شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م03:20 بتوقيت القدس

النباتيون يعقدون صلحًا مع البيئة

01 فبراير 2023 - 13:49

غزة:- شبكة نوى

منذ صغرها لا تتناول إسراء حميد لحوم الحيوانات، وتكتفي بما تجود به الأرض من خضار وفواكه، ولطالما رأت في مشاهد الذبح العنيف انتهاكات مرعبة للمشاعر، وهو ما جعلها واحدة من النباتيين والنباتيات الذين يكتفون بها في وجباتهم الغذائية.

إسراء هي واحدة من النشطاء في مجال حقوق الحيوان والبيئة، حملت منذ صغر أسباب أخلاقية لرفض أكل اللحوم، سرعان ما تحوّلت إلى صحية وبيئية أيضًا، وأصبحت تبتعد كليًا عن كل شيء حيواني المنشأ، بل إنها عبر حسابها على انستغرام تستثمر "اليوم العالمي للنباتيين" الذي اعتمدته الجمعية النباتية في أمريكا الشمالية عام 1977م للفت الانتباه تجاه البيئة والتوعية الأخلاقية في الأول من فبراير كل عام، فرصةً للتعريف بأهمية النمط النباتي.

شبكة نوى، فلسطينيات: إسراء:هناك أسباب بيئية تجعلنا نبتعد عن تناول اللحوم متعلقة بظاهرة الاحتباس الحراري

تقول إسراء لنوى :"أيضًا هناك أسباب بيئية تجعلنا نبتعد عن تناول اللحوم متعلقة بظاهرة الاحتباس الحراري والمساحات الخضراء الشاسعة التي يتم القضاء عليها لإقامة مصانع منتجات الحيوانات بغرض الاستهلاك البشري، هذا غير الأسباب الصحية التي تجعلنا نؤمن أن النباتات أـفضل".

البيئة؟ قالتها الشابة دعاء عيسى "26 عامًا" وصمتت للحظة :"بصراحة لم أفكر في الأمر من قبل؛ أنا نباتية في نظامي الغذائي منذ الصغر وأشعر أنه مريحٌ أكثر لصحتي ولمعدتي التي لا تشكو التلبّك كما يحدث مع الكثيرين ممن يعتمدون النظام التقليدي".

دعاء: أعتمد على الخضراوات والفواكه بشكل يومي، واحتياجي لطبخ البقوليات التي أستمدّ منها العناصر الغذائية لن يجعلني أستخدم النار كثيرًا

"ولكن لم لا"، تستدرك دعاء :"فأنا أعتمد على الخضراوات والفواكه بشكل يومي، واحتياجي لطبخ البقوليات التي أستمدّ منها العناصر الغذائية لن يجعلني أستخدم النار كثيرًا، بل ربما هي ربع المدة التي نحتاجها في الطهي العادي".

هكذا إذن بحسبة بسيطة، وجدت دعاء نفسها واحدة من 18% من النباتيين والنباتيات على مستوى العالم، يساهمون لأسباب مختلفة في تخفيض تلوّث البيئة عبر سلوكياتهم وثقافتهم الغذائية، وفقًا لاعتقاد الكثير منهم.

الحديث عن النباتيين والنباتيات دفع الخبير البيئي د.أحمد حلّس لسرد إسهامهم في الحفاظ على البيئة بحماسة، فالإنتاج الحيواني ومشتقاته من أجبان وألبان يستنزف طاقة هائلة أضعاف ما تحتاجه المنتجات النباتية.

مثال صغير- يقول حلس- فإن طهي كيلو من اللحم يستغرق ساعتين بينما هي 10 دقائق بالنسبة لطهي الخضار، ولنا القياس على ذلك باقي المنتجات، فحتى تربية المواشي يطول الحديث فيها، فإن إنتاج كيلو من اللحوم يستنزف مياهًا وتربة وأسمدة وأكسجين، وهو العكس بالنسبة للنباتات التي تزوّد النظام البيئي بالأكسجين وتسحب ثاني أكسد الكربون.

حلس:طهي كيلو من اللحم يستغرق ساعتين بينما هي 10 دقائق بالنسبة لطهي الخضار، ولنا القياس على ذلك باقي المنتجات

من أجل ذلك، وضع خبراء بيئة تطبيقًا إلكترونيًا بوسع كل شخص استخدامه وحساب كم يستهلك من وقود ولحوم وغيرها لتظهر مدى مساهمته في تغيّر المناخ من خلال سلوكه- وفقًا لحلس- ومن ثم يبدأ التطبيق باقتراح البدائل السلوكية، وهذا مهم فهناك أناس نباتيون بشكل متشدد لدرجة أنهم لا يستخدمون في حياتهم أي شيء مصدره حيواني، ويطلق عليهم اسم "الفيجن".

في الصورة المرفقة- والقول لحلس- يتضّح الفرق بين إنتاج كيلو من البندورة مقارنة بكيلو من اللحوم، فبينما تحتاج اللحوم إلى 15 ألف لتر من الماء وتستنزف أكسجين وتلوّث التربة، فإن كيلو من البندورة يحتاج إلى 5-6 لترات ومنها نعيد حرثها في التربة وتنتج الأكسجين، إذن فالنباتات تستهلك الموارد بالحد الأدنى.

وفي الصورة اللاحقة يتَضح حجم الهدر الناتج عن تحضير اللحوم وكمية الغازات التي تنتج عنها، الكثير من المنحنيات والمؤشرات المهمة التي توضّح كيف أن النظام النباتي أكثر حفاظًا على البيئة، فكيلو من اللحوم ينتج عنه 25 كيلو من ثاني أكسيد الكربون الذي هو أساس تغير المناخ والضغط الجوي والاحتباس الحراري، وغيرها من الظواهر الناتجة عن سلوكنا البشري.

فالنباتيين والنباتيات ليس فقط يساهمون بنظام بيئي أفضل؛ بل هم يتمتّعون بصحة جيدة وفقًا لخبيرة التغذية ميرفت حمّاد، على أن كلا النظامين "النباتي والتقليدي" فيهما بعض الجوانب السلبية وإن كانت أقل لدى النباتيين.

حماد:النباتيون نظامهم الغذائي منقوص كونهم يفتقدون إلى فيتامين b12 والزنك والحديد

تقول حمّاد: "هناك دراسات تقول أن النباتيين والنباتيات يعيشون عمرًا أطول ولا تظهر علامات السن بسرعة، إلا أن نظامهم الغذائي منقوص كونهم يفتقدون إلى فيتامين b12 والزنك والحديد وهي غير موجودة سوى في المشتقات الحيوانية، لذا يُنصحوا بتناول مكملات غذائية".

وللنباتيين عدة تصنيفات، فهناك من يعتمدون النظام النباتي بالكامل، ولا يقبلون على أي شيء من مشتقات الحيوانات حتى في ملابسهم، وهؤلاء الأكثر تشددًا، ولكن هناك شبه نباتي أو نباتي جزئي، وهم يدخلون بعض المشتقات الحيوانية في نظامهم الغذائي-وفقًا لحماد.

كثيرة هي الأسباب التي تدفع النباتيون لمقاطعة لحوم الحيوانات، -والقول لحماد- فبعضهم يحملون معتقدات أخلاقية ترفض الذبح، وآخرون لأسباب بيئية أو صحية، ولكن بكل الأحوال يبقى نظامًا صحيًا يُنصح به ولو جزئيًا لمرضى الضغط والسكري لما له من انعكاس على الصحة.

أما أصحاب النمط الغذائي التقليدي، بالطبع يستفيدون من البروتينيات الموجود في الحيوانات ومشتقاتها- تقول حماد- إلا أنهم غالبًا يتّبعون نمطًا عشوائيًا فيتناولوا الطعام دون حساب الكمية التي يحتاجها الجسم، فالفرد العادي يحتاج ما بين 8. إلى 1 جرام بروتين، وكربوهيدرات كونها تزود الجسم بالطاقة، لكن ما يحدث يعرّض الناس لزيادة الوزن وما ينتج عنه من مشاكل صحية مثل السكر والضغط والسرطانات والأمراض المتعلقة بزيادة الوزن وسوء التغذية.

وتنصح حماد الجميع باتباع نمط غذائي معتدل، فالجسم يحتاج إلى كل العناصر الغذائية، والوجبات يجب أن تكون موزعة بشكل جيد، وعدم الأكل قبل النوم، وتعديل النظام الغذائي فورًا عند الشعور بزيادة في الوزن والتركيز على الأطعمة الغنية بالألياف وشرب المياه حفاظًا على الصحة والجهاز الهضمي.

هنا في قطاع غزة المحاصر منذ 15 عامًا، ثمة أناس قرروا أن يكونوا نباتيين ويتمتعوا بصحة أفضل وفقًا لاعتقادهم، وحاولوا ولو بمساهمة بسيطة أن يكون متصالحين مع النظام البيئي، عزيزي القارئ عزيزتي القارئة، هل تفكر ولو لفترة بسيطة خوض التجربة معهم ولو لأيام!!

كاريكاتـــــير