شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م00:28 بتوقيت القدس

وسط دوامة التضييق وشح التمويل

فلسطينيات 2022.. "المواجهةُ بالمُتاح"

02 يناير 2023 - 12:08

غزة- رام الله:

"كانت تجربة غزيرة بالمعرفة، كنتُ فيها المدرّب الذي يتعلم كل يوم درسًا جديدًا ولا يمل" يقول المدرّب في فن المناظرات محمد أبو دون لـ"نوى"، ويُكمل: "لم أكن أتخيّل أن تكون هذه التجربة، أفضل ما حصل معي في عام 2022م".

ما قاله محمد، أعقب دوري المناظرات الأخير، الذي عقدته "فلسطينيات" خلال ديسمبر/ كانون أول الجاري، على مستوى الجامعات الفلسطينية -بشكلٍ منفصل- في كلٍ من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما لم يكن ليحدث لولا إصرار المؤسسة على المضي قدمًا ببرامجها، رغم مرارة الواقع الذي تواجهه مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين، البالغ عددها نحو 4616 منظمة، بواقع 42% في الضفة، و31% في غزة.

عامٌ صعبٌ عايشَته مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين عام 2022م. التضييق الإسرائيليُّ على العمل، وشُحّ التمويل الناجم عن الأزمة الروسية الأوكرانية، والتضييق الأمني الداخلي، كانت أسبابًا كافية لتوقف عددٍ منها عن تقديم برامجه، وهو الأمر الذي لم يكن واردًا في خطة عمل "فلسطينيات"، التي كان خيارها الوحيد أمام هذه الموجة العاتية: "المواجهةُ بالمُتاح"، وذلك عبر برامجها المُقرّة: شبكة نوى، نادي الإعلاميات، الرعاية الذاتية، ونادي مناظرات فلسطين.

الإعلاميات يتحدثن (7)

مرّ العام قاسيًا على الصحافة الفلسطينية، عندما انتصف على فاجعة! استُشهدت شيرين أبو عاقلة، وتبعتها غفران وراسنة، وأصيب عشرات الصحفيين والصحفيات ممن عايشوا انتهاكات الاحتلال المُرة، في واقع حياتهم الشخصية، والمهنية على حدٍ سواء.

الصحافيات، كُن العنوان الرئيس لمؤتمر "فلسطينيات" الأخير (الإعلاميات يتحدثن 7)، حين وُضعت معاناتهن تحت المجهر، في ظل انتهاكاتٍ إسرائيلية متفاقمة، وواقع نقابيٍ متحجر، لم يتزحزح بانتخاباتٍ جديدة منذ نحو عقدٍ من الزمان.

"الصحافيات الفلسطينيات في مواجهة الفضاءات المتقلصة"، العنوان العريض للمؤتمر، الذي عُقد هذا العام على ثلاث جلسات.

عُقدت الجلسة الأولى في مدينة غزة، تحت عنوان "فضاء رقمي آمن للنساء"، تبعتها جلسة ثانية في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، تحت عنوان: "التغطية الميدانية.. حقول ألغام لمن تجرؤ"، في حين حملت الجلسة الختامية، التي كانت مشتركة بين الضفة وغزة، عنوان: "أي نقابة تريد الصحافيات الفلسطينيات؟"، وخلُصت إلى ضرورة إشراك الكل الصحفي في تعديل النظام الداخلي لنقابة الصحافيين، قبل انعقاد المؤتمر "الاستثنائي" الذي يفترض أن يناقش هذا النظام.

الجلسات الثلاث، شددت على أهمية تأكيد دورية الانتخابات، وزيادة نسبة تمثيل النساء في الهيئات القيادية للنقابة إلى 40%، والتدخل الإيجابي لصالح الصحافيات، بالإضافة إلى رفع الوعي المجتمعي تجاه قضايا الابتزاز الإلكتروني التي تتعرض لها النساء عمومًا، وتسليط الضوء على قصص الناجحات في مواجهتها.

وأوصى المؤتمر بضرورة التواصل مع الصحافيات في المخيمات والقرى والمناطق المهمشة، وعقد تدريبات متعلقة بالسلامة المهنية، وتوفير معدات السلامة لهن في أوقات التغطية، ودعمهن، ودفعهن لدعم بعضهن البعض، مؤكدةً على الالتزام بأخلاقيات المهنة عند التغطية الصحفية، وعقد تدريبات مكثفة في هذا النطاق.

مبادرة فلسطينيات 2022م

وعلى صعيد إنجازاتها لعام 2022م، أعادت "فلسطينيات" طرح مبادرة نادي الإعلاميات الفلسطينيات لإصلاح الجسم النقابي، للمرة الرابعة، بعد ثلاث مرات سابقة في الأعوام، 2012م، 2016م، و2019م، وناقشتها مع الكتل والأطر الصحفية، متبوعة بتوصية من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، بضرورة تعديل النظام الداخلي لنقابة الصحافيين قبل إجراء الانتخابات.

وتؤكد مبادرة 2022م، على سبع مبادئ أبرزها: تمتين نقابة الصحفيين، والحق "الفردي" لكل صحفيةٍ وصحفي بالانتساب لها، وتعزيز استقلاليّتها بإخراج الصحفيين من دائرة الاستقطاب السياسي، ودورية الانتخابات وانتظامها، والتدخل الإيجابي لصالح الصحفيات، والالتزام بميثاق أخلاقيات المهنة، وجبر الضرر الذي قد يصيب الصحفيين في مؤسساتهم، وأثناء التغطية.

وطرحت المبادرة بنودها عبر أربعة محاور، أولها تشكيل لجنةٍ مستقلّة للإشراف على عملية انتخابات النقابة، بمهام محددة في المبادرة، وفتح ملف العضوية، وإشراف اللجنة المستقلة إلى جانب اللجنة المركزية للانتخابات على انتخابات النقابة، التي ستُعقد بشكلٍ متوازٍ في الضفة والقطاع، على قاعدة التمثيل النسبي الكامل، وهو ما لاقى ترحابًا من قبل نقابة الصحفيين، والكتل والأطر الصحفية كافة.

شبكة "نوى"

وعلى صعيد شبكة "نوى"، البرنامج الإعلامي للمؤسسة، فقد واصلت الشبكة النسوية خطّها التحريري الداعي لخطابٍ نسوي مغاير، ومعالجة شاملة لكافة قضايا المجتمع برؤية صحفية نسوية، سعيًا لتحقيق العدالة الاجتماعية، بإفراد مساحات أوسع للنساء، لا سيما الصحافيات منهن.

جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وقضايا المرضى، والجرحى، والعلاج المتأخر، وذوي الإعاقة، وهموم الشباب، والقضايا السياسية من انقسامٍ، واحتلالٍ، وغيرها، كلها كانت ضمن الموضوعات التي عالجتها "نوى" عام 2022م، من خلال أكثر من 500 مادة، أعدّها طاقم الشبكة، بالإضافة إلى الصحافيات الكاتبات بالقطعة، بالتعاون مع صحافيات نادي الإعلاميات، وهو ما ساهم في توفير فرص عمل متفرقة للكثير من العاملات بشكلٍ حر.

وللتحقيقات الاستقصائية نصيب على شبكة "نوى"، حيث نُشرت العديد من التحقيقات، وأهمها: "كرم أبو سالم" بوابة مخدرات لغزة، وفتح الشوارع بغزة.. تعويضاتٌ مؤجلة وقانونٌ "مُتَهالك"، بالإضافة إلى تحقيقين أعدهما طاقم "نوى" بالشراكة مع الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، وكان لهما صدىً كبيرًا على المستوى المحلي: نساءٌ تحت بند الحاجة.. انتهاك خصوصية في جمعيات خيرية، وأكاديميون خانوا الأمانة.. خفايا من قلب الحرم، واللذان اتخذت بعدهما خطوات إجرائية واضحة من قبل الجهات المختصة لأجل تعديل البوصلة، وإعادة ترتيب الوضع الداخلي في المؤسسات المستهدفة بالبحث.

نادي مناظرات فلسطين

وبالنسبة لبرنامج نادي مناظرات "فلسطينيات"، الذي تنفذه المؤسسة بالتعاون مع مركز "أولف بالمة" السويدي، فقد ارتفع عدد الجامعات المشارِكة في التدريب إلى 10 في الضفة الغربية، و8 في قطاع غزة.

ومع تزايد إقبال الجامعات على الالتحاق بنادي المناظرات، وخوض تجربة التناظر كأسلوب حواري قائم على الحجة والبرهان، ازداد وعي الشباب المشاركين -وفقًا لأحاديث تقيييمة أُجريت معهم- بضرورة تقبّل الرأي الآخر، ما يُثبت نجاعة تجربة المناظرات مع دخولها العام السابع.

في الضفة الغربية حيث بدأ التدريب أولًا بالشراكة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، تم تنفيذ مخيم تدريبي للجامعات العشر، بحضور 60 طالبًا من الجنسين، لتحصد جامعة القدس "اللقب"، بعد ثلاث جولات من المناظرات، متجاوزة بذلك جامعة النجاح الوطنية.

وفي قطاع غزة، عقدت "فلسطينيات" مخيمًا تدريبيًا على مدار 3 أيام، بمشاركة 60 طالبًا أيضًا، وبعد ثلاث جولات تناظرية حصدت جامعة الأقصى اللقب متجاوزة جامعة القدس المفتوحة.

وتعقيبًا على ذلك قالت المديرة العامة وفاء عبد الرحمن: "إن كل فريق شارك في الدوري، يستحق الوصول إلى الجولة النهائية، وكل المتناظرين والمتناظرات على السواء قدموا أداءً متميزًا".

من

وسبق تنفيذ تدريب المناظرات، عقد اجتماعٍ حول برنامج "مناظرات فلسطين" الذي أطلقته المؤسسة قبل تسع سنوات، بحضور ممثلي الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، ذلك بهدف تعزيز الشراكة مع الجامعات المشاركة، ومناقشة تجربة المناظرات، وترتيب وتطوير أولويات العمل خلال العام الحالي.

التدريبات

وعلى صعيد التدريبات، أنجزت "فلسطينيات" هذا العام، أربع دورات تدريبية في قطاع غزة، اثنتان منهما حول إعداد وإنتاج القصة الرقمية، والثالثة في مجال إنتاج الانفوجرافيك، والرابعة في مجال البودكاست.

في تدريب إنتاج القصة الرقمية، استُهدفت مجموعتان، الأولى شاركت فيها 20 صحافية من قطاع غزة، والثانية شارك فيها 20 صحافيًا وصحفية من الخريجين والخريجات.

وتضمن التدريب، شرحًا حول التصوير عبر الهاتف المحمول والأدوات اللازمة لنجاعته، وبدائل التصوير، والزوايا، وكيفية التحضير للقصة، ومونتاج برنامج "كاين ماستر".

أما في تدريب "الانفرجرافيك"، فقد تعرفت 20 مشاركة على الانفوجرافيك الثابت والمتحرك، والفرق بينهما، وإنتاج الرسم البياني، والفيديو جرافيك، والبرامج اللازمة لذلك.

"البودكاست" أيضًا كان تدريبًا نوعيًا آخر، نفذته "فلسطينيات" بمشاركة 20 صحافية من العاملات في الحقل الإذاعي، تعرّفن فيه على مفهوم "البودكاست"، وأهميته، وأنواعه، والأدوات التسجيلية اللازمة له، وقوالب التقديم، وهوية المستمعين، والمونتاج، والإخراج لمواده، ومنصات النشر.

جلسات التوعية

وكانت "فلسطينيات" أطلقت قبل عامين، مشروع "بيئة حامية من العنف وداعمة لحرية التعبير"، بالتعاون مع المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات، نفذت خلاله العديد من الأنشطة التدريبية وورشات العمل والجلسات الحوارية، ومناظرتين، إلى جانب صفحة إلكترونية في "فيس بوك" تدعو لنشر قيم التسامح.

في هذا العام، نفذت "فلسطينيات" جلسات توعية حول خطاب الكراهية في الفضاءات المختلفة، وذلك بالتعاون مع 6 جامعات فلسطينية في الضفة الغربية، وقطاع غزة.

وعُقدت الجلسات في جامعة بولتكنيك الخليل، والجامعة الأمريكية في مدينتي رام الله، وجنين بالضفة الغربية، وفي جامعة غزة، وجامعة القدس المفتوحة، وجامعة فلسطين بقطاع غزة.

واستمرارًا لجهودها المجتمعية في رفع خطاب نسوي بديل يناهض خطاب الكراهية، شاركت "فلسطينيات" هذا العام في "ماراثون فلسطين الدولي"، الذي أقيم في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، وذلك لاستثمار هذا الحدث الرياضي المهم، الذي يشارك فيه أكثر من 10 آلاف مشاركةٍ ومُشارك، من أجل إيصال رسائل رافضة لخطاب الكراهية، تحت شعار "رياضة ضد خطاب الكراهية"، رفعوا خلاله يافطات تطالب بنشر مفاهيم التسامح والمحبة عوضًا عن القيم السلبية.

برنامج الرعاية الذاتية

ولأن العام الحالي، شهد تصاعدًا للعدوان الإسرائيلي على المدن الفلسطينية، كان للصحافيين والصحافيات نصيب الأسد في الخبرات الصادمة التي عايشوها خلال التغطية.

"فلسطينيات" حملت على عاتقها ومن خلال برنامج "الرعاية الذاتية"، تقديم إسعاف نفسي عاجل لهم بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، فنفذت مجموعة من جلسات "التفريغ النفسي"، التي شارك فيها نحو 180 صحافيًا وصحافية، كما أصدرت دليل الرعاية الذاتية والنفسية للعاملين والعاملات في القطاع الإعلامي، بتمويلٍ "يونسكو" أيضًا.

تضمن الدليل الإرشادي الذي أعدّته المنشّطة هداية شمعون، والمعالج النفسي باستخدام الفنون د.فتحي فلفل؛ تعريفات حول الضغط النفسي وأسبابه، وكيفية التعامل مع الضغوط المختلفة، إلى جانب مجموعة من التمارين التي تساعد في تخفيف الضغوطات والرعاية الذاتية.

الأيام الدراسية

وعن الأيام الدراسية، فقد نظمت المؤسسة بالتعاون مع جامعة الإسراء بمدينة غزة، يومًا دراسيًا بعنوان "حضور المرأة الفلسطينية في البيئة الرقمية.. الواقع والتحديات"، بمناسبة الثامن من آذار، الذي يوافق اليوم العالمي للمرأة، بحضور مجموعة من طلبة وأستاذة الجامعة.

وخلال اليوم الدراسي، قُدّمت ثلاث أوراق عمل، الأولى للباحثة هداية شمعون، وقدمتها الإعلامية رولا عليان بعنوان "إشكاليات الإعلاميات الفلسطينيات في البيئة الرقمية"، والثانية للإعلامية حنان أبو دغيم بعنوان "نحو محتوى رقمي حساس للنوع الاجتماعي"، والثالثة للإعلامية بسمة الكرد من مركز الإعلام المجتمعي بعنوان "الأمان الرقمي وأهمية تعزيز الوعي والحماية للشابات".

ونظمت "فلسطينيات" يومًا دراسيًا حول "واقع التشريعات الفلسطينية في البيئة الرقمية"، دعَت خلاله إلى مراجعة القوانين والتشريعات الفلسطينية التي تخص النشر والمطبوعات، وما تضمنته من مواد تحد من الحرّيات الإعلامية، وتفرض القيود على العمل الصحفي.

ورشات وجلسات

وخلال عام 2022م، نفّذت "فلسطينيات" العديد من الجلسات الحوارية، أبرزها لقاء مع الإعلامي قاسم قاسم حول "صناعة الإعلام في الأزمة الأوكرانية مقارنة بالحالة الفلسطينية".

وعقدت "فلسطينيات" لقاءً بعنوان "تجربة إعلامية"، استضافت خلاله الصحفية لانا شاهين، التي تحدثت عن تجربتها في مجالات العمل الصحفي، وصناعة المحتوى، والفن التشكيلي.

كما استضافت الإعلامية هداية شمعون للحديث في جلسة بعنوان "الفساد المبني على النوع الاجتماعي".

وعُقدت جلسة حوارية أخرى بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في بداية أغسطس، بعنوان "التحديات الداخلية التي تواجهها المؤسسات الإعلامية منذ بداية عام 2022م"، استضافت فيها الناطق باسم وزارة الداخلية إياد البزم، لمناقشة العقبات الداخلية التي واجهت الصحافيين خلال تغطية الأحداث في العام الحالي.

ورغم صعوبة وقسوة الواقع، إلا أن "فلسطينيات" أخذت على عاتقها مجددًا، مواصلة الجهود لبقاء باب الاستكتاب للصحافيات مفتوحًا، ولعقد المزيد من الجلسات التوعية التي تهدف أولًا وأخيرًا إلى الرقي بفكر المجتمع حول القضايا المختلفة، ولتنظيم المزيد من الجلسات الحوارية مع المسؤولين لتحسس وجع الشارع، ومواصلة العمل على مبادرة نادي الإعلاميات، وصولًا إلى تشكيل جسمٍ نقابيٍ منتخب، يمثل جميع الصحافيين، ويضمن عدالة التمثيل للصحافيات في كافة أطر وهيئات النقابة.

كاريكاتـــــير