهم بأهمية التخصصات العلمية، خاصةً تلك التي يفتقر لها سوق العمل.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير